انتهت المبارزة الكلامية التي شهدها المجلس النيابي اللبناني على مدى ثلاثة أيام وتمحورت حول الموقف من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وظروف تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بحصول الأخيرة على ثقة 68 من أصل 128 نائباً، وانسحاب نواب قوى 14 آذار من قاعة البرلمان أثناء التصويت، وامتناع أحد النواب عن التصويت. ولم يخلُ اليوم الأخير من المناقشات، من بعض المشاحنات، خصوصاً أن مداخلات بارزة تخللتها من أقطاب معارضين في قوى 14 آذار، مثل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري والنائب بطرس حرب ومن الأكثرية، أبرزهم رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب محمد رعد، انتهت برد لميقاتي على النواب، دافع فيه عن الاتهامات التي وجهها إليه نواب المعارضة بالتنكر لدماء الشهداء، فغمز مجدداً من قناة رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري، مكرراً القول إن «ليس نجيب ميقاتي الذي ناور وفاوض على المحكمة والعدالة من أجل البقاء في السلطة»، في إشارة منه الى المفاوضات السورية – السعودية التي كانت جارية نهاية العام الماضي حول الوضع اللبناني. وهاجم النائب رعد المحكمة الدولية، معتبراً أنها «غدت إحدى أدوات الاستراتيجية العدوانية» الإسرائيلية عبر تفكيك منظومة الشعب والجيش والمقاومة، وأكد أنها محكمة «مزوّرة ومسيّسة ولن تحقق العدالة وهي في يد الديكتاتورية الأميركية والصهيونية». وقال حرب لميقاتي: «ستتعذبون وستندمون على أنكم تحولتم رهينة لأكثرية قادرة على أن تفرض رأيها عليكم». واتهم سامي الجميل الحكومة بأنها أسقطت موضوع العدالة، ولاحظ أنه تم إسقاط حكومة الحريري بحجة موضوع شهود الزور الذي لم يرد في البيان الوزاري. وتميزت كلمة بهية الحريري بهجوم على الحكومة وبتشديدها على التسامح والتصالح بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مشيدة بالجهود السعودية والقطرية والتركية العام الماضي، وهاجمت الحكومة وخاطبت رئيس البرلمان نبيه بري قائلة: «من نعم الله عليكم أنكم آخر من يمكن الكلام معه». وقال السنيورة عن الحكومة: «جرى تسلم السلطة عن طريق الانقلاب المستند الى وهج السلاح... وبدا أن للوسطية (يقصد ميقاتي) والاعتدال أدواراً في تأمين التغطية للانقلاب وتجميل صورته». وأنهى كلمته بالقول: «إن الرئيس رفيق الحريري يحجب عنكم الثقة». وسمح الرئيس بري أمس ببعض الردود من نواب «حزب الله» من على مقاعد النواب على الخطباء، خلافاً لليومين الماضيين فرد النائب علي عمار على الجميل ونواف الموسوي على نواب آخرين فاتّهم رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن بتسريب أسماء المتهمين الأربعة من الحزب على رغم أن القرار الاتهامي بقي سرياً. وفي رده على النواب، أكد ميقاتي في كلمته المكتوبة أنه «غاضب». وإذ أجاب عن مطالبة قوى 14 آذار بإعلان التزامه القرار الدولي 1757، قال إن الحكومة عازمة على التعاون في هذا الخصوص تطبيقاً للقرار 1757. ورد على انتقاد بيان حكومته لأنه أشار الى أن المحكمة أنشئت «مبدئياً» لإحقاق الحق والعدالة، فقال إن كلمة «مبدئياً» مقتبسة من صيغة مقدمة من حكومة الرئيس سعد الحريري الى اجتماع وزراء الخارجية العرب في 2 آذار (مارس) 2011، فرد عليه النائب مروان حماده قائلاً: «لم يكن الحريري رئيس حكومة في هذا التاريخ». وأجاب ميقاتي: «كان رئيس حكومة تصريف أعمال»، وقال حماده: «كان وزير الخارجية (علي الشامي) الذي يتصرف وليس الحريري»، فرد ميقاتي: «أي حكومته، إلا إذا قصدت أنه لم يكن يقوم بدوره». واعتبر بري أن ما قيل عن وزير الخارجية غير مقبول، لكن السنيورة أضاف: «لدينا تجارب بأن وزير الخارجية كان يشتغل من رأسه»... فأكد بري أن لبنان وافق على النص. ونفى ميقاتي أن يكون تنكر لدماء الشهداء. وأضاف في كلامه للسنيورة: «أنا لا أحمل ممحاة أكتب بقلم حبر، وأنت تكتب بقلم رصاص». فرد السنيورة: «أحترم كلامك، لكن الناس جميعاً يعرفون الحقيقة»... وحاول الوزير علي حسن خليل الدفاع عن ميقاتي فأجابه السنيورة: «أنت شو خصك»، فتدخل بري لإسكات خليل ولمطالبة السنيورة بعدم مقاطعة ميقاتي. وقال مصدر من فريق الحريري تعليقاً على استشهاد ميقاتي بفقرة اقتُرحت على وزراء الخارجية العرب، أن الحكومة كانت في حكم المستقيلة قبل ذلك بشهر و3 أسابيع وهذه الفقرة صاغها الوزير السابق علي الشامي من دون العودة الى الرئيس الحريري، وهو لم يتصل مرة واحدة بالرئيس الحريري للتشاور معه في أي أمر طوال فترة تصريف الأعمال، وكان يتصرف لوحده. وقالت مصادر الحريري إنه سيظهر في مقابلة تلفزيونية الثلثاء المقبل (شاشة أم تي في) للإدلاء برأيه فيث شأن التطورات في البلاد.