ولدت سهير المرشدي في مدينة طنطا في 21 أيلول (سبتمبر) 1946، واسمها الحقيقي سهير رشدي منتصر. نشأت تنشئة دينية، ثم انتقلت العائلة إلى القاهرة لتسكن حي الحلمية الجديد، ثم التحقت بمدرسة الحلمية الثانوية للبنات، وبعدها بالمعهد العالي للفنون المسرحية. وبعد تخرجها تزوجت من الفنان كرم مطاوع وأنجبا ابنتهما الفنانة حنان مطاوع. وكانت بدايتها في مسرحية «الأميرة العمياء» وحصلت على شهادة تقدير أثناء بدايتها في المسرح المدرسي، وبعد أن تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية أصبحت عضواً في المسرح القومي وحصدت العديد من الجوائز من المهرجانات المختلفة خصوصاً جائزة مهرجان « قرطاج» المسرحي في تونس حيث حازت وسام الفنون والآداب، كما انتخبت رئيسةً لمجلس إدارة جمعية أنصار التمثيل والسينما في مصر، والتي تقيم صالوناً فنياً مساء الأربعاء أسبوعياً في مقر الجمعية خصوصاً أنها تفرغت كثيراً للعمل العام في الفترة الأخيرة. وتقول المرشدي إن من أصعب أدوارها في مشوارها الفني، هو دور سالومي في مسرحية «رقصة سالومي الأخيرة» الذي كتبها محمد سلماوي وقدمتها على خشبة المسرح القومي، «هو دور صعب جداً وكان لدي وعي بكمية الشر الذي تنتمي إليه سالومي، والشر من خلال التلفزيون أو السينما يأتي في مشاهد على فترات متباعدة بعيداً من الاندماج فيه مثل المسرح، ولأنني كنت أعيش الشخصية في البروفات وعلى خشبة المسرح 5 ساعات يومياً، كانت سالومي الشريرة القاتلة الراقصة الشرسة المتغطرسة الإمبراطورة التي تتجاوز في إحساسها بذاتها « إلى درجة أنها تقول: أنا معبودة الرومان». وتتابع الحديث عن سالومي: «كانت تحتوي على كم من التطاول والتطاوس والغرور والإحساس بالأنوثة وبالذات في شخصية واحدة وكانت ديكتاتورة. فكان دوراً قاسياً وشرساً، وكنت لا أحبه على المستوى الشخصي لكن على المستوى الفني استفزني واخرج كل الطاقات الكامنة بداخلي، وهذا الاستفزاز ينبثق من أنني أمام قيمة وإطار تاريخي وإطار ديني ونفسي وسياسي جعلني أتصدى لهذه الشخصية، وكان صعباً على أي فنانة أخرى أن تجسد هذه الشخصية التي جسدتها للمسرح بعشق شديد». وتوضح المرشدي أن سر غيابها في السنوات الأخيرة عن المسرح هو عدم وجود النص المسرحي الذي يستهويها أو الذي يناقش قضية تكون سعيدة بطرحها و تسمح الظروف بتقديمها على خشبة المسرح المصري «ليس هناك نصوص من الممكن أن تحتويني أو تمثل إضافة الي ولمشواري الفني. وفي الحقيقة أنني احترم نفسي واحترم فني وابتعد مثل كبيرات الفنانات عندما لا أجد عملا جيداً». وعن سبب تقديم عروضها على مسرح الدولة فقط تجيب: «تربيت على هذا المسرح وبخاصة المسرح القومي، والفن لدي مرتبط بالعلم وأنا بنت المسرح المدرسي وعندما كنت طالبة علم اكتشفني المسرح المدرسي، وبعد ذلك أصبحت أول فنانة في أسرتي، لأنني كنت ضد نواميس الأسرة كلها وقررت أن أصبح فنانة في عائلة لها باع كبير في الدين، وكان لا بد من اللجوء إلى البوابات الشرعية وهي العلم والمعرفة ووقتها كنت أعرف العلم واكتشفوني في المسرح المدرسي فأحببت الفن والتحقت بأكاديمية الفنون فارتبطت بالفن أكثر، فالفن لدي مدرسة واحترام وثقة وثقافة ووعي، وكان أقرب المنابر التي من الممكن أن ارتبط بها هو منبر الدولة، وهذا كان متاحاً أمامنا، إذ كان يقدم المسرح العالمي والمسرح المحلي، وفيه الناس الذين أحببتهم وتتلمذت على أيديهم مثل عبدالرحمن الشرقاوي». وتضيف: « سعد أردش أول مخرج يخرج لي بطولة مطلقة على مسرح الدولة في المسرح القومي من خلال رواية لرشاد رشدي، وبعد ذلك عملت مع حمدي غيث ثم نور الدمرداش من خلال «الزوجة الثانية» ثم «معروف الاسكافي»، وتوالت الأعمال مثل «النسر الأحمر» لعبد الرحمن الشرقاوي و «الحب في حارتنا» و «جواز على ورقة طلاق» و «روج الفرج» و «ايزيس» وكان قبل ذلك المسرح الحر الذي حببني بالمسرح الجاد عندما قدمت دور حميدة في «زقاق المدق» لنجيب محفوظ وهي مسرحية مهمة لا يستهان بها وهذا سر ارتباطي بمسرح الدولة. وقدمت أيضاً مسرحيات مهمة مثل «حدث في أكتوبر» و «يوم من هذا الزمان» تأليف سعد الله ونوس التي قدمتها على مسرح السلام و «فكر مرتين» على مسرح الغد». وتشدد على أنها لم تكن لديها خلافات أو خصومات مع أحد طوال عمرها الفني، فكل علاقتها بالوسط الفني وبزملائها هو العمل الفني. وعن دور الناقد الفني في دعم الفنانة تقول المرشدي: «لا بد للناقد من أن ينقد من أجل البناء وليس التدمير وأنا أغار على الوسط الفني والمسرح المصري والصحافة المصرية، لأن هناك بعض الناس لا يفهم لا في النقد ولا في أي شيء، ويشعر بأنه عندما يخالف الواقع والحقيقة يكبر أكثر وأكثر. لا بد من أن يكبر الناقد بنقده وقيمته، وأنا أرى أنني كلما قدمت عملاً فنياً كل 5 سنوات وفيه قيمة تشكل إضافة فهذا هو النضج الحقيقي، وحتى الصمت الخاص بالفنان هو صمت المعاناة». وتشدد المرشدي على أن أول ليلة عرض لها على المسرح هي مثل آخر ليلة عرض تماماً: «أنا من الفنانات اللاتي كن يحرصن على نضج المسرحية من خلال البروفات حتى لو استمرت البروفات لمدة سنة». وتتابع: «أنا شخصياً كنت أبذل مجهوداً على خشبة المسرح لا توجد ممثلة أخرى تستطيع أن تبذله، لأنني كنت عاشقة للمسرح، وكان الناقد المسرحي الكبير الراحل الدكتور علي الراعي يقول لي: «إنني أراك ستقدمين هذا العرض وستموتين بعده. اجعلي مخزوناً لغد وبعد غد». فضحكت لأنني من أول مشهد أقدمه أضع لنفسي مستوى من المستحيل أن أتنازل عنه، ولذلك لا بد من أن يكون المشهد التالي له بالمستوى نفسه أو أعلى، وفعلا أحاول في غيابه أن استحضر كل الكلام الذي كتبه عني كبار نقاد المسرح بخاصة الدكتور الراعي والدكتور القط والدكتور مندور واستحضر كل الكلام واستفيد منه، إنما النقد الذي يقول كانت طويلة على الدور أو ضخمة على الدور أو الملابس أو غير ذلك فهو ليس بنقد». وحددت المرشدي أهم الأفلام في رحلتها السينمائية بقولها: «قدمت ما يقرب من 40 فيلماً للسينما، وعلى رغم أنني كنت نجمة محسوبة على المسرح، كنت اقترب من السينما في حذر شديد، ومن أشهر الأفلام التي قدمتها «القاهرة 30» و «عودة الابن الضال» و «المغنواتي» و «الزوجة الثانية» و «طريق الانتقام» و «اغتيال» و «رغبة متوحشة» و «العشق والدم» و «الخروج من الجنة» و «جزيرة العشاق» و «حكمتك يارب» و «حكاية بنت اسمها مرمر» و «امرأة بلا قلب» و «لحظة خطر».