الفيلم الأفضل من بين ما عرض في مهرجان "كان" الى هذا اليوم ليس عملاً سينمائياً جديداً في الأفلام المتسابقة، وليس فيلماً ينتمي الى أي تاريخ انتاجي قريب، بل هو فيلم صامت من انتاج العام 1925 حققه سيرغي ميخالوفيتش ايزنشتاين باسم: "المدرعة بوتمكن" ويسرد قصة انضمام المدرعة الروسية الكبيرة للثورة التي كانت تنتشر في أنحاء البلاد. فيلم بروباغاندي من الطراز الأول لأن ايزنشتاين كان آنذاك قد بدأ يؤسس نفسه فنان المونتاج الأول في العالم. والكثير من فن المونتاج الذي يطبق اليوم يعمل على أساس ما قام به من منهج اعتمد على خلق الايقاع وايصال الرسالة في المشهد، في الفيلم عبر توليف اللقطات بتميز وتقنية بارعة وحنكة فنية في الاخراج أيضاً.الفرنسي كلود ميلر يقدم في فيلم "صف الثلج" دراما ترتكز على فكرة جيدة: صبي ينعزل بنفسه عن رفاق في معسكر شتوي ليعايش آلامه الناتجة عن أوضاع أسرية وكوابيس تتطلب قاموساً يوزع على مشاهدي الفيلم قبل العرض لتسهيل مهمة فهم دوافع المخرج وأسلوبه وأهدافه. الفيلم الأميركي "خوف وازدراء في لاس فيغاس" لتيري غيليام: رحلة ينشدها صحافي ومحام في أميركا السبعينات، تتخلى عن المعايير الأخلاقية والاجتماعية، لاستحواذ المخدرات. جوني دب في البطولة، وهو نفى أن يكون مدمن على المخدرات لكنه اعترف جرّبها ثم أقلع عنها. الفيلم خزعبلات طائشة كأنما غاية المخرج تحقيق عمل كلاسيكي في اطار سينما البحث عن الهوية في أميركا الحلم الواهي، على غرار فيلم "ايزي رايدر". فيلمان ايطاليان في المسابقة أحدهما يعود الى قضية مضت والثاني يأمل في حياة حاضرة. "الحياة حلوة" للكوميدي روبرتو بينيني يقدم حكاية حب بين يهودي وكاثوليكية في الثلاثينات ثم يستعرض بعد ذلك الحملة الفاشية على اليهود وترحيلهم الى معسكرات التعذيب حيث يحاول بينيني حماية ابنه من فهم قسوة الوضع وتحاول زوجته حمايتهما معاً فتنتهي الى معسكر خاص بالنساء. نبضات آسرة من تلك الفترة المظلمة لكن الفيلم مشتت وموزع بين فترتين كلاهما يبدو معهما فيلماً منفصلاً تم لصقه بالآخر. فيلم ناني موريتي "ابريل" أفضل قليلاً ويدور حول المخرج الممثل موريتي وملاحظاته عن المحيطين الشخصي والاجتماعي. ويرزق ابنه الأول وتنتخب حكومة ايطالية يسارية تناسب توجهاته. فيلم جاد بأسلوب أقرب الى التسجيل قد يجذب اليه فئة المشاهدين التي اعجبها الفيلم السابق "مفكرتي العزيزة" قبل أربع سنوات ويعتبرون ان هذا الفيلم هو جزء مكمّل له. النقاد العرب، ينتظرون مشاهدة فيلم زياد دويري "يا ولاد" أو "غرب بيروت" كما هو عنوان هذا الانتاج الفرنسي - اللبناني الذي من المقرر أن يعرض اليوم. دويري، الذي وصل أول من أمس، أعلن في بيروت أنه عمل بإدارة المخرج الأميركي كوينتين تارانتينو. ومراجعة اللائحة الكاملة لفيلم تارانتينو الأخير "جاكي براون" تؤكد ذلك فعلاً. لكن الموزعين اللبنانيين قد ينشغلون عما قد يحققه فيلم "يا ولاد" من نجاح هنا بهمهم الأساسي وهو البحث عن مجموعة أفلام تجارية ناجحة لتسويقها وهي غاية وجودهم في كان أساساً. مصدر في شركة أميركية قال ان الفيلم المقبل لجان - كلود فان دام وعنوانه "جحيم"، بيع لموزع لبناني ب 145 ألف دولار، ما يعني أن أيام الخمسة آلاف والعشرة آلاف دولار التي كانت تدفع لشراء بعض الأفلام ولت، وأن السوق العربي محموم النشاط.