بنغازي (ليبيا)، الجزائر، طرابلس - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - دخلت الحملة الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي على ليبيا يومها المئة، الإثنين، مع نجاح الضربات التي تنفذها الطائرات في تخفيف الحصار على المدن الرئيسية للثوار وإن كان معمر القذافي لا يزال في السلطة ولا تزال المخاوف مستمرة من احتمال الدخول في حرب طويلة. فبعد ثلاثة أشهر من انطلاق أولى طلعات الطائرات الفرنسية شرق ليبيا، ما زال الحلف الأطلسي يدك أهدافاً في أنحاء مختلفة من البلاد فيما أصبحت الحرب تُخاض على جبهات عدة، ومن دون تحقيق أي من الجانبين نصراً حاسماً على الجانب الآخر. ومع اقتراب «عملية الحامي الموحد» من تجاوز حد الخمسة آلاف طلعة، بات الأطلسي يقصف زهاء 50 هدفاً يومياً، غالبيتها في طرابلس أو ضواحيها فضلاً عن مصراتة غرباً والبريقة شرقاً وجبل نفوسة جنوب غربي العاصمة. والاستثناء الوحيد بالنسبة للثوار المفتقرين إلى المعدات ومن معهم من الهاربين من قوات القذافي هو عند جبل نفوسة حيث تبدو قوات الثوار قادرة على إحراز تقدم والحفاظ عليه. ويقول مراسل ل «فرانس برس» في الموقع إن قوات الثوار اقتربت الإثنين لمسافة نحو 50 كيلومتراً من طرابلس، بعد يوم من السيطرة على تل على بعد 15 كيلومتراً من بئر الغنم، وهو نقطة استراتيجية في الطريق المؤدية إلى العاصمة. ويقول قادة الثوار إن القتال يتركز حول بئر الغنم. وقُتل أربعة ثوار الأحد مع تبادل الجانبين نيران المدفعية وصواريخ غراد ونيران الرشاشات الثقيلة، وفق المراسل. وانسحب بعض الثوار قليلاً وإن كانوا لا يزالون يسيطرون على التل. وتمكن المقاتلون من النزول من قطاع الزنتان ويفرن بجبل نفوسة الذي استولوا عليه الأسبوع الماضي لينضموا إلى الثوار من الزاوية. وفي الإطار ذاته، نقلت وكالة «رويترز» عن جمعة إبراهيم، وهو ناطق باسم الثوار،ش إن مقاتلي المعارضين جنوبطرابلس تقدموا إلى نحو 80 كيلومتراً من العاصمة الليبية ويقاتلون قوات القذافي للسيطرة على بلدة بئر الغنم. وتابع متحدثاً من بلدة الزنتان القريبة عبر الهاتف: «نحن على المشارف الجنوبية والغربية لبئر الغنم». واستطرد: «دارت معارك هناك معظم (أول من) أمس. استشهد بعض مقاتلينا وتكبدت (قوات القذافي) أيضاً خسائر في الأرواح واستولينا على معدات وعربات. الهدوء يسود المكان اليوم (أمس) والمعارضون ما زالوا في مواقعهم». وقال حلف الأطلسي في بيانه اليومي للعمليات إنه نفّذ ضربات الأحد على الزنتان ويفرن والزاوية. وتسود حال من الجمود المشوب بالقلق على الجبهات الأخرى، حيث يواصل الثوار الاحتفاظ بمواقعهم حول مصراتة، وأجدابيا القريبة من بلدة البريقة النفطية، رغم القصف الصاروخي وقصف الهاون الذين تشنه قوات القذافي بين الحين والآخر ما يوقع قتلى وجرحى. وذكرت وكالة الجماهيرية للأنباء الليبية أن السلطات الليبية نظّمت الأحد رحلة لمراسلي ومندوبي وسائل الإعلام العالمية المختلفة لتفقد منطقة البريقة حيث «أطلعوا عن كثب على آثار قصف عدوان الناتو الصليبي الظالم ... وتعرفوا خلال هذه الزيارة عن كثب إلى هذه المواقع ومن بينها قاعة الطعام الرئيسية ومخازن الأغذية والثلاجات والمختبر الآلي وهوائية الاتصالات الهاتفية وعدد من المساكن مما أدى إلى استشهاد 15 شخصاً وإصابة 20 آخرين بإصابات بليغة». ونفى حلف «الناتو» أن يكون قصف أهدافاً مدنية في البريقة، نافياً مزاعم طرابلس بأن الأهداف التي تم قصفها (مطعم) كانت مدنية. كذلك شملت الزيارة منطقة بشر حيث ذكرت الوكالة أن الصحافيين إطلعوا على «الدمار الذي سببه قصف عدوان الناتو الصليبي والأعمال الإجرامية التي قامت بها العصابات المسلحة في المنطقة»، في إشارة إلى الثوار. وأوضحت الوكالة الليبية أيضاً أن الفريق أول أبو بكر يونس جابر أمين اللجنة العامة الموقتة للدفاع (وزير الدفاع) قام الأحد بزيارة منزل الفريق الخويلدي الحميدي في صرمان (غرب طرابلس) حيث قدّم له ولأسرته التعازي في مقتل ثلاثة من أحفاده وعدد من أبناء أسرته وزوجة إبنه المهندس خالد الخويلدي (إبنة الفريق ركن أحمد محمود الزوي). وأشارت الوكالة إلى أن يونس إطلع برفقة الخويلدي على آثار قصف «الناتو» الذي استهدف منزله بثمانية صواريخ في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين الماضي في مدينة صرمان، وهو القصف الذي أدى إلى سقوط 19 قتيلاً بينهم ثمانية أطفال. وأكد حلف «الناتو» أن المنزل الذي قصفه يُعتبر هدفاً عسكرياً. وعلى رغم النجاح المحدود للأطلسي في تحييد قوات القذافي إلا أن غالبية الليبيين في الشرق ما زالوا يدعمون بقوة مهمة الحلف. ويقول موسى مبارك العقيلي، 46 سنة، الذي فقد شقيقه محمد قبل 100 يوم بعد إسقاط قوات القذافي طائرته الميغ-23 أثناء دفاعه عن بنغازي، إن الأطلسي حال دون وقوع مجزرة. ويضيف «انهم يساعدوننا»، بينما يجلس إلى جانب صورة لشقيقه بمنزل الأسرة خارج بنغازي. ويتابع: «لولا حلف الأطلسي والرجال مثل أخي لدخل جيش القذافي بنغازي». ويدرك سكان المدينة التي تعد المعقل الرئيسي للمتمردين على نظام القذافي حجم الدماء التي كانت ستسيل لو سيطر القذافي على مدينتهم. كما يحرص «الناتو» على التذكير بهذا الخطر مع التشكك الذي يدور في أوساط دوله حول مدى استمرار الحرب وتلميح بلدان كإيطاليا لفكرة التوصل إلى هدنة. وتقول أونا لونغيسكو المتحدثة بلسان الحلف «قبل ثلاثة أشهر كانت بنغازي تحت التهديد ومصراتة تحت الحصار ... أنظروا أين أصبحنا الآن مقارنة بالوضع قبلاً». وعلى مقربة من مدينة مصراتة التي تتعرض لقصف كثيف، يشير أحد مراسلي «فرانس برس» إلى ما يدلل مجدداً إلى جدية هذا التهديد الأحد حينما قتل شخص وجرح سبعة آخرون اثر سقوط قذيفتين. ووسط الجمود القتالي على أصعدة أخرى، صرحت لجنة تابعة للاتحاد الأفريقي بأن القذافي لن يشارك في محادثات سلام، في ما يبدو انه تنازل من جانبه.