حمل الفرز الحاصل في الشارع الإسرائيلي بين اليمين المتطرف وتيار الوسط، زعيمة حزب «العمل» الوسطي شيلي يحيموفتش إلى الإعلان أمس رسمياً أنها لن تنضم إلى الائتلاف الحكومي المقبل المتوقع أن يتزعمه زعيم «ليكود بيتنا» رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتانياهو بداعي أن هذا الائتلاف سيكون متطرفاً لا يمكن ل «العمل» التعايش مع خطوطه العريضة. وجاء إعلان يحيموفتش في مؤتمر صحافي عقدته أمس في أعقاب استطلاعات الرأي التي أكدت فشل «العمل» في التحليق في الاستطلاعات وفي جذب أصوات من اليمين المعتدل، في وقت ترتفع شعبية اليمين المتشدد، وفي مقدمه حزب «البيت اليهودي» الذي يمثل الصهيونية الدينية، بشكل غير مسبوق دفع بصحيفة «هآرتس» إلى التحذير من الأخطار التي قد تتعرض لها إسرائيل من سيطرة هذا الحزب وشركائه على الحكومة المقبلة. وقالت يحيموفتش إن أمام حزبها أحد خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكون على رأس الحكومة المقبلة، أو يقود في المعارضة. وتابعت أنه لا يمكن لحزبها أن يكون شريكاً مع «ليكود» الذي بات ينافس «البيت اليهودي» في التطرف، أو مع الرجل الثاني في «ليكود بيتنا» أفيغدور ليبرمان المتهم بالفساد والذي يحتضنه نتانياهو ويحفظ له منصب وزير الخارجية في حكومته المقبلة أيضاً. وأضافت أن ثمة فوارق أيديولوجية كبيرة تاريخية بين «ليكود» و «العمل» مشيرة إلى أنها احترمت «ليكود» حين احترم هذا مبادئ الديموقراطية والسلطة القضائية، «ولم أنفِ احتمال الشراكة مع نتانياهو على رغم أنني اعتبرته ضئيلاً، لكن ليكود اليوم ليس ليكود الذي عرفناه. هناك موشيه فيغلين (رئيس الجناح المتطرف داخل الحزب) وأفيغدور ليبرمان. إننا نشهد تطرفاً في المجالات الاقتصادية والسياسية وسلطة القانون. ولا أريد أن أتخيّل وضعية سلطة القانون في حال واصل نتانياهو ترؤس الحكومة». وتابعت أنه إزاء التطرف الحاصل في اليمين فإنها ترى أن حزبها هو الخيار الوحيد لاستبدال «ليكود» في الحكم، ولا يمكنه أن يشارك في حكومة نتانياهو. وكانت يحيموفتش تعرضت في الأشهر الأخيرة إلى انتقادات شديدة داخل حزبها لرفضها الالتزام علناً ومسبقاً أنها لن تقود الحزب إلى المشاركة بحكومة بزعامة نتانياهو، ما دفع بالرجل الثالث في الحزب زعيم الحزب سابقاً عمير بيرتس إلى الانسلاخ عنه والانضمام إلى حزب «الحركة» الذي شكلته وزيرة الخارجية سابقاً تسيبي ليفني. ويرى مراقبون أن يحيموفتش حسمت موقفها أمس بعد أن أيقنت أن توددها ليمين الوسط ونفي صبغة اليسارية عن حزبها ودعمها البناء في التكتلات الاستيطانية الكبرى في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لم يحقق لها ما رجته من ارتفاع شعبية الحزب، فعادت تبحث عن أصوات من يسار الوسط، من حزبي «الحركة» و «يش عتيد» لتضمن أن يخرج حزبها ثاني أكبر حزب في الانتخابات في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. من جهتها أفادت أوساط في «ليكود» أن يحيموفتش أعلنت رفضها الشراكة الحكومية مع «ليكود بيتنا» بعد أن أدركت أن نتانياهو سيضطر إلى تفضيل «البيت اليهودي» اليميني على «العمل» الذي يراه يسارياً وترفض غالبية أحزاب اليمين والمتدينين الشراكة معه. في غضون ذلك أفاد استطلاع جديد نشرته الإذاعة الإسرائيلية العامة أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لحاز «البيت اليهودي» على 18 مقعداً وهو العدد ذاته الذي يحصل عليه «العمل»، بينما يحصل «ليكود بيتنا» على 35 مقعداً. ولم تأت النتائج بأرقام تغير حقيقة فوز تكتل اليمين – المتدينين بغالبية مطلقة من المقاعد. وأبرزت وسائل الإعلام العبرية أمس مرشحي «البيت اليهودي» المضمونة مواقعهم في الكنيست المقبل لتشير إلى أن زعيم الحزب نفتالي بينيت، النجم الصاعد في فضاء السياسة الإسرائيلية، نجح في ضم شخصيات لا تقل عنه تطرفاً بل تفوقه، بينهم اثنان من مستوطني ما يسمى «البلدة اليهودية» في قلب مدينة الخليل المحتلة اوريت ستروك والراب هيلل هوروفتش. وأشارت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها إلى أن برنامج الحزب معادٍ للديموقراطية «وخطير على نحو خاص»، إذ يتوعد الإعلام باعتباره يسارياً ويعلن أنه سيعمل على تقليص نفوذ المحاكم بمنعها من التدخل في تشريعات الكنيست وفي القرارات الأساسية للحكومة والجيش. ودعت الصحيفة جمهور الشباب الذي يرى في زعيم هذا الحزب نفتالي بينيت عنوانه إلى الانتباه إلى أن «وراء ابتسامته تختبئ أيديولوجية خطيرة تبغي القضاء على سلطة القانون وعلى الديموقراطية في إسرائيل». وبرزت قضية ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل في الحملات الانتخابية، إذ دعا ثلاثة أحزاب من اليمين الإسرائيلي، بينها اثنان سيكونان جزءاً من الائتلاف الحكومي المقبل، إلى ضم الضفة الغربيةالمحتلة، «عن طريق تطبيق القانون الإسرائيلي على يهودا والسامرة (الاسم الاستيطاني للضفة الغربية»)، وذلك بعد شهر على تصويت الأممالمتحدة لمنح فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو على حدود عام 1967. ويتبنى هذه السياسة خصوصاً حزب «البيت اليهودي» الذي نشر زعيمه بينيت فيديو سماه «خطة بينيت» ويتضمن ضم المنطقة «ج» من الضفة الغربية والتي تبلغ مساحتها أكثر من 60 في المئة من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتخضع للسيطرة العسكرية والمدنية الإسرائيلية. وفي الجانب الأكثر تطرفاً من اليمين، يأتي حزب «القوة لإسرائيل» الذي يريد ضم كل الضفة الغربية. كما يؤيد بعض أعضاء «ليكود»، من بينهم لائحة المرشحين اليمينيين المتطرفين، هذا الرأي. وأصبح صوت نحو 340 ألف مستوطن قضية سياسية في هذه الحملة الانتخابية التي سيفوز بها اليمين. وبحسب تقرير صادر عن حزب «البيت اليهودي» فان غالبية المستوطنين ستصوت لصالحه بينما حصل «ليكود» عام 2009 على أكبر عدد من الأصوات في مستوطنات الضفة الغربية. وقبل ثلاثة أسابيع من إجراء الانتخابات، فان عدداً من أعضاء «ليكود» يضغطون على نتانياهو لتبنى «تقرير ليفي» حول الاستيطان لوقف خسارة الناخبين لصالح الأحزاب الأكثر يمينية.