تنذر المنافسة بين قطبي معسكر اليمين المتطرف في إسرائيل، «ليكود» بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو و «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لتزعُّم هذا المعسكر، من خلال السباق على تشريع قوانين تقيِّد حرية الحركات الليبرالية واليسارية والفلسطينيين داخل الدولة العبرية، بتصدعات أولى في الائتلاف الحكومي، بعد إعلان نتانياهو معارضته طلب حزب «إسرائيل بيتنا» أن يطرح على «الكنيست» مشروع قانون يلاحق نشاطات منظمات حقوقية يسارية لإقراره الأربعاء المقبل. واتهمت أوساط في «إسرائيل بيتنا» قادة «ليكود» بأنهم «يضحّون بالمصالح الأمنية الحيوية لإسرائيل وبالتزاماتهم للناخب وبالقيم القومية، من أجل إرضاء الإعلام وأوساط اليسار». ويرى مراقبون أن تمرير قانون تجريم كل من يدعو الى مقاطعة إسرائيل أو منتجات المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة في «الكنيست»، قبل أيام، سجل نقاطاً مهمة لمصلحة «ليكود»، الذي بادر نوابه إلى طرحه، خصوصاً أن استفتاء للرأي العام نشرته «يديعوت أحرونوت» أمس، أفاد أن 51 في المائة من اليهود يؤيدون القانون فيما عارضه 43 وأعرب 45 في المائة عن خشيتهم على الديموقراطية في إسرائيل. ويسعى حزب «اسرائيل بيتنا» لقيادة معسكر اليمين المتشدد، علماً أنه نجح خلال العامين الماضيين في تشريع سلسلة قوانين عنصرية ضد المواطنين العرب في إسرائيل أكسبته مزيداً من التعاطف في الشارع الإسرائيلي. أما معارضة نتانياهو مشروع قانون ملاحقة التنظيمات اليسارية، فلا تندرج ضمن موقف معارض من ناحية مبدئية، فهو وحزبه أيدا كل القوانين المتشددة، إنما رغبة منه في التفرد بالنجاح لتعزيز شعبيته وشعبية حزبه. وهذا ما أكدته أيضاً حركة «السلام الآن» اليسارية، التي وصفت موقف نتانياهو من مشروع قانون «إسرائيل بيتنا» بأنه مجرد «مناورة علاقات عامة» مذكرة بإعلانه تأييده «قانون المقاطعة». ولا يرضي موقف نتانياهو هذا المعسكر المتشدد في «ليكود» الذي يشن معركة شرسة ضد اليسار بداعي أنه يستغل التمويل الذي يحصل عليه من مصادر مختلفة للمساهمة في حملة نزع الشرعية عن إسرائيل. في المقابل، تحذر أوساط أكثر اعتدالاً في الحزب من انجرار الأخير وراء «إسرائيل بيتنا» في التطرف. وكتبت معلقة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت» سيما كدمون، أن التطورات الأخيرة تؤكد من جديد أن حزب «ليكود» آخذ في التطرّف اليميني أكثر فأكثر. وقال النائب يريف ليفين إن مشروع القانون «سيكسر سيطرة نخبة اليسار الراديكالي على المحكمة العليا والمؤسسة القضائية عموماً، ويعيد للشعب والكنيست سيادتهما على الحياة الديموقراطية في إسرائيل». واعتبرت أوساط رفيعة في المحكمة مشروع القانون محاولة لترهيبها قبل أن تبحث في التماسات قُدمت إليها لإلغاء «قانون المقاطعة»، بداعي أنه يتنافى والقوانين الأساسية التي تتيح حرية التعبير. وادعى نتانياهو أنه يعارض بشدة المساس بالمحكمة العليا، لكن مراقبين شككوا في جدية معارضته إزاء حقيقة أن أوساط اليمين تعتبر أن المحكمة ورئيستها القاضية دوريت بينيش تتدخلان في قضايا ليست ضمن مسؤوليتهما. ونشرت ملاحق نهاية الأسبوع سيلاً من المقالات المحذرة من جنوح إسرائيل نحو مزيد من التطرف، وأبرزت قيام 32 من الأساتذة الجامعيين المرموقين في القانون، يحملون لقب بروفيسور، برفع عريضة إلى المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين، وإلى المؤسسة القضائية، اعتبروا فيها ان «قانون المقاطعة» ينافي القوانين الأساس (الدستورية) ويمس في شكل خطير بحرية التعبير السياسي وحق الاحتجاج. وقال المبادرون إنهم تفادوا جمع تواقيع مئات أساتذة القانون من حملة الدكتوراه المؤيدين لموقفهم، خشية أن يتم الانتقام منهم في أماكن عملهم، حيال الظاهرة المنتشرة أخيراً، والمتمثلة بضغط كبير يمارَس على الجامعات «لمحاسبة» أساتذة بسبب مواقفهم السياسية التي لا ترضي المسؤولين في الدولة العبرية.