على رغم أن عمر «مقهى السيد» لا يتجاوز 10 سنوات. إلا أنه استطاع أن يكون معلماً سياحياً في الأحساء، إذ أعلن جهاز التنمية السياحية والآثار عن مبادرة لتهيئته سياحياً ضمن خمسة مواقع أخرى في الأحساء، لتكون «عناصر جذب سياحي». وهي: «مقهى السيد» (مقهى قرية التراث الأحسائية)، ومصنع الفخار (دوغة الغراش في القارة)، والخبازان الشعبيان أبو مبارك، وخالد اجواد، القريبان من عين الخدود في مدينة الهفوف، و«عين عطية» المجاورة للمدرسة الأميرية (مدرسة الهفوف الأولى). ويشمل التأهيل الذي يعتزم جهاز السياحة، تنفيذه بناء السور الخارجي، وتحسين أشكال الممرات، وتهيئة صالة الاستقبال، وتركيب بوابة خارجية للمدخل الرئيس الذي يحمل طابعاً تراثياً. وأصبح مقهى «قرية التراث الأحسائية» أو «مقهى السيد»، كما يفضل البعض تسميته، على خارطة السياحة في الأحساء وضمن البرنامج السياحي لزائر الأحساء، مستقطباً زواراً من خارج المملكة. وشيد المقهى بجهود ذاتية من صاحبه حسن الحسين، لعشقه التراث، وسعيه لأن يترجم قصص كبار السن التي كان يسمعها، عن اجتماعهم في مقهى يحتسون فيه الشاي والقهوة، ويأكلون بعض الوجبات الخفيفة. وكانت الفكرة تراود الحسين قبل 10 سنوات، فبدأ في تنفيذها، وراحت تتطور عاماً بعد آخر، ليصبح المقهى الآن «ملتقى الأصدقاء». وزادت شهرته بعد تصوير بعض مشاهد المسلسل السعودي «مجاديف الأمل» فيه. كما أنه أصبح ضمن المعالم السياحية في الأحساء، وأصبحت زيارة المقهى والجلوس فيه، عادة يومية لدى البعض. والحسين (46 سنة) الذي بنى مقهاه من الجص والطين على مساحة ألفي متر مربع، ليس مجرد مستثمر لمقهى يقدم الشاي والقهوة والسندويشات والشيشة والمعسل، إذ لديه حس أدبي كما أنه متذوق للشعر. فلقد سمى بعض أركان المقهى بأسماء شعراء معروفين في تاريخ الأحساء، أبرزهم سليم عبد الحي (توفي عام 1320ه)، والشاعر علي الفايز (توفي عام 1330ه)، إضافة إلى ركن الشاعر المعاصر جاسم الصحيح، الذي خصصه له حين كان الصحيح يشارك في برنامج «شاعر المليون» قبل ثلاثة أعوام. وكتب على جدار الركن «شاعر أعاد للقصيدة العمودية هيبتها، وأضاف على المليون باسقة من نخيل الأحساء باسقة أخرى». ويجد الزائر ل«مقهى السيد» نفسه وسط متحف شعبي. فالمكان يحوي أكثر من ألف قطعة أثرية وأشغال يدوية، من نحاسيات وفخاريات كانت تستخدم في الحياة اليومية قديماً، مثل الجرار، والمساخن، والحافظات، والحصير، والسفرة، والمنسف، والدلال، والمرشات، والسقا، والأواني النحاسية والفخارية، والميزان المعدني الذي كان يستخدم لوزن الثلج، وميزان آخر كان يعرف ب«الأرزاق»، الذي كان يستخدم لوزن الحبوب، إضافة إلى صندوق «السيسم» الذي يستخدم لحفظ ملابس العروس، والمباخر المتنوعة، ومحماص القهوة، والفوانيس وبعض الأدوات الكهربائية القديمة، مثل: تلفاز وراديو يعود صنعهما إلى عشرات السنين. كما يوجد مجسم كبير لرواق سوق القيصرية، يحاكي واقعه قبل احتراقه. ويعرض المقهى بنادق قديمة، كانت تستخدم في الحروب والصيد، إضافة إلى 300 صورة فوتوغرافية مُعلقة على جدران المقهى لمواقع قديمة، منها سوق الخميس في الهفوف، وبعض العيون المشهورة في الأحساء، وكذلك صور عدة للملك عبدالله بن عبد العزيز، توزعت في أركان المقهى. وصُمم المقهى على الطراز المعماري القديم، الذي يتكون من مواد بناء من الجص والطين والتبن، وتزينت جدرانه بخطوط ونقوشات وزخارف فنية قديمة من معمار البيوت الأحسائية القديمة. واستخدم في بنائه خشب «الكندل» و«الباسكيل» و«البواري» و«الخصر»، إضافة إلى النوافذ والأبواب القديمة. ويتكون المقهى من ساحة واسعة مكشوفة في الوسط، تحيطه الأروقة الجانبية والأسقف المكونة من جذوع النخل، والكراسي والطاولات التي حيكت من سعف النخيل والقصب. وخصصت غرفة في المقهى للتعرف على بعض المقتنيات الأثرية في الأحساء، وألبومات من الصور لبعض الحرف اليدوية، والزخارف والنقوشات الأحسائية المعمول بها سابقاً، إذ تم فرشها بالحصير المصنوع من سعف النخيل. كما يوجد بها موقد للنار، لصناعة القهوة والشاي.