تحول مقهى «السيد الشعبي»، إلى مكان بارز يجتذب زوار محافظة الأحساء، القادمين إليها من أقطار الخليج المجاورة، وبقية مناطق المملكة، وكذلك الوفود الرسمية الزائرة من الدول العربية والأجنبية، والمدراء التنفيذيين لمراكز السياحة في المملكة والخبراء في السياحة. ويستقبل المقهى الشعبي الذي تأسس قبل نحو 12 سنة، أكثر من 850 زائراً يومياً، خلال 12 ساعة، فيما يرتفع العدد إلى 1550 زائراً خلال عطلة الأسبوع. ويعتبر المقهى أحد أبرز المقاهي في الأحساء، مقدماً حكاية شعبية من تراثها، حيث الاستمتاع بأكلاته الشعبية، ومقتنياته الأثرية، والتقاط صور تذكارية بين معالمه، والتعرف على التراث الأحسائي القديم. وقال صاحب المقهى حسن الحسين، في تصريح ل «الحياة»: «ينال المقهى الدعم المعنوي، والتشجيع من المسؤولين في الأحساء، خصوصاً من الأمانة، ممثلة في أمينها المهندس فهد الجبير، الذي قدم لي التسهيلات، من أجل المساهمة في رفع السياحة في الأحساء. كما قدمت الهيئة العامة للسياحة والآثار، وسائل الدعم والتشجيع، لتطوير هذا المقر السياحي، واعتماده كموقع سياحي من الدرجة الأولى، واعتباره من المواقع المتميزة للوفود السياحية الزائرة للأحساء». وأبان الحسين، الذي قام بتصميم المقهى والإشراف علية منذ افتتاحه في العام 1420ه، أن «الفكرة أتت حين كان كبار السن يرددون على مسامعي بعض حكاياتهم الشعبية، ويتحدثون فيها عن مجالسهم القديمة الموجودة في الأحياء، التي اندثرت بفعل التقدم العمراني، الذي اجتاح المنطقة بزحف بناياته الحديثة». وذكر أن «التصاميم كافة هي على الطراز المعماري القديم، الذي يتكون من مواد بناء من الجص والطين والتبن، وزينت الجدران بخطوط ونقوشات، وزخارف فنية قديمة، من داخل المقهى وخارجه، كانت تزين البيوت الأحسائية قبل عقود. واستُخدم في تشييده أيضاً خشب الكندل، والباسكيل، والبواري والخصر، إضافة إلى النوافذ والأبواب القديمة. وصمم المقهى بوسائل يدوية قديمة على أكثر من 12 ألف قطعة أثرية، وأشغال يدوية مصنوعة «بحرفية عالية»، من نحاسيات، وفخاريات كانت تستخدم قديماً في الحياة اليومية، مثل الجرار، والمساخن، والحافظات، والحصير، والسفرة، والمنسف، الذي كان يستخدم سابقاً لتنظيف الحبوب من الشوائب. كما يحوي المقهى أنواعاً كثيرة من الدلال والمرشات والسقا، والأواني النحاسية والفخارية، والميزان المعدني الذي كان يستخدم لوزن الثلج، وآخر كان يعرف ب «ميزان الأرزاق»، الذي كان يستخدم لوزن الحبوب. وكذلك بنادق قديمة كانت تستخدم في الحروب والصيد. وتتوزع على جدران المقهى صور فوتوغرافية، تظهر فيها مواقع قديمة، مثل سوق الخميس في الهفوف، وعيون مشهورة في الأحساء، وكذلك صور عدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وزعت في أركان المقهى. ويتكون المقهى من ساحة واسعة مكشوفة في الوسط، تحيطه برواق وأروقة جانبية، إضافة إلى «البرستي» والأسقف المكونة من جذوع النخل، ومداخل خاصة لذوى الاحتياجات الخاصة. وخُصصت غرفة في المقهى للتعرف على بعض المقتنيات الأثرية في الأحساء، وألبومات من الصور لبعض الحرف اليدوية، والزخارف والنقوشات الأحسائية التراثية، إذ تم فرشها بالحصير المصنوع من سعف النخيل. كما يوجد بها موقد للنار، لصناعة القهوة والشاي. وكشف الحسين، أن هناك «توسعة للمقهى، إذ سيصبح مساحة البناء نحو 12 ألف متر مربع، ستكتمل خلال الفترة المقبلة. وتشمل التوسعة بناء نزل ريفية على مساحة ستة آلاف متر مربع، شبيهة بالخان، والمنزل الأحسائى القديم، ويحوى عدداً من الغرف الخاصة، تحوي المستلزمات السياحية كافة. ويقع المنزل الأحسائى على ثلاثة أدوار، بمستوى ثلاثة نجوم، مُخصص للعوائل»، لافتاً إلى أنه سيتم «افتتاح دكاكين قديمة، ستستثمر في الحرف الشعبية، مثل الخباز، والحداد، والنجار، وكذلك الأكلات الشعبية، وزراعة مسطحات، على مساحة 2300 متر مربع، مخصصة للعوائل. أما المطعم الجديد فسيتم افتتاحه خلال الأشهر المقبلة». وعن كلفة المقهى، أبان الحسين، أن «دراسة الجدوى والتنفيذ بلغت أكثر من خمسة ملايين ريال، بعد التطوير وإنشاء المرافق الجديدة التي سيتم الانتهاء منها خلال سنة».