حذر زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان من ان حزبه سيصعّد العمليات العسكرية وينقلها الى "قلب المدن" التركية اذا لم تستجب انقرة "المبادرة السياسية" التي سيعلنها قريباً بتوسط بعض الدول الاوروبية، مشيراً الى "اتصالات غير مباشرة" تقوم بها دول اوروبية بينه وبين الحكومة التركية. ولفت اوجلان في حديث اجرته "الحياة" في احدى دول الشرق الاوسط، الى وجود "قرار اميركي غير علني" يدعم التوجه السياسي لحزب العمال. وقال ان الاميركيين "سيعترفون قريباً بحالتنا" وب "المكاتب التمثيلية" للحزب في اوروبا. وتابع: "صار وضعنا على الصعيد الدولي مشابهاً لوضع منظمة التحرير الفلسطينية". واكد ان "الاكراد يحصلون على دعم سياسي" من سورية وانه "معجب بالقائد التاريخي حافظ الاسد"، معتبراً إياه "شخصية تاريخية". ونفى اوجلان انه يقيم في الاراضي السورية، واضاف انه اكتشف منذ العام 1993 ان الزعيم السابق في الحزب شمدين صاقيق يحاول "فرض النهج الاستسلامي" في الحزب لذلك كان يستخدمه لتسريب "معلومات مضللة" للجيش التركي. وهنا نص الحديث: كيف ترى وضع حزب العمال على الارض بعد الحملات التركية الاخيرة؟ - الجيش التركي روّج خلال العمليات الاخيرة حملة نفسية ودعايات ومفاهيم خاطئة خصوصاً في الحملتين الاخيرتين في منطقتي قوطان وديار بكر واللتين شاركت فيهما قوات تركية كبيرة جداً باعتراف الاتراك انفسهم. وشارك الجيش الثالث الذي يضم 40 ألف عسكري وبالتعاون مع بعض افراد القرى، ورأس هذه الحملات 24 جنرالاً. كما ساهم في العمليات الى جانب الجيش الثالث، الجيش الثاني التركي وخمسة ألوية من الوحدات الخاصة المدرّبة تدريباً عالياً، اضافة الى مشاة البحرية. كل هذا يعني ان عدد المقاتلين الاتراك تجاوز 300 ألف استخدموا آخر انواع التكنولوجيا المتطورة. ماذا كانت النتيجة بالنسبة الى المقاتلين؟ - في منطقة قوطان على امتداد اشهر من الحملة التمشيطية كانت خسائرنا 45 مقاتلاً. اما بالنسبة الى منطقتي ديار بكر وآمر فلم تصلنا النتيجة النهائية في شكل دقيق. هم يقولون 150 قتيلاً في صفوف حزب العمال الكردستاني، لكن تقديراتنا تقول ان عدد شهدائنا لن يتجاوز ثلاثين شهيداً. كان هدف هذه الحملة التمشيطية دعائياً اكثر من كونه عسكرياً، وكانت مرتبطة بموضوع شمدين صاقيق. القيادي السابق في حزبكم… - كان صاقيق تحت مراقبتنا منذ خمس سنوات اذ كنا نشعر ان هناك شيئاً يدور حوله. وكانت لدينا معلومات تشير الى ان الجيش التركي يحاول من خلال زرع شمدين في صفوفنا جعله رأساً لنهج استسلامي داخل الحزب. لكننا كنا نحاول عبر شمدين افشال مخططات الجيش التركي وتضليله. يثبت كلامنا انه منذ استسلامه شمدين قبل شهر ليس هناك اي من المقاتلين الى جانبه، ذهب وحده اضافة الى اخيه، اي لم يكن له اي اثر. لكنه أدلى باعترافات عن وضع حزبكم وعلاقاته مع سورية؟ - كلها كانت حرباً نفسية، اذ ان الاتراك حاولوا من خلال اتهامنا بموضوع اولف بالمه والدعايات الاخرى اثبات ان شمدين كان الرجل الثاني في الحزب، وانهم ضربوا العمود الفقري للقوة العسكرية لحزب العمال وصفوا الموضوع في شكل كامل. في هذا الاطار جاء خطاب الرئيس التركي سليمان ديميريل عندما زار احدى المناطق الكردية، ليكون مشابهاً لما فعل مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك عندما أحبط الحملة اليونانية في عام 1922 واعتقل جيشه احد جنرالات اليونان. لذلك فإن اتاتورك الجديد ديميريل اراد اعطاء الانطباع ذاته فذهب الى المنطقة التي اشرنا النا وقال ان الضابط الاكبر صار معه وانه دمّر البنية التحتية لحزبنا وانتصر في الحرب المستمرة منذ العام 1984. لكن الواقع يشير الى العكس، اذ ان المسألة الكردية صارت دولية بعدما ترسخت في منطقة الشرق الاوسط. ديميريل قال قبل ايام ان سورية تهيّج العرب ضد تركيا؟ - حاول في زيارته لتونس التقرّب الى العرب. هناك خيانة كبيرة او اساءة كبيرة منه شخصياً ومن دولته الى العالم العربي، فاسرائيل التي تتملص من موضوع السلام تستمد القوة من تركيا، وعندما يزور ديميريل تونس ويهدد دولة مثل سورية معنى ذلك انه يريد فرض الاستسلام على العرب من منظوره. هل تمارس سورية ضغوطاً عليكم؟ - لا بد من توضيح المسألة في شكل عام، اذ انه لا يمكن ان يتفق الاتراك مع العرب. وحركات التحرر العربية كانت على امتداد مئة سنة ضد تركيا، والثورة العربية كانت ضد تركيا الصهيونية التي قامت بحملتين كبيرتين في التاريخ: الاولى عندما بنت "جمعية الاتحاد والترقي" الماسونية الجمهورية التركية، اذ ان مصطفى كمال كان عضواً في المحافل الماسونية بدرجة عالية جداً، والى الآن أي وزير تركي يستلم منصبه يجب ان يكون ماسونياً. وتعود بذور الصراع العربي - الاسرائيلي الى اللحظة التي قامت بها الجمهورية التركية الاولى، وبعد بناء هذه الجمهورية مهد الطريق امام بناء اسرائيل، فكانت تركيا هي الدولة الاولى في العالم الاسلامي التي اعترفت باسرائيل. كانت العلاقات التركية - الاسرائيلية سرية لخمسين سنة لكن اتفاقاتهم ظهرت الى العلن في السنوات الاخيرة، والشيء المهم هو توحّد الاستراتيجيتين التركية والاسرائيلية، ويزور رئيس الاركان التركي اسرائيل كي يوحّدوا هاتين الاستراتيجيتين. هل هناك ضغوط سورية؟ - الاتفاق التركي - الاسرائيلي يضغط على المنطقة ككل، لكن الجبهة الاولى او الخندق الاول بالنسبة اليهم هو سورية. من الجنوب اسرائيل ومن الشمال تركيا. ولنعد الى التاريخ، فالاتراك احتلوا منطقة لواء اسكندرون في 1939 وهو جزء من الاراضي السورية، اذ ان اكثرية عربية تعيش فيه الى الآن وله اهمية استراتيجية لسورية فمساحته اكبر من لبنان واهميته الاستراتيجية تفوق اهمية لبنان ثلاثة او اربعة امثال. والمسألة الثانية هي مسألة المياه، اذ ان الاتراك اقاموا خمسة مشاريع ضخمة على نهر الفرات وزار ديميريل اخيراً سدّ قرقميش على بعد خمسين كيلومتراً من الحدود مع سورية، اي ان تركيا ستكون قادرة في العام الفين على قطع المياه مما يهدد المشاريع الاقتصادية السورية ويهدد سورية بالتصحّر. من الناحية العسكرية تشكل تركيا تهديداً كبيراً لسورية، واعتقد ان مخططاتهم الاتراك تستهدف ضرب الشخصية المقاومة لسورية. هل تعتقد ان سورية، نتيجة لذلك ستوقف دعمها لكم؟ - انه سؤال حساس. الاكراد يقولون ان هناك مستويات عدة لعلاقتنا مع سورية ومع قائد سورية، اما الحديث عن دعم فهذه اكاذيب. انني اعتبر الرئيس حافظ الاسد شخصية تاريخية واحب هذا الزعيم. قبل ان اتوجه الى ساحة الشرق الاوسط كنت معجباً بهذا القائد. بحكم وجود الاكراد في الساحة العربية فان قضيتهم تمسّ العرب، ويؤيدون القضية الفلسطينية. وهم مؤيدون لنا ولنظام الحكم الوطني في سورية. طبعاً تركيا تخاف من هذا التأييد، لذلك تحاول ان تحل مشاكلها على حساب العالم العربي وعلى حساب سورية خصوصاً وتحاول تغطية جرائمها واساءتها الى العالم العربي من خلال الحديث عن ورقة حزب العمال. هل نجحت؟ هل اثرت على سورية؟ في الفترة الاخيرة كان هناك بعض المشوشين. لا اقصد انهم يريدون ضرب علاقتنا بسورية لأن هذه العلاقة غير موجودة، بل ضرب علاقات الاكراد بالعالم العربي. الفرق بيننا وبين الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني اننا بنينا الحالة الكردية مع العمق العربي على اساس الصدق كوننا في خندق واحد، طبعاً ليست هناك علاقة رسمية بل استعملنا العمق كعمق استراتيجي لنا كشعوب، فصار الاتفاق الاسرائيلي - الاميركي - التركي عدواً لنا. هناك سبب آخر، هو اننا سحبنا الورقة الكردية والشعب الكردي من تحت سيطرتهم الاتراك. واريد ان اوضح نقطة اخرى هي ان الحدود العراقية هي حدود عربية والعراق دولة عربية، والجيش التركي موجود بكثافة في اراض عراقية وخلق الاتراك حالة تركمانية هناك. انهم يحضرون لاقامة دولة تركمانية اليس كذلك؟ ماذا سيقول العرب امام ذلك؟ انه احتلال تركي لمنطقة عربية ودولة عربية. وهناك اشارات ومعلومات اخرى تفيد انه اذا سنحت الفرصة المناسبة لتركيا ستحتل المناطق التي فيها النفط ثم تأتي وتقول ان سورية تدعم الارهابيين في حين ان تركيا هي الارهابية ووقّعت اتفاقاً عسكرياً مع اسرائيل الارهابية. ما تفسيركم للتعاطف الاوروبي معكم؟ - هناك تطورات مهمة، اذ ان المدعي الالماني ألغى اخيراً قراراً كان يعتبر حزبنا حركة ارهابية. كما ان روسيا تستعد لتوقيع اتفاقات وبروتوكولات معنا في شكل رسمي، ولنا في معظم الدول ممثليات اقرب الى نصف سفارة، وصارت ظروفنا مشابهة لوضع منظمة التحرير الفلسطينية على الصعيد الدولي. هذا الوجود "الديبلوماسي" الذي تتكلم عليه الا يشجعكم على وقف العمل العسكري في شكل كامل والتوجه الى العمل السياسي؟ - طبعاً لدينا تطلّع الى العمل السياسي، لذلك سنكون دائماً موضوعيين نتجاوب مع اي خطوة للسلام، ومن المحتمل ان نعلن قريباً قراراً كهذا، اي اذا أوقف الاتراك حملاتهم العسكرية، لن نهاجم المواقع التركية والجيش التركي. اذا اوقفوا حملاتهم سنكون مستعدين لبدء مرحلة من العمل السياسي. هذا يحظى بدعم اوروبي يشمل البرلمانات، وهناك قرار اميركي غير معلن بدعم ذلك وبأن الحل الأمثل هو الحل السياسي. اي ان الاميركيين يقبلون النهج السياسي وتوصلنا الى ذلك عبر اليونان. كانت اميركا ضغطت في شكل كبير على اليونان بعدما فتحنا مكتباً هناك، وسألت عن صحة ذلك فكان جواب اليونان للحكومة الاميركية حرفياً: ان قسم الارهاب غير موجود في هذه السفارة ممثلية الحزب. السفارة عبارة عن حالة سياسية تمثل الشعب، وشعبنا اليوناني يحب العمل السياسي. هكذا حلّت مسألة ممثلية الحزب في اثينا ولم يكن الاميركيون ضد هذا التوجه، وخلال فترة قصيرة سيعترف الاميركيون بوجود حالة كهذه. هل هناك رسالة رسمية؟ - هناك اشارات لنا عبر وسطاء في شكل غير رسمي. هناك من يعمل على هذا ومبادرات من العديد من الدول للتوسط بيننا. مثلاً؟ - لا احب ان اطرح اسماء لئلا أسيء الى ما يحصل. روسيا هل تساعد في ذلك؟ - روسيا، النروج، اسبانيا، المانيا، أعدّ الالمان تقريراً في الفترة الاخيرة وفي احدى الولايات الالمانية طرح وفد رفيع المستوى نفسه ليتوسط لدى الدولة التركية. اذاً هناك نهج قوي في هذا الاتجاه؟ - الوضع في الوسط التركي مختلف، وهناك تداخل كبير. خلقوا شوفونية وحال عداء شديد. في السابق حاول بعضهم ايجاد قنوات للحوار والاتصال بيننا، وكانوا يرسلون اخباراً بهذا الشكل لنا اذ قالوا انهم ساهموا في خلق اخطبوط وكي يستطيعوا قصّ اطرافه يحتاجون فترة طويلة. لم تتجاوب تركيا والشعب الكردي يُضرَب كل يوم. هل هناك تفكير لدى الجناح العسكري او القيادة العسكرية للحزب بتوسيع العمليات في تركيا؟ - طبعاً هذا هو بديلنا الاستراتيجي ولنا تحضيراتنا الكبيرة لهذا العمل، وسنشهد في الايام القليلة المقبلة تصعيداً ستسمعون عن انتفاضات تركية وستنفذ قواتنا عمليات نوعية كبيرة. هل هناك مهلة قبل تصعيد العمل العسكري؟ - هدفنا وتوجهنا سياسي لكن الحملات التمشيطية التركية الواسعة جداً أعاقته. اذ حاولوا تصفية قواتنا. اعتقد ان المرحلة بالنسبة الى تركيا هي مسألة حياة او موت، وبالنسبة الينا الوضع حساس بهذا الشكل لأننا نقود حرباً مستعرة جداً. تتكلم على ايام او اسابيع او شهور؟ - بدأنا بالعملية السلمية وبالعمل العسكري والتحضير لهما. وشيئاً فشيئاً سنصعّد العمل العسكري وننقله الى قلب المدن التركية. ومع تصعيد العمل العسكري ستكون الحملة السياسية في تصاعد، فهناك تناغم بين التوجهين. هل طلبتم من دول معينة، اسبانيا او البرتغال مثلاً، ان تتوسط بينكم وبين تركيا؟ - طلبنا في مرحلة ما من بعض الدول، خصوصاً المانيا… وماذا كان الردّ؟ - انهم مهتمون بهذه المسألة مثل الدول الاسكندنافية.