خرجت جلسة مناقشة البيان الوزراي للحكومة اللبنانية في البرلمان أمس في يومها الثاني، عن سياقها الهادىء الذي كانت اتسمت به أول من أمس، وكاد «التشابك والتضارب» يصبح بالأيدي بعيد مداخلة النائب خالد الضاهرالذي حمل بعنف على سورية «وأزلامها» في لبنان ما دفع النائب عاصم قانصوه الى مقاطعته، ودارت بينهما مشادة عنيفة استخدمت فيها ألفاظ نابية تدخل على اثرها رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة لوقفها، بعدما ساد القاعة هرج ومرج. بعد ذلك توجه بري الى النواب طالباً التزام الهدوء ومتابعة الجلسة قائلاً: «الاخوان تعاتبوا على طريقتهم وانتهى الموضوع». وبعد الإشكال بدا نواب من 14 آذار يتوجهون تباعاً نحو بري طالبين تدوين اسمائهم للرد، الا ان رئيس المجلس عمل على استيعاب الموقف والتحدث الى النواب لضبط الامور وسحب فتيل التفجير، على ما قال نواب من كتلته ل«الحياة». وتوالت بعد ذلك الكلمات برتابة وكأنها مستنسخة لجهة استخدام التعابير والالفاظ، كما اليوم الاول اذ طغى عليها، أمس ايضا، بندا المحكمة والسلاح، اضافة الى سورية، فيما حافظ الرئيس ميقاتي على هدوئه ولم يدخل في سجال مع أحد على رغم الهجوم العنيف الذي طاوله. اول المتحدثين كان عضو كتلة «المستقبل» النيابية محمد الحجار، الذي سأل: «أي ثقة تطلب هذه الحكومة، وهي المكونة من أفرقاء سياسيين امتهنوا تضليل اللبنانيين، وفيها حزب يخون كل من لا يوافقه الرأي؟». وقال: «حصل انقلاب أطاح أصوات الناخبين، واحتكم إلى وهج سلاح ما زال يتحكم بالبلد»، مشدداً على أن «الاكثرية تشكلت بالقوة فقط». واعتبر الحجار «إن حكومة الرئيس (سعد) الحريري أسقطت بسبب المحكمة الدولية». وأضاف: «كلنا يذكر تصريح أحد قياديي حزب الله بعد اسقاط الحكومة، عندما قال: «هذا دفعة أولى على الحساب»، ونذكر أيضاً (الأمين العام ل «حزب الله») السيد حسن نصر الله عندما اعتبر الحكومة حكومته، وحدد لها خريطة طريق»، معتبراً أن «مهمة هذه الحكومة (هي فقط) مواجهة المحكمة الدولية... وتضع لبنان، العضو المؤسس والعامل في الاممالمتحدة، في مواجهة مع العالم». وزاد أن «هذه المحكمة أنشئت لتضع حداً للقتل، في حين أن الرئيس ميقاتي يتصرف على طريقة «ما خصني»، ولا يريد أن يحدد موقفه، لاسيما من تمويل المحكمة الدولية». وأضاف: «الخطير في كلامه ترداده لكلام قاله حزب الله بأن الرئيس الحريري كان يسعى لتسوية على المحكمة». واذ أشار إلى «أن «حزب الله» يعترف اليوم انه هو من اسقط تسوية ال «سين سين» وليس نحن»، قال: «ندعو هذه الحكومة إلى إن ترحل، ولن نعطي ثقة لحكومة تستقوي بحزب مسلح وبسلاح غير شرعي وبتدخل اقليمي معروف، وتهدد بوضع لبنان خارج الشرعية العربية والدولية». اوغاسبيان ورأى عضو الكتلة ذاتها جان أوغاسبيان، أنّه كان على هذه الحكومة «أن تستقيل منذ أن عجزت وامتنعت عن الالتزام الواضح بالمحكمة الدولية»، معتبراً أن «عدم الالتزام بالمحكمة سيضع لبنان امام عواقب كثيرة». ولفت إلى أن «الشعور السائد حالياً هو أننا مع حكومة دمى متحركة، التلاعب بها سهل وتغيير موقفها سهل، وهي تهدّد لبنان في أن يصبح في عداد الدول المارقة»، داعياً إلى «إسقاطها برفع الصوت عالياً حيال ما يهدّد العمل الديموقراطي في لبنان». وإذ اعتبر اوغاسبيان أن «لبنان في مؤسساته كافة بات في كنف ثقافة الحزب الواحد ووقع فعلاً عبر هذه الحكومة في عهدة ثقافة السلاح»، نبّه إلى أن «حزب الله يعمل على شراء الأراضي بطريقة مبرمجة»، وقال: «بقدر احترامي لشهداء المقاومة وللسلاح الموجّه ضد إسرائيل، أرفض بقوة أن يتوجه هذا السلاح إلى صدور اللبنانيين، وأرفض بقوة أن يتحكم هذا السلاح بالحياة السياسية في لبنان». وحين ذكّر أوغاسبيان بأن «الدعم الدولي للبنان عند صدور القرار 1701 جاء ب 15 ألف جندي تابعين لدول الأممالمتحدة إلى جنوب لبنان في حين أن بعض هذه الدول اليوم بدأ ينسحب من يونيفيل، ونذكر ألمانيا»، قاطعه بري قائلاً: «لنمنع ان يصل خلافنا الى حدود يرتب علينا مسؤولية دولية، في حين ان اسرائيل هي المسؤولة مئة في المئة عن كل ما يحصل، اذ لم يسجل اي خرق ولو واحد في الالف، في مقابل آلاف الخروق الاسرائيلية. وهناك علاقات ممتازة بين الاهالي و «يونيفيل». اما ألمانيا فكانت مهمتها محصورة في البحر وسلمت قوات بديلة منها بعد انتهاء مهمتها، ولبنان ملتزم بالقرار 1701 كاملاً». فضل الله وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) حسن فضل الله: «من المرات النادرة ان تُشكل حكومة لبنانية بإرداة وطنية بعيداً من تدخل اي ايد خارجية طالما اعتادت ان تمتد الى التأليف». وشدد على «انها حكومة لبنانية مئة بالمئة فكانت الخيبة في واشنطن وعلا صراخ السفيرة الاميركية في بيروت»، ولفت الى ان «الحقيقة محل اجماع وطني ونحن معها والموافقة المبدئية على تشكيل المحكمة التزمها الحوار الوطني وهذا ما التزمت به الحكومة»، متسائلاً: «لماذا لم توافقوا على اعطاء مَن وافق على المحكمة يومين لدراسة بند المحكمة؟». وهنا حاول الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة التوضيح، قائلاً إن ما جرى في شهر 11 عام 2006 موجود في بيان صدر عن رئاسة مجلس الوزراء... توجَّه اليه بري بالقول: «عندما يأتي دورك تتكلم كما تريد والرئاسة تعطي الكلام بمنتهى الحرية، وإلا انا من سيرد عليك». وقال النائب علي عمار: «اذا تابع كلامه فأنا لي حق الكلام»، ورد السنيورة: «أنا اريد ان الفت انتباه النواب» فقاطعه بري بالقول: «اثناء كلمتك تلفت نظر النواب». واذ اعتبر فضل الله ان «التسريب جزء من نظام المحكمة الداخلية ومادة للتوظيف الامني والبيع والشراء»، كشف ان «جهازاً امنياً لبنانياً رسمياً وزع التفاصيل على اشخاص محددين عشية صدور القرار الاتهامي عن الاسماء والصور وتاريخ الميلاد وما شابه»، مشدداً على انه «لن تصل الى المقاومين ايُّ يد ولو كان اسمها المحكمة». ورأى فضل الله ان كل مواقف المعارضة «بسبب السلطة، ويومهم الاسود ليس بعيداً منا»، ومشيراً الى ان «موقفهم رفض ان يكون على رأس الحكومة الا حاكمهم». وتوجه لرئيس الحكومة بالقول: «ترث إرثا ثقيلاً، ولنا كل الثقة بك أنك قادر على حمله». ماروني وقال عضو كتلة «الكتائب» ايلي ماروني: «كنا نتمنى لو وقفنا هنا اليوم في هذه القاعة المرممة لنحتفل جميعاً بترميم العلاقة بين القيادات اللبنانية وبرعايتكم انتم بالذات كما كنتم ترعون جلسات الحوار الوطني، ولكن للأسف جئنا كي نناقش بياناً نخشى ان يكون عنوانه قد اتى مغلوطاً: كلنا على الوطن وضد فريق من الوطن». وأضاف: «الكل وافق على محكمة دولية... ما أردناها يوماً مسيَّسة او منحازة، بل اردنا معها حكم القانون والعدالة، وايضاً لم نتهم احداً لاننا لا نريد تجهيل الفاعل. تتذكرون معي ليلة استشهاد الشيخ بيار امين الجميل، أن فخامة الرئيس امين الجميل رد على سائليه «من قتل بيار؟» بأنه لن يتهم احداً لئلا يتم تجهيل الفاعل، فهل نحن نسيِّس الجرائم؟ نعم، نحن في كل الجرائم لم نتهم احداً... لماذا بريء يخاف العدالة ولماذا غير الفاعل لا يقتحم المحكمة قانونياً ليدافع عن نفسه بدل خلق الاحتقان والتلهي بتبرير سبب رفض المحكمة وحرمان اهالي الشهداء من الوصول الى حقهم في الحقيقة، ونحن لن ندع دماء الشهداء تذهب هدراً». وتابع: «لأننا نعرف وجع فقدان الاحبة لن نسمح بأن يقتل شهداؤنا مرة جديدة بتغييب الفاعل او اقفال الملف او تضييعه، ولن نسمح لمن تبقى ويبقى دائماً في جعبتهم سلة من الاتهامات الجاهزة ان يدافعوا عن مجرمين قتلوا رجالات الوطن غير عابئين بالدم والدموع». وتابع: «ألا تتساءلون معنا عن موضوع السلاح؟ أما آن الاوان أن ننتهي من الدويلات؟ وهل هي جريمة نعاقب عليها إذا طلبنا ذلك»، مستطرداً بالقول: «تقولون إننا نريد مقاومة اسرائيل، فنحن معكم وقبلكم، ولكن ألا تنشئ الدول جيوشاً من أجل الدفاع عن ارضها، لماذا لا نقتدي بسورية التي تحبونها، ونقوِّي جيشنا من أجل الدفاع عن وطننا؟». ألان عون وقال عضو «تكتل التغيير والإصلاح» ألان عون: «نحن أيضاً نرفض غلبة السلاح ونسألكم عن أي غلبة تتكلمون؟ وأين تلك الغلبة وأنتم من فاز بالاكثرية النيابية عام 2009، أي بعد سنة على أحداث 7 ايار؟». وأشار الى أن «دولة القانون والمؤسسات لا تكون بنهج السلطة التي تقوم على الكارتيلات والمحاصصة». الضاهر... والمشادة مع قانصوه وحذرعضو كتلة «المستقبل» خالد الضاهر «من استخدام الجيش اللبناني في الصراعات في ضوء الاحتدام السياسي»، مؤكّداً انّ «تجاوز الخوف من الفتنة السنية الشيعية لا يتم بإقصاء الفئة الكبرى من السنة». وهاجم «حزب الله والسلاح». وخاطب رئيس الحكومة متسائلاً: «اين انت يا دولة الرئيس من ثوابت دار الفتوى؟ ولماذا التزمت بمبدأ الجيش والمقاومة والشعب ولم يتم تبني مبدأ الالتزام بالمحكمة الدولية؟». وأضاف: «انت يا دولة الرئيس امام شرطين لا ثالث لهما، اما ان تخضع لشروط الاكثرية وتوقف التعامل مع المحكمة، واما ان تنقذ نفسك ووطنك من هذا السيناريو المعارض للعدالة». وتوجه ب «التحية والتقدير الى الشعوب المنتفضة في الدول العربية، وبالاخص الى الشعب السوري المطالب بالحرية والديموقراطية»، مطالباً «بوقف زمرة المطبلين اللبنانيين في فرقة ابو عبده في اذية هذا الشعب الأبي، ونطالب الجيش بضبط الحدود لمنع وصول المعتدين على الشعب السوري». ما أثار النائب عاصم قانصوه الذي وقف للرد عليه، فطلب منه بري الجلوس، فرد قانصو: «انه يهاجم سورية، من هو هذا ليتحدى سورية»، فقال له الضاهر: «لا تقاطعني سيمكنك التحدث مقدار ما تشاء». ولدى انتهاء الضاهر من كلمته عاد الى مقعده، واستوى الى جانبه عدد من النواب، ثم وقف فجأة وخاطب بري قائلاً: «وأنا اتحدث قال لي قانصو: من هو هذا الكلب، وبما أني لم اسمعه لأردَّ عليه والآن علمت بذلك، اقول له: هو الكلب»، فتدخل بري مهدئاً وطالباً شطب العبارة من المحضر، فانتفض قانصو من مكانه محاولاً التوجه نحو الضاهر وهو يطلق عبارات لاذعة، فأمسك به عدد من النواب، وراح النائبان يكيلان عبارات نابية بعضهما لبعض، فأسكتهما بري وخاطب الضاهر بالقول: «ليس المهم ما قاله بل ما سمعته انت، انا أعرفك منذ عام 1992 وانت تتحدث في موضوع الحوار، وهذا لا ينسجم مع كلامك الله يسامحك ولا يسامح الذي نقل لك هذا الكلام». وبعد هرج ومرج داخل القاعة، تقدم السنيورة من الضاهر وراح يطيب خاطره. وهنا تدخل ايضا الرئيس ميقاتي ونادى الضاهر وهو يمسح بيده على وجهه قائلاً: «يا خالد روق (اهدأ)». في هذا الوقت كان قانصو يتابع السجال مع الضاهر فهدأه النائب نواف الموسوي الذي توجه اليه بري قائلا: «خلص يا سيد، اخوان وتعاتبوا على طريقتهم»، فعلت القهقهة داخل القاعة. فياض وحسم بري الخلاف بالطلب الى النائب علي فياض (حزب الله) التوجه الى المنصة لإلقاء مداخلته، فقال: «نحن ننحني أمام الشعب السوري الذي سير تظاهرات مليونية تأييداً للخطوات الاصلاحية للرئيس (بشار) الاسد»، لكنه حذر في الوقت نفسه من «ان التعبئة الطائفية أو التلويح بالتدويل يهددان بانحراف هذه التطورات التي يشهدها العالم العربي». ورأى «أننا قرأنا في بيان البريستول دعوة مستغربة للحكومات العربية والمجتمع الدولي لمقاطعة الحكومة بحال عدم تنفيذها القرار 1757»، معتبراً هذه الدعوة «خطة غير مسبوقة وخطيرة وتتجاوز منطق المعارضة الطبيعي الى منطق التأليب على الدولة وتهديد مصالحها الحيوية». ولفت الى ان «الدعوة الى مقاطعة الحكومة هي دعوة غير مباشرة لمقاطعة الدولة ومحاصرتها وخنقها»، مشيراً الى انه «في ظل دقة الاوضاع اللبنانية، فهذه الدعوة تأخذ صفة اللعب بالنار، وتنطوي على نرجسية سياسية تتجاوز كل حدود أخلاقية، وتشكل إمعاناً في سياسة الاستقواء بالخارج، في ظل عجز هذا الفريق من الناحية الشعبية والبرلمانية». واعتبر ان «الدعوة الى مقاطعة الحكومة تنتمي الى منطق اللادولة في مواجهة الدولة». ولفت الى ان «الافتراض ان العدالة الدولية حيادية، هو مغرض ويتناقض مع السياسة الدولية ومع منطق الصراع الدولي»، مشيراً الى ان «جوهر المشكلة ان تكون المحكمة موثوقة»، معتبراً ان «ما يسمى بالعدالة الدولية كذبة كبيرة، فليس هناك عدالة دولية نزيهة وموثوقة ومحايدة». وتساءل: «هل عملت المحكمة وفق معايير العدالة الدولية؟ وماذا عن تجاوز المعايير المهنية عند مداهمة العيادة النسائية؟ ولماذا جرى تهميش فرضية اتهام اسرائيل؟». ورأى ان «المحكمة أُعطيت فرصتها وأخذت وقتها الكافي لتؤكد الحد الادنى من المصداقية وجرى التجاوب معها مبدئياً، وهي داست بنفسها على كل أمل بالحقيقة». واعتبر «أننا امام محكمة سياسية وليست مسيسة فقط، محكمة بأهداف وغايات هي جزء من المواجهة بين المقاومة وأعدائها»، لافتاً الى ان «المحكمة الدولية هي قضية حق يراد بها باطل»، متهماً الفريق الآخر ب «توفير الغطاء لأكثر المؤامرات التي تستهدف المقاومة». وتطرق فياض الى الحسابات المالية، فرأى ان السؤال المنطقي هو: «ما الصحيح بالحسابات؟»، لافتاً الى ان هذه الحسابات بحاجة الى تصحيح، ومعتبراً ان «هناك استباحة ميليشاوية للادارة المالية في الدولة». وأضاف: «المسؤولية الوطنية تستدعي بعض المصارحة، فلنتطلع باتجاه المستقبل، الطروحات والشعارات السياسية التي تطرحها 14 آذار تبدو لي من دون أفق، والحكومة لن تنهار كما يطمح هذا الفريق، ولا تغيير في سياسات البيان الوزاري كما يدعو اليه هذا الفريق، ولا الاكثرية ستتغير، ولا تراجع عن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، فهذا الضجيج لن يكون الا صرخة في واد»، معتبراً أن «الفريق الآخر عاجز عن استيعاب التغيرات، وهو عاجز عن التكيّف مع التغيرات الاستراتيجية التي باتت مكونات ثابتة بالنسبة للبنان». الجراح وقال عضو كتلة «المستقبل» جمال الجراح: «الهامات الكبيرة وُجدت لحماية الوطن والسلم الاهلي والعدالة وليس للتبرع بحمل آثام الآخرين وأفعالهم ولا للتنكر للشهداء». وسأل: «هل من اغتال الرئيس (الشهيد رفيق) الحريري وسائر الشهداء كان حريصاً على السلم الأهلي كي لا يحاكم؟». وأضاف: «لن نخضع للمنطق الأسود ولن نتنكر للشهداء وكفانا قمصاناً سوداً. فلبنان بحاجة الى قلوب بيض تصان بها الوحدة الوطنية وتتحقق معها العدالة»، متوجهاً إلى ميقاتي بالقول: «أنت تقول عن نفسك إنك وسطي ولكنني عملتُ جاهداً لكي أنتزع من بيانكم ومن تصريحاتكم موقفاً وسطياً، فلم أفلح. أنت منحاز وسياستك ليست وسطية بل ميقاتية بامتياز». فضحك نواب من 14 آذار فعلق بري ممازحاً: «بناء على طلب بعض المشاغبين (يقصد النائب سرج طور سركيسيان) عيدها (أعدْها)». وزاد الجراح: «عملياً وليس مبدئياً، تشكلت المحكمة الدولية فلا تجهضوها»، متهماً ميقاتي بأن حكومته «تؤسس لحرب أهلية جديدة ربما سيتسنى لكم متابعتها على شاشات التلفزيون». عراجي وشدّد النائب عاصم عراجي (المستقبل) على أنّ «المتابِع لمسرحية التأليف ومسرحية البيان الوزاري يعرف، ومن دون جهد، أن الهدف هو التنصل والهروب من القرار 1757 المتعلق بالمحكمة الدولية». ولفت إلى أنّ «المواقف البطولية من قبل الرئيس ميقاتي حول احترامه القرارات الدولية هي فقط من أجل تحسين صورته الشعبية في الشارع الذي انتخبه وانقلب هو عليه بعد حين» . وطالبه بأن يعلن «بصراحة وبوضوح تام موقفه من القرار 1757، فالتاريخ لن يرحم». وقال: «من الواجب علينا ان نقول هذا الثالوث (الجيش والشعب والمقاومة) لا يتلاءم مع التطور التصاعدي في هذه الدولة». المقداد وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» علي المقداد، أن «لبنان لن يكون أرجوحة يتسلى بها اصحاب القرارات الدولية»، متوجهاً إلى فريق المعارضة بالقول: «تدفنون رؤوسكم في الرمال، فلا تلعنوا الظروف، فالظروف انتم من تصنعونها، بل العنوا ساعة التخلي». وشدد على أن «البلد لن يبقى للنهب، ولن تبقى المقاومة «فشة خلق»، بل سيكون هذا العهد عهد الحفاظ على المقاومة»، مؤكداً أن «الثقة أمر بديهي لحكومة أعتقد، بل أجزم بأنها ستكون الخلاص للبلد». نقولا وقال عضو تكتل «التغيير والاصلاح» نبيل نقولا: «انا سأعطي الثقة قبل الكلام» ، فأجابه بري: «لا لزوم لأن تكمل كلامك». وتابع نقولا: «نحن اليوم أمام صفحة جديدة من تاريخنا، وهي لمصلحة المواطن والوطن. سمعنا خلال المناقشات كلامًا أقل ما يقال فيه أنه ترداد لنفوس حاقدة تسعى عبر مفرداتها الى إسقاط إمكان بناء الدولة القوية، القادرة، العادلة، السيدة، الحرة، المستقلة والمستقرة، وتستعيد تنشيط ذكريات الحرب الأهلية. ان 5 شباط (فبراير) 2006 ما زال حيًا في ذاكرة أهلنا في الأشرفية، وشاهداً على حضارة هذا الفريق، كما اننا لن ننسى 7 آب (اغسطس) 2001». وقال: «اننا على ثقة بأن هذه الحكومة، رئيساً ووزراء، سيعملون لإعادة الثقة بالوطن والدولة ومحاسبة من أهدر أموال الشعب وساهم بإفقاره، وستحقق شعارها «كلنا للوطن كلنا للعمل»، وستعمل على العبور الى الدولة وليس العبور على الدولة ولمآرب خاصة. وإن قافلة العمل سائرة غير آبهة لبعض الأصوات». وهبي وتوجه عضو تكتل «لبنان أولاً» أمين وهبي، إلى الرئيس ميقاتي بالقول: «تفاجئنا يا دولة الرئيس (ميقاتي) بسرعة تنصلك من كل ما تعهدت به»، معتبراً أنَّ «هذه الحكومة علاماتها الفارقة ليست في بيانها الوزاري بل كانت يوم التكليف في الإكراه ومع عملية التشكيل يوم أتى الأمر من الخارج». وأضاف: «لقد أنجزت يا دولة الرئيس قبل أن تنال الثقة، وإنجازك هو في اغتيال الحوار الوطني». قانصوه وأبي رميا واكتفى النائب عاصم قانصوه بمنح الثقة من دون أن يلقي كلمته. ثم أعطيت الكلمة لعضو «تكتّل التغيير والإصلاح» سيمون أبي رميا، فقال: «باسم الأكثرية النيابية للأقلية اعتذار، وأعتذر لأننا فاجأناكم وأخذنا منكم الأكثرية النيابية». وأضاف: «عذراً إذا قَبل رئيس الحكومة التكليف من قبل 68 نائباً، وحسب معلوماتي لم يصوّب أحد المسدس على رأسه لقبول هذه المهمة الشاقة»، سائلاً: «ألم يأت تكليفه مطابقاً للدستور؟». وتابع: «عذراً إذا حسّن نجيب ميقاتي شروطه فلم يلتزم بما التزم به الرئيس السابق للحكومة (سعد الحريري) وتنازل عن العدالة من أجل حفنة من المواقع، وعذراً إذا تشكلت الحكومة بصناعة لبنانية صافية». فقاطعه عضو كتلة «القوات اللبنانية» فريد حبيب قائلاً: «كان اريح لنا لو تكلم النائب قانصوه». فعلق عدد من النواب «معك حق». وطلب أبي رميا من رئيس الحكومة ووزير الخارجية عدنان منصور «العمل على جعل السفراء الأجانب يلتزمون المواثيق الدولية بشأن تحركهم على الأراضي اللبنانية، لجهة ضرورة أن يطلبوا إذناً عند أي زيارة لأحد القياديين». وتوجّه إلى النائب مروان حماده قائلاً: «إلى صديقي الزميل مروان حماده، أقول لا، المجتمع الدولي لم يحم العماد عون عام 1990، بل ساهم في نفيه وإبعاده». وإذ رفض التعليق على موضوع المحكمة، سأل أبي رميا: «كيف أنَّ مجلة «دير شبيغل» و «لوفيغارو» وبعض الصحف لديها مسوَّدة عن القرار الاتهامي، بينما ال 128 نائباً في مجلس النواب ليس لديهم هذه المسودة؟». وقال: «بما أنَّ الأقلية الجديدة لا تريد أن تلعب دور المعارضة البناءة بل تريد أن تكون معارضة هدامة، اسمحوا لنا كنواب أن نلعب دور المعارضة البناءة، ولكم الثقة على أساس أنها حكومة كلنا للوطن كلنا للعمل». أسود وتوجه عضو التكتل نفسه زياد أسود ب «الشكر للنائب خالد الضاهر» بسبب «غيرته على المسيحيين»، وقال: «لكن النصائح الملغومة مردودة مع الشكر». واعتبر أنَّ «الحكومة لم تأت عبر الانقلاب لتسقط بالانقلاب، بل أتت لتوقف العبث المالي والإداري المنتشر في البلاد»، مضيفاً أنَّ فريقه السياسي «أراد إدارة الصراع (السياسي) إدارة ليس فيها مذهبية، بينما نهج الفريق الآخرالأرعن رتب على البلاد والعباد البلايين من الديون، فتحول هذا النهج إلى أسلوب منهجي قائم على التعديات، فكانت ومازالت «سوليدير» كقرصنة العصر بقانون مستغرب، وفتحوا أبواب الدولة للسفراء، وختموا سياستهم السيئة بهدم مؤسسة القضاء، وأخضعوا بعض القضاة وعزلوا البعض الآخر». وإذ وصف تأكيد الحكومة أنَّها تريد «متابعة تحرير الأراضي بكافة الوسائل المتاحة والمشروعة» ب «الفعل الحسن»، رأى أسود أنَّ «على هذه الحكومة أن تعيد الأمور إلى نصابها بالممارسة الصحيحة، فلا دولة من دون قضاء ولا حقوق من دون قضاء، ولا يخاف من المحاسبة إلا المرتكب والفاسد»، معتبراً أنَّ «الإنجاز هو في خروجهم من السطلة ولو تأخرت، ومهما فعلوا وشحنوا النفوس وابتدعوا شعارات، فإنَّ أول المنتصرين هو لبنان، لبنان السيادة والحرية، وإنَّ أول الخاسرين هي العقلية المصادرة لحقنا في الكرامة والعيش في حرية». واتهم أسود المحكمة بأنها «أتت لقطع رأس المقاومة»، وأضاف: «سنسمع غداً عن الجنوب منزوع السلاح، ولقد استلهم الفريق الآخر الإرادة الخارجية في مقاطعة الحكومة ومن أجل إسقاطها، من دون أن يرى أفعالها، فلقد سقط شعار ثورة الأرز»، وتابع: «صحيح أنَّ هذه الحكومة تحرص في بيانها على جلاء الحقيقة ومتابعة أعمال المحكمة الدولية، ولكن على هذه الحكومة أن تنتبه إلى أنَّ الأممالمتحدة وتحت عنوان العدالة تغرر بنا وتغرينا»، معتبراً أنَّ «من يقايض السلطة وبعض المراكز بالمحكمة لا يحترم القرارات الدولية لكي يأخذ علينا عدم الالتزام بها، وحسناً فعلَتْ هذه الحكومة باحترام القرارات الدولية بدلاً من المقايضة بها، فالعدالة في أيامنا نسبية وهي للأقوى». وكانت الساعة تشير الى الثالثة حين قال بري: «بقي عندنا 20 نائباً على لائحة الكلام»، فقال السنيورة: «بكير»، فأجابه بري: «هذا بفضلك وما دامت القصة هيك سأرفع الجلسة إلى الخامسة مساء (بدلاً من السادسة)». وهكذا كان.