كشف مصدر وزاري لبناني بارز أن الرسالة التي بعث بها أخيراً الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي وفيها تحذير من أن بلاده قد تعيد النظر في مشاركتها في القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» إذا تعرضت لاعتداء جديد بعد الهجوم الذي استهدف جنودها في نهاية تموز (يوليو) الماضي كانت وراء رفع مستوى التنسيق والتعاون بين هذه القوات وقيادة الجيش اللبناني في اتجاه اتخاذ المزيد من الإجراءات لضبط الوضع في منطقة جنوب الليطاني وسد الثغرات التي يمكن للأطراف المتضررين التسلل منها لتوجيه رسائل سياسية - أمنية إلى المجتمع الدولي. وأكد المصدر ل «الحياة» أن رسالة ساركوزي إلى سليمان وميقاتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة. وقال إنه سبق للبناني الرسمي أن تلقى رسائل عدة في هذا الخصوص من معظم الدول المشاركة في القوات الدولية، لكن إصرار فرنسا على نشرها فتح الباب أمام صفحة جديدة من التعاون الذي لم يبق محصوراً في منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و «يونيفيل» في جنوب الليطاني وإنما تجاوزها إلى المعابر التي تستخدمها القوات الدولية في تنقلاتها من أماكن انتشارها إلى مناطق أخرى وصولاً إلى العاصمة لتأمين نقل التموين وإجراء تبديل في عديد هذه القوات. ولفت المصدر نفسه إلى أن لبنان حريص على بقاء «يونيفيل» في جنوب الليطاني، ليس لأنها المرجعية الدولية الشاهد على الخروق الإسرائيلية فحسب، وإنما لكونها قوة مساندة للجيش اللبناني لتطبيق القرار الدولي 1701، مؤكداً أن الحكومة ليست في وارد التفريط بهذه الورقة التي يمكن أن تجعل من الجنوب ساحة مكشوفة للأطماع الإسرائيلية، لا سيما في ظل المخاوف السائدة من احتمال دخول الجنوب في مرحلة جديدة من التأزم امتداداً للتطورات المتسارعة في المنطقة في ظل وصول عملية السلام إلى طريق مسدود بسبب تعنت إسرائيل التي تستعد لخوض معركة سياسية جديدة ضد السلطة الوطنية الفلسطينية - التي ستطالب مجلس الأمن الدولي في أيلول (سبتمبر) المقبل بالاعتراف بدولة فلسطين. ورأى أن حكومة بنيامين نتانياهو تسعى للخروج من المأزق الذي هي فيه الآن وتحاول «استدراج العروض» لشن حرب جديدة، ربما على لبنان، لصرف الأنظار عن الضغط الذي تتعرض له للاعتراف بدولة فلسطين. وشدد المصدر على أن لا مصلحة للبنان ولا للمقاومة في توفير الذرائع لإسرائيل وهذا يستدعي من الجميع ضبط النفس ومنع استخدام الساحة اللبنانية منصة لتوجيه الرسائل التي لا تخدم الاستقرار في البلد. وكشف المصدر أن قيادة الجيش اللبناني اتخذت في الآونة الأخيرة مجموعة من التدابير بالتنسيق مع «يونيفيل» لطمأنة الدول المشاركة في القوات الدولية على جنودها المنتشرين في جنوب الليطاني. وقال إن من هذه التدابير تخصيص وحدات قتالية مؤللة وراجلة من الجيش تتولى مواكبة القوات الدولية في تنقلاتها جنوب الليطاني إضافة إلى حمايتها للمعابر الواقعة خارج هذه المنطقة وخصوصاً في المناطق المتداخلة بينها وعدد من المخيمات الفلسطينية. وأكد أن الإجراءات التي اتخذتها قيادة الجيش من شأنها أن تطمئن القوات الدولية إلى أن لا نية بالسماح لأي مجموعة مسلحة أو أفراد باستنزافها أو إعاقة المهمة المكلفة بها لتطبيق القرار 1701. ويذكر المصدر بأن قيادة «يونيفيل» كانت نصحت الحكومة اللبنانية بأن تعد خطة لحماية ثروتها النفطية في البحر بعيداً من التهويل والتهديد على أن تحتكم إلى الأممالمتحدة للنظر في تمدد إسرائيل في اتجاه المنطقة الاقتصادية اللبنانية. لذلك فإن مبادرة قيادة الجيش اللبناني إلى تعزيز حضورها الأمني وتواجدها العسكري في جنوب الليطاني ستخفف من شكوى الدول المشاركة في «يونيفيل»، كما تقول مصادر في الأممالمتحدة، من تراجع درجة التنسيق من ناحية ومن عدم تدخل وحدات الجيش في الإشكالات التي تحصل من حين إلى آخر بين القوات الدولية ومجموعات من الأهالي، مع أن الأممالمتحدة ما زالت تحرص على عدم تسليط الأضواء على عدد من الحوادث رغبة منها في إعطاء الفرصة للحكومة اللبنانية للتدخل من أجل معالجتها. «يونيفيل»: لا تغيير في عديد القوة الفرنسية الى ذلك، نفى الناطق الرسمي باسم «يونيفيل» نيراج سينغ «وجود أي مؤشر إلى تغيير عديد القوة الفرنسية»، مؤكداً أنه «ليس هناك ايضاً اي تغير في عددها الاجمالي، لا بل هذا العديد ازداد خلال الشهرين الماضيين». ولفت في تصريح امس الى أنه «من ضمن العديد الاجمالي ليونيفيل، تحصل تغيرات مستمرة في أعداد القوات في كل من الدول المشاركة ويتم هذا الامر من خلال مقر الاممالمتحدة في نيويورك بالتشاور مع الدول المعنية، في هذه العملية يتم الحفاظ على العديد الاجمالي ليونيفيل لنحتفظ بقدراتنا العملانية على الارض لتنفيذ المهمات الموكلة ليونيفيل بموجب القرار 1701».