على نارٍ هادئة بعيداً من أجواء تنافس حقيقي أجريت أمس الانتخابات لزعامة حزب «ليكود» الحاكم في إسرائيل يتوقع أن تنشر نتائجها فجر اليوم لتمنح زعيم الحزب الحالي رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو سنوات أخرى على رأس الحزب ومرشحه لرئاسة الحكومة في الانتخابات العامة المقبلة. وخلافاً للمرات الخمس السابقة التي خاض فيها نتانياهو انتخابات لزعامة «ليكود» (خسر مرة واحدة فقط)، فإن منافسه في انتخابات أمس رئيس مجموعة «القيادة اليهودية» اليمينية المتطرفة موشي فيغلين ليس من الوزن الثقيل، وعليه كانت التوقعات بأن يفوز نتانياهو بأكثر من 70 في المئة من الأصوات. وكان نتانياهو بادر إلى إجراء الانتخابات الداخلية ليوطد قدميه على كرسي زعامة الحزب في غياب منافسين له من الوزراء البارزين خصوصاً من نائبيه موشيه يعالون وسيلفان شالوم اللذين آثرا عدم المنافسة لإدراكهما أن نتانياهو يتمتع بشعبية واسعة في الحزب وباستقرار ائتلافه الحكومي، وذلك على خلفية جمود العملية السياسية التي يواجه تحريكها معارضة من المعسكر المتشدد في «ليكود» الرافض دفع أي ثمن في مقابل التوصل إلى تسوية دائمة للصراع مع الفلسطينيين. وتباهى نتانياهو، في كلمة وجهها أمس إلى أعضاء «ليكود» (120 ألف عضو) ب «النهج المسؤول والمتزن التي ينتهجه في تسيير أمور الدولة»، على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتوقف تحديداً عند الازدهار الاقتصادي وانخفاض نسبة البطالة «ما يجعل من إسرائيل واحدة من أكثر الدول المتطورة في العالم». وأضاف أن الحكومة برئاسته تولي اهتمامها الكبير لقضايا الأمن والاستيطان «على النحو الذي تمناه سكان الدولة منذ سنوات كثيرة». وتابع أن إسرائيل «تقف أمام العالم بلا وجل أو خوف أو تبرير مواقف، ونصرّ على حقنا في العيش بسلام وأمان في أرضنا». مع ذلك أشار المراقبون إلى أنه في حال نجح المتطرف فيغلين في الفوز بأكثر من 20 في المئة من الأصوات فسيكون لذلك تأثير في المستقبل على انتخاب لائحة «ليكود» للكنيست المقبل لجهة انتخاب لائحة أكثر تطرفاً. وكان فيغلين نجح في تنسيب أكثر من عشرة آلاف مستوطن لحزب «ليكود» (يشكلون 9 في المئة من أعضائه) بهدف التأثير في سياسته بالرغم من أن أكثر من نصفهم لم يصوت للحزب في الانتخابات الأخيرة وأدلى بصوته لمصلحة الأحزاب اليمينية والدينية الأكثر تطرفاً. ولفت أحد المعلقين إلى أن تعاظم نفوذ المستوطنين داخل «ليكود» دفع بأبرز أركانه إلى إطلاق مواقف سياسية متشددة أكثر من مواقف نتانياهو خوفاً من أن يعاقبهم أعضاء الحزب من المستوطنين في الانتخابات الوشيكة للائحة المرشحين للكنيست، إذ أعلن وزير التعليم جدعون ساعر (الذي يتوقع مراقبون أن يخلف نتانياهو بعد أن يتنحى الأخير) أنه يعارض خطاب «بار إيلان» الذي أعلن فيه نتانياهو قبوله مبدأ حل الدولتين، بينما سارع وزير تطوير النقب والجليل سيلفان شالوم إلى زيارة البؤرة الاستيطانية «ميغرون» للتضامن مع المستوطنين فيها ضد قرار المحكمة القاضي بإخلائها حتى نهاية الشهر المقبل. ويتفق المعلقون في الشؤون الحزبية على أن نتانياهو، «وبالرغم من أنه فقد الكثير من سحره»، لا يزال «ملك ليكود» واليمين الذي لا يجرؤ أحد على تحديه أو منافسته، و»ليكود هو نتانياهو، ونتانياهو هو ليكود» كما كتب المعلق في «هآرتس» يوسي فيرطر. إلى ذلك، يستفيد نتانياهو من غياب منافس قوي له ولحزبه، وذلك حيال الصراع المستشري داخل حزب «كديما» المعارض بين قطبيه تسيبي ليفني وشاؤول موفاز وإزاء التوقعات بأن يشهد انقساماً بعد الانتخابات الداخلية أواخر الشهر المقبل، هذا فضلاً عن التقديرات بأن دخول الصحافي يئير لبيد الساحة السياسية سيوجه ضربة شبه قاضية ل «كديما» لأنه ينافسه على معسكر يمين الوسط. أما حزب «العمل» المحسوب على يسار الوسط فلا يبدو أنه قادر على مقارعة «ليكود» خصوصاً في ظل تواصل انزياح الشارع الإسرائيلي نحو اليمين ما يرشح تعزز قوة سائر الأحزاب اليمينية والدينية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، في مقدمها حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وعلى خلفية هذه الحقائق لم تشهد انتخابات أمس أية إثارة كالتي اعتاد الإسرائيليون عليها في السابق، ما ينذر ببقاء نتانياهو على سدة الحكم لسنوات كثيرة أخرى.