يقولون إن الزوجة في إحدى الدول اللاتينية لا تنام مطلقاً حتى يعود زوجها للمنزل، لماذا؟ لأن السرير ينقصه «لوح»، والطرفة في الأساس عربية، لكن بما أنه «محدش طايق حد اليومين دول»، فالدول اللاتينية شعوبها مرحة وكرنفالية و«فلاوية» ولن تضيق بطرفة أطلقتها النساء على الرجال ذات «تقهوي». وفي محكيتنا يقول الشاب لصاحبه يا «لوح»، كناية عن غبائه أو «تناحته» وربما كلاهما معاً، وهي إجمالاً تطلق على الأغبياء الباردين، تشبيهاً لهم بلوح الخشب الأصم الممتد طولاً وعرضاً من دون فائدة تذكر إذا لم يتدخل النجار، والنجار ربما كان في القصة أعلاه هو الزوجة، التي انتقم منها أصحاب المهنة وأسموا إحدى أهم آلاتهم ب«الفأرة» تأنيثاً فيه الكثير من «المشاحة» لو كانوا يعلمون... ما علينا. مناسبة التلويح بالألواح البشرية والخشبية هي مصطلح «الأجهزة اللوحية» الذي نسمعه في تقارير إخبارية اقتصادية أو تقنية عن أجهزة الكومبيوتر الجديدة من أنواع «الباد» و«البود» و«البوت»، وغيرها مما هطل علينا تباعاً، فأرهق أعيننا بكثرة البحلقة وجيوبنا بكثرة الشراء، وخطر ببالي لو أن مسوقي هذه الأجهزة يعرفون معنى كلمة اللوح في المحكية وليس في الفصحى، لتحاشوا ذلك أو على الأقل انتصروا للرجال من هزائمهم المتلاحقة من «صنف النسوان» وأسموها اللوحات أو لوحة التقنية. تأنيث التسمية سيجعل هذه الأجهزة «تلوح» الرجال أكثر كما ترد الكلمة في المحكية المصرية، وربما فتحت الباب واسعاً أمام بعض التعاطف مع قضايا المرأة، التعاطف الذي لا يتهم صاحبه بالعلمانية والزئبقية الانبطاحية للامبريالية الغربية، وتغريب المرأة. وبمناسبة التغريب لماذا لا يكون تشريقاً؟ فبعض دول الشرق لديها ما لدى دول الغرب، والواجهة الشرقية أغلى من الواجهة الغربية في العقارات في العاصمة على الأقل، وبعض دول الشرق لديها انحلال لا يوجد مثله في العالم، لكن لا أحد يقول بتشريق المرأة، ربما خشية على منابع العطورات الشرقية من تشويه السمعة، ربما.... برضو ما علينا. علاقتنا بالتقنية احتفالية ترفيهية فيها من الاستعراض أكثر مما فيها من التقدم التقني، والنادر من الناس هو من يقتني الأجهزة لحاجة مهنية، بل إن أول من يقتني لدينا هم المراهقون والعاطلون لأسباب «غرامية». والأجهزة اللوحية لها ميزة سيمائية لأن شكلها يشبه الكتاب، وبما أن ثقافة الكثيرين انتقلت من لوح السبورة إلى هذه الأجهزة من دون المرور بالكتاب قراءة وثقافة، فربما كان شكلها مساعداً لنا في تصحيح حالنا مع الثقافة والاطلاع. حلمنا كثيراً بالمنهج الإلكتروني والكتاب الإلكتروني، ويبدو أن الناس تهرب بسبب التسمية، إذاً لا بد من إعادة النظر فيها... لعل وعسى. [email protected]