تميز اليوم الثاني، من الجلسة النيابية لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بحملة مضادة لنواب «حزب الله» على الهجوم الذي شنّه نواب «قوى 14 آذار» على سلاح الحزب والحكومة وموقفها «الملتبس» من المحكمة الدولية، فدافع هؤلاء، يساندهم حلفاؤهم في «تكتل التغيير والإصلاح»، الذي يتزعمه العماد ميشال عون، عن سلاح المقاومة مؤكدين أنه لحماية اللبنانيين في وجه إسرائيل، وهاجموا البيان الأخير لقوى 14 آذار ودافعوا عن الحكومة مؤكدين أنها لبنانية مئة في المئة، وطمأنوا المعارضة الى أنها لن تنهار والأكثرية لن تتغير، فيما واصل نواب 14 آذار مطالبة ميقاتي بموقف واضح من التعاون مع المحكمة والتزام القرار الدولي الرقم 1757 الخاص بإنشائها، أو بالاستقالة، مكررين وصف الحكومة بأنها جاءت بقوة سلاح «حزب الله». وإذ حافظت المناقشات على سقفها الهادئ الذي مارس رئيس البرلمان نبيه بري دوره الحازم في إبقائها ضمن حدوده، فإن مواجهتين كلاميتين خرقتا هذا المناخ، الأولى نهاراً بفعل مشادة بين النائب عن «حزب البعث» عاصم قانصوه، والنائب عن كتلة «المستقبل» خالد الضاهر بعدما تناول الأخير الوضع في سورية وأنهى كلمته، إذ قال له زملاء له إن قانصوه شتمه ووصفه بأنه «كلب»، فرد الضاهر قائلاً إن من شتمه هو «الكلب» وحصل هرج ومرج حين قام قانصوه عن مقعده متوعداً الضاهر الذي وقف بدوره، فرد عدد من النواب قانصوه، وانتهى الأمر عند هذا الحد. وحصلت المواجهة الثانية مساء حين تسببت الكلمة النارية لعضو كتلة «المستقبل» نهاد المشنوق التي اسهب فيها بالحديث عن موضوع ال «س – س» والسلاح، وقال ان «البعض يعتبر ان التاريخ يبدأ به»، و»هذا السلاح الذي هيمن على حياتنا الوطنية والسياسية منذ 7 آيار وقبلها، هو العنوان الكبير للمأزق الوطني في لبنان، وهيمن على حياة الناس ومصالحهم، وكراماتهم وقدرات الدولة ومؤسساتها حتى بتنا امام واقع لا سابق له في حياة لبنان، وهو ان الدولة في عدد من مؤسساتها اصبحت تعمل بأجر ولو بسيط ومجاناً احياناً تحت منطق السلاح، وانا هنا لا اشير الى 7 آيار فقط ولا الى اي حادث امني من هنا او هناك في برج ابي حيدر وعائشة بكار وغيرهما من احداث قهر السلاح للمواطنين الابرياء العزل، انما استشهد بالحوادث لأؤكد الخطر الكبير المتمثل باختراق السلاح منطقاً وسياسة وعدة وعديداً لمؤسسات الدولة واحدة تلو الاخرى...»، وهنا حصلت مشادات كلامية عنيفة بينه وبين الوزير علي حسن خليل ونواب من كتلة «التنمية والتحرير» ونواب من كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية وحاول الرئيس بري ضبط إيقاع الجلسة، قائلاً: «يبدو أن هناك تصميماً على خربطة الأجواء في المجلس»، فنفى المشنوق الأمر بشدة، فطلب بري منه ومن غيره «ألاّ يسبب الكلام توتير الأجواء». وقال النائب حسن الموسوي من «حزب الله»: هذا الكلام غير مقبول ونحن لسنا قادرين ان نخرج ولا ان نسمع والموضوع عند رئاسة المجلس، شوف شو بدك تعمل معهم». وتابع المشنوق كلمته وعاد الاعتراض عليه وبلغ اوجّه حين وجه النائب نواف الموسوي الكلام الى المشنوق قائلاً: «إذا أعطينا الأذن الصماء لمثل هذا الكلام فالجمهور لن يسمح، أقول للناس هذا كلام فتنة، وإذا كنا لا نريد ان نسمح لعملاء المخابرات بالفتنة...»، فقال المشنوق: «هذا الكلام يشبهك لا يشبه الفتنة»، فرد الموسوي: «أنت عميل للمخابرات ومعروف كم سعرك»، فرد المشنوق: «هذا الكلام يشبهك». وانسحب الموسوي من الجلسة، وارتفعت الأصوات رافضة كلام المشنوق فيما كان ينهي كلمته. واستمرت الاتهامات وحاول النائب جمال الجراح الرد على اتهامات الموسوي، فرد بري قائلاً للجراح: «توجه بكلامك الي وليس الى أحد، ما الذي يحصل؟ كأن المطلوب مشكلة في المجلس كي تشتعل في الخارج، وما رأيناه يدل الى أننا نحتاج الى مصالحة في هذا البلد». فقال له وزير الأشغال غازي العريضي: «أحسنت، أحسنت، أحسنت»، فيما صفق الرئيس فؤاد السنيورة، وحصل تصفيق في القاعة، وخاطب بري النواب قائلاً: «انتم مسؤولون عن المعالجة وفي هذا المجلس، دعونا نعتبر أن كل واحد مسؤول، هناك أناس يستمعون إلينا في الشارع»، وأكد انه استمع الى كلام «ضده وضد غيري ونتحمله فدعونا نواصل ولن أعطي الكلام بالرد». في هذا الوقت، خرج النواب علي فياض ونواف الموسوي ونوار الساحلي وعلي الخليل، ثم عاد الموسوي والآخرون الى القاعة بعد دقائق، فاستوقف السنيورة الموسوي وتحدث إليه. وكان المشنوق دعا في كلمته وزراء «حزب الله» إلى التنحي من الحكومة «تمثلا بشرف القاضي وليس من باب الاتهام لا سمح الله... حتى جلاء الحقيقة». فاعترض النائب علي عمار على كلامه. وفي حديثه عن المفاوضات السورية - السعودية من اجل التسوية في لبنان، قال المشنوق: «المبادرة السورية - السعودية أصبحت عنواناً لمذلة يستعملها سماحة الأمين العام ل («حزب الله» السيد حسن نصرالله)، فهناك من يعتقد أنَّ التاريخ يبدأ به وينتهي بسلاحه، وهذا تقليد يتبعه من لا يقرأ تاريخ لبنان وإذا قرأه لا يفهمه... لو لم تكن الإدارة مقررة من المرشد الأعلى للسلاح لما كانت هذه الحكومة، إنَّه العقل نفسه الذي فرض التمديد عام 2004 وأُدخل لبنان وسورية والعالم في صراع لم ينته حتى الآن». وتوجه المشنوق إلى الرئيس نجيب ميقاتي، قائلاً: «تمنينا عليك يا دولة الرئيس أن تخفف علينا أخطار التكليف والحقيقة، فإنك إخترت أن تسقط الوسطية في أحضان هذه الأكثرية المسروقة». وأضاف: «أين هو حق الشهداء وحق رفيق الحريري في هذا النص الملتبس حول المحكمة في البيان الوزاري؟ أين هو حق العدالة للذين إنتخبوا (رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب) وليد جنبلاط في جبل عروبة كمال جنبلاط وحق الذين انتخبوا علاء الدين ترو في الإقليم، في المغيرية وسبلين وكترمايا؟ أين هو حق رفيق الحريري ورفاقه الشهداء عندكم أيها الوسطيون الوزير محمد الصفدي وأحمد كرامي؟». وشدد ميقاتي على أنَّ «المحكمة قامت لحماية كل واحد منا»، وسأل: «ألا ينتسب هؤلاء المقاومون (المتهمون) إلى «حزب الله» نفسه الذي اكتشف وأعلن أنَّ في صفوفه 2 من العملاء لمصلحة مخابرات أجنبية وثالث ضائعة هوية عمالته؟»، قائلاً:»كلما تحدثنا يا دولة الرئيس يكون الحديث عن الفتنة». وختم المشنوق: «لا يستغرب أحد أن يكون نقاش الزملاء صدى لما يناقش في الشارع اللبناني والعربي، والحمد الله الحمد الله الحمد الله ثلاثاً أنَّ رفيق الحريري استشهد قبل أن يسمع أحداً من أهل الأمة يقرأ بيان اغتياله مرة أخرى». وأُعطي الكلام للنائب نديم الجميل، الذي واصل الهجوم على الحكومة وانتقد «وجود حزب مسلح يدير البلاد ويفرض رأيه على الجيش والبلد والمواطن»، فوقف النائب غازي زعيتر للاعتراض وحصل تلاسن بينه وبين الجميل حسمه بري بأن طلب من الأخير الجلوس، وخاطب الجميل قائلا: «حزب الله مقاومة»، فقال الجميل: «أنا لا اعتبره مقاومة»، فرد بري: «أنت أمام حزب لبناني»، وأكد الجميل انه لم يقل شيئاً وأعاد قراءة الجملة التي كانت تلاها سابقاً، ولحظتها دخل الرئيس ميقاتي الى القاعة وختم الجميل كلمته بالطلب إليه تقديم استقالته. وكان بري حرص على منع أي ردود مباشرة لأي نائب في القاعة على أي من النواب الذين كانوا على منصة الكلام منعاً لتمادي السجالات وأسكت كثيرين عندما حاولوا المقاطعة أو الإدلاء بمداخلات توضيحية أو بردود مباشرة، بمن فيهم نواب كتلته النيابية.