استمرت القوات التركية أمس في عمليات عسكرية على الحدود مع العراق وأكدت أنها أحكمت الطوق على وحدة مهمة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، في الوقت الذي أعلن محققون مع القائد العسكري السابق في الحزب شمدين صاقيق أنه كشف "كنزاً" من المعلومات تتعلق بالدعم الذي تقدمه سورية للحزب، يشمل "ضباطا" يوجهون العمليات القتالية. وصرح مسؤولون عسكريون أتراك بأن الاشتباكات المستمرة لليوم الثاني في المناطق الحدودية مع العراق أسفرت عن مقتل 63 مقاتلاً من حزب العمال وسقوط سبعة قتلى بين الجنود الأتراك وأربعة من "حراس القرى" الأكراد الموالين للقوات الحكومية. وفي غضون ذلك واصلت طائرات تركية غاراتها على مواقع جبلية يتحصن فيها المقاتلون الأكراد في بيسته وديريلر وأورطه باغ وسفوح جبل جودي بين محافظتي شيرناخ وحكاري المتاخمتين للعراق، وهي المنطقة التي ذكر مسؤولون عسكريون أن قوات الجيش تحاصر فيها نحو 100 مقاتل من حزب العمال. وكانت عملية ناجحة نفذتها وحدات من قوات كوماندوس تركية الاثنين الماضي أدت الى خطف صاقيق، أبرز قائد ميداني انشق الشهر الماضي عن حزب العمال، من شمال العراق حيث كان في حماية قوات الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني. وعلى رغم أن قيادة بارزاني احتجت على العملية، لكن الناطق باسم وزارة الخارجية التركية نجاتي أوتكان قلل أمس من أهمية الاحتجاج ملمحاً ضمناً الى أنه شكلي. وقال، رداً على سؤال في مؤتمر صحافي في أنقرة، أن الاحتجاج كان "رد فعل طبيعياً"، مضيفاً ان "الأمر المهم هو ان هذه المسألة لن تتخذ بعداً يمكن أن يؤثر في الصلات الودية الحالية" بين أنقرة وقيادة بارزاني. وشدد أوتكان على أن تركيا أوضحت غير مرة أنها لن تسمح أبداً بتحول شمال العراق "ملاذاً آمناً" لحزب العمال الذي بينه وحزب بارزاني ما صنعه الحداد. وفي خطوة لتأكيد "الصلات الودية" سلّم الجيش التركي أمس سلطات بارزاني في شمال العراق الحارسين الكرديين اللذين كانا يرافقان صاقيق وشقيقه عارف وخُطفا معهما. وعلى صعيد التحقيق مع صاقيق نقلت وسائل الاعلام التركية أمس عن مسؤولين عسكريين وأمنيين قولهم أنه بدا مذهولاً بالعملية المفاجئة التي أدت الى خطفه وصب جام غضبه على زعيم حزبه، عبدالله أوجلان، واتهمه بإهانته. وأضافوا ان صاقيق كان "متعاونا جدا" وتطوع لكشف "كنز" من المعلومات. وأوضحت المصادر ذاتها ان هذه المعلومات تتعلق بمخابىء الأسلحة والطعام في الجبال الشرقية والجنوبية الشرقيةلتركيا، حيث معاقل المقاتلين الذين قادهم صاقيق طوال 18 عاماً. الأهم من ذلك كله حسب المصادر ذاتها، أن صاقيق، 45 عاماً، كشف معلومات "ثمينة جداً" عن الدعم المزعوم الذي تقدمه سورية لحزب العمال وأكد للمحققين ان السوريين زادوا هذا الدعم في الآونة الأخيرة الى حد إرسال "ضباط" ليقدموا استشارات عسكرية الى المقاتلين الأكراد. كذلك كشف صاقيق معلومات عن دور حزبه في تهريب المخدرات من آسيا الى أوروبا وهي تجارة توفر المصدر الرئيسي لأموال الحزب. وفي المقابل طلب صاقيق شموله بقانون التوبة الذي ينص على خفض كبير للعقوبات في حق الذين يدينون المنظمات "الارهابية" التي كانوا أعضاء فيها ويقدمون معلومات عن نشاطاتها. لكن بدا ان صاقيق سيواجه عقوبة الاعدام بتهمة الخيانة. ورأى محللون أن تطبيق قانون التوبة عليه ستكون له ردود فعل عنيفة في الأوساط القومية وآلاف العائلات التي قتل ابناؤها الجنود في المعارك بين الجيش والمقاتلين الأكراد الذين كان صاقيق قائدهم. لكن المحللين أضافوا انه حتى اذا حكم عليه بالاعدام، لن ينفذ الحكم لأن أي حكم من هذا النوع لم ينفذ في تركيا منذ 15 عاماً، إضافة الى أن الحكومة الحالية تدرس تقديم مشروع قانون لألغاء الاعدام نهائيا. وفي أي حال ان سلطات سجن دياربكر، حيث يقبع صاقيق، لا تملك وقتاً للتفكير بهذا الأمر. فمشكلتها الآنية هي توفير حراسة شديدة لصاقيق، وباشرت بالفعل في بناء برجين إضافيين للمراقبة الى جانب الأبراج الموجودة حالياً حول السجن.