خلافاً لتوقعات المحللين الإسرائيليين بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو سيدفع ثمن «ميوعة موقفه» من مسألة إلزام الشبان اليهود المتدينين المتزمتين بالخدمة العسكرية أو «الوطنية» وتفضيله شركاءه في الحكومة من الأحزاب الدينية المتزمتة على حزب «كديما» العلماني بزعامة شاؤول موفاز، بيّنت استطلاعات الرأي التي نشرت أمس أن نتانياهو ما زال في نظر الإسرائيليين الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة، وبفارق كبير عن قادة الأحزاب المنافسة. كما بيّنت أن تشدد موفاز في إلزام الشبان «الحرديم» الخدمة العسكرية لا يفيده وحزبه، رغم أن الأوساط العلمانية صفقت له على انسحابه الاحتجاجي من الحكومة، إذ أفادت الاستطلاعات أن «كديما» المحسوب على يمين الوسط ويتمثل اليوم ب 28 نائباً في الكنيست، سيتراجع إلى سبعة مقاعد فقط في حال جرت انتخابات جديدة اليوم. وكان معلقون توقعوا تراجع شعبية نتانياهو في أعقاب رفضه توصيات لجنة خاصة برئاسة نائب من «كديما» في شأن إلزام «الحرديم» الخدمة العسكرية أو «الوطنية»، ما دفع بموفاز إلى الانسحاب من الائتلاف الحكومي بعد 70 يوماً فقط من دخوله. ورأى هؤلاء المعلقون ان نتانياهو سيتفادى تبكير الانتخابات العامة في حال بقيت مسألة تجنيد «الحرديم» على أجندة الرأي العام في الدولة العبرية خشية أن تعاقبه أوساط يمينية علمانية على «تملقه» الحرديم. لكن نتائج الاستطلاعين اللذين أجريا لمصلحة صحيفتي «معاريف» و «يديعوت أحرونوت» لم تدعم تحليلات المعلقين، ورغم أن النتائج في شأن توزيعة المقاعد في الكنيست المقبلة لم تأت متقاربة كثيراً، إلا أنه في الاستطلاعين بقيت كفة تكتل أحزاب اليمين والمتدنين راجحة بحصولها على أكثر من نصف مقاعد البرلمان. وقال 41 في المئة من المستطلعين لمصلحة صحيفة «معاريف» إن نتانياهو هو الشخصية الأنسب لتولي منصب رئيس الحكومة بفارق كبير عن سلفه ايهود اولمرت (ليس مؤكداً أن يخوض الانتخابات المقبلة)، وعن موفاز وزعيمة حزب «العمل» (يسار الوسط) شيلي يحيموفتش. وبحسب الاستطلاع ذاته، فإن «ليكود» بزعامة نتانياهو سيحافظ في حال إجراء الانتخابات العامة اليوم على تمثيله الحالي في الكنيست (27 مقعداً)، يليه حزب «العمل» ب 17 مقعداً (13 في الانتخابات الأخيرة)، فحزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان مع 16 مقعداً (15 في الكنيست الحالية)، ثم الحزب الوسطي الجديد «يش عتيد» برئاسة الإعلامي يئير لبيد (11 مقعداً)، فحركة «شاس» الدينية المتزمتة بزعامة وزير الداخلية ايلي يشاي مع تسعة مقاعد (في مقابل 11 حالياً). أما حزب «كديما» فيهبط من 28 مقعداً إلى سبعة مقاعد. في المقابل، بيّن استطلاع «يديعوت احرونوت» أن «ليكود» يخسر مقعدين بينما يفوز «العمل» ب 21 مقعداً، و «يش عتيد» ب 13 مقعداً، بينما يتراجع حزب ليبرمان إلى 13. لكن في الاستطلاعين يحصل تكتل اليمين والمتدينين على 62-65 مقعداً في مقابل 47-44 لأحزاب الوسط واليسار الصهيوني و11 مقعداً للأحزاب العربية المستثنَية دائماً من أي ائتلاف. وأشار المعلق في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرطر إلى أن ثمة من يتداول في الساحة الحزبية فكرة التحاق زعيمة «كديما» سابقاً تسيبي ليفني بزعيمة «العمل» تسيبي يحيموفتش. وكتب أن استطلاعات داخلية أجرتها أحزاب مختلفة أشارت إلى أن من شأن تحالف كهذا أن يرفع تمثيل «العمل» إلى 24-28 مقعداً، أي أن يضاهي «ليكود» وربما يسبقه. وتابع المعلق أن انضمام ليفني، صاحبة الخبرة السياسية الغنية كوزيرة في عدد من الحكومات السابقة وكممثلة ل «التيار المركزي»، إلى يحيموفتش المعارِضة الشجاعة التي تمثل يسار الوسط من الناحيتين السياسية والاجتماعية لكن قليلة التجربة، قد يشكل ثنائياً يهدد حقاً كرسي نتانياهو. لكنه أضاف مستدركاً أن التقاء السيدتين اللتين تجمع بينهما الخصومة لنتانياهو وأولمرت، يعتبر «فكرة هاذية» على خلفية نشأة ليفني في بيت «ليكودي» متشدد، وأنه لن يكون سهلاً عليها البتة الانتقال إلى حزب (العمل) رأى فيه والداها عدواً تاريخياً.