سمعنا عن الطفل المعجزة وعن الطفل الشجاع وعن الطفل الأمين وعن الطفل الخارق الذي منحه الله ملكة الحفظ، وسمعنا عن صفات كثيرة لأطفال، ولكن ربما المرة الأولى التي نرى بأعيننا الطفل الكرة، فما هي حكايته؟ حكايته يا سادة يا كرام أنه طفل شاء قدره ثم قدر أسرته أن يكون ابناً من أبنائها أمسك به أبوه أو ربما عمه أو ربما خاله أو ربما أخوه الأكبر بين يديه في مجلس المنزل، ليتسلى به مع أصدقائه ويسمح لهم وهو معهم بقذفه مرات عدة في الهواء الطلق، ليمسك به أحد منهم ثم ليعاودوا قذفه مرة أخرى وهم يتضاحكون سعداء فخورين بما يفعلونه به. لم يكن الطفل كما بدا في اليوتيوب في الشريط المصور الذي صوّره شريك لهم في الجريمة البشعة سعيداً بما هو فيه، لم يكن يضحك ولا يبتسم، لم يكن سوى كائن مرعوب وجهه مليء بالحيرة والأسى والكثير من الغضب والرعب، نعم الرعب الذي لم يره أحد من الأربعة الراشدين البالغين الذين لم يرضهم سوى اللعب بطفل أعزل لا يعرف لماذا يفعلون به ما يفعلونه! إنني وعبر هذه الزاوية أتقدم ببلاغ رسمي لكل الجهات المسؤولة عن هذه المهزلة وعن هذه الجريمة البشعة في حق الطفولة. سأكون صريحة للغاية عبر هذه الزاوية أيضاً وقبل عامين أو أقل قليلاً كتبت كما كتب غيري من الزملاء والزميلات عن حادثة مماثلة كانت عبارة عن شريط مصور لأب يرمي ابنته في المسبح، بهدف تعليمها السباحة وطالبت بضرورة التعرف على الأب ومعاقبته والتصريح بالعقوبة، حتى يستفيد بقية أفراد المجتمع من هذه الحادثة، مع ضرورة تأهيله حتى يعرف معنى المحافظة على حياة الطفلة وعلى عدم تعريضها للصدمات، ولكن الموضوع مر مرور الكرام بعد بعض الهمامات هنا وهناك، ثم الإعلان عن فشل محاولات التعرف على الأب، وتم إلغاء الفيديو من اليوتيوب ونسينا الموضوع، حتى ظهر هذا الشريط، وكلنا يعلم أن أضعاف أضعاف ما شاهدناه اليوم يحدث وسيحدث إذا لم نتعاط مع الموضوع بجدية. القوانين الصارمة لحالات ترويع الأطفال وتعذيبهم يجب ألا نتهاون فيها، ويجب أن نبدأ بتطبيقها، ويجب ألا تدخل فيها الوساطات والتنازلات لأنه حق الطفل الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه ضد بالغين وراشدين من المفترض أن يكونوا هم أرحم الناس به. الحالة الأولى حاول الأب غير الراشد تعليم ابنته السباحة بأسلوب الغمر، والخمسة الذين تقاذفوا الطفل كالكرة حاولوا إثبات أن الأرض كروية وعرفوا أيضاً أن المجتمع كثير الكلام قليل الفعل، وهذا ما شجع الكثيرين آباء وأمهات وزوجات أباً ومعلمين ومعلمات على الاستهانة بحق الطفولة، لأنهم عرفوا بخبرتهم أن لا عقوبة ستطاولهم إلا لو توفي الطفل ولم يتنازل أولياء الدم. التنازل عن العقوبات المقررة ربما يكون حقاً خاصاً، ولكن أين حق المجتمع في حماية أفراده؟ [email protected]