كل عام وأنتم بخير، اليوم ثاني أيام العيد، جعل الله أيامكم كلها أعياداً، وجعل أيام بلادنا وقيادتها كذلك. خطرت لي لفظة أسمعها كثيراً هي «جاب العيد»، وهي تطلق في المحكية السعودية على كل من أتى بتصرف أحمق أو أهوج أو غريب ينم عن غباء، وكانت نتائجه وخيمة عليه، أو يمكن اعتباره أتى بأمر كانت عواقبه مثيرة للسخرية أو الضحك، ولم أجد مصدر التسمية لدى العم «غوغل»، لكنني وجدت استشهاداً كثيراً بمقاطع مرئية وبقصص عن قرارات أو مقولات أو تصرفات تمس حياة الناس. كنت أحسبه الرجل الذي يرى الهلال باكراً، فيُفاجأ الناس وهم غير مستعدين، والغالبية كذلك دائماً في ليلة العيد، ليلة بدء الدراسة، ليلة السفر في الإجازة، أو أي شيء يرتبط بتاريخ محدد، تجد الغالبية أرجأت وتكاسلت حتى ساعة الصفر، ربما حباً في المقولة «حشر مع الناس عيد» أو تلك «الموت مع الجماعة رحمة»، وهما مقولتان لا أعرف لهما أصلاً دينياً، لكنهما تبدوان من القناعات الاجتماعية السائدة، ومن المؤثرات على سلوك الناس وتصرفاتهم. الطلاب يقولون عن المعلم الذي يأتيهم بأسئلة صعبة تعجيزية «جاب العيد فينا»، والسائقون المتهورون قالوا ذلك عن ساهر، وأصحاب الأعمال الذين لا يعترفون بالأيدي العاملة الوطنية، اعتبروا نطاقات فاعلاً ذلك بهم، والمنتظرون على قوائم صندوق التنمية العقارية أيضاً اعتبروا القرار الأخير بإيقاف قروض بعضهم ممن تملك منزلاً بطريقته لسان حالهم ينطق بالمثل أو المقولة الشعبية نفسها. سياسياً اعتبر المراقبون جمال مبارك «جاب العيد» عندما سئل قبل أشهر من الثورة عن شباب الإنترنت على برامج التواصل الاجتماعي، فقال ضاحكاً «حد يرد عليه»، وأكثر رجل فعل ذلك في نظر العامة والخاصة هو معمر القذافي، الذي كان له في كل عام قصة، وفي كل مؤتمر حكاية، وهو «جاب العيد» مع شعبه كثيراً، فجعلوه يقضي هذا العيد في الغياب، والأمثلة كثيرة. اقتصادياً يعتبر المستهلكون التجار دائماً «يجيبون العيد»، من خلال الأسعار التي تتصاعد بالتناوب، أي كل مجموعة سلع ترتفع في شهر، هل تعتقدون أنهم يعدون جدولاً بذلك يتم توزيعه بينهم على الإنترنت مثلاً؟ أهل الطائف يعتبرون مقاول مشروع عقبة المحمدية «جاب العيد» في المشروع الذي دخل عامه السادس ربما، ولا يزال الطريق الذي رفع سقف التوقعات التنموية والسياحية مغلقاً، وكل عام أمني نفسي بأنه انتهى، وأن تهامة صارت أقرب، والبحر صار جزءاً من منظومة السياحة في الطائف، لكن يبدو أنه مشروع عشري. كثيرون فعلوا ويفعلون بنا هذا، لكنني أعارض التسمية في المقولة، وأعتبر أنهم يقصدون العكس أي أنه أضاع عليهم العيد والفرحة وبهجة الإنجاز أو الإتقان. [email protected]