أعلنت الأممالمتحدة فتح تحقيق في تقارير تتهم النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية، في هجمات شنّها أخيراً على مدينتي سراقب في إدلب ودوما في الغوطة الشرقية في سورية. وتزامن ذلك مع تصاعد دعوات غربية إلى التحقيق في استخدام الكيماوي، ومطالبة روسيا بالضغط على النظام السوري لوقف هذه الهجمات. وأعربت لجنة الأممالمتحدة للتحقيق في وضع حقوق الإنسان في سورية عن «القلق إزاء تقارير عدة يتم التحقيق فيها الآن، عن استخدام قنابل يُعتقد أنها تحتوي على مادة الكلور تُستخدم لأغراض عسكرية في بلدتي سراقب في إدلب ودوما في الغوطة الشرقية». وقال رئيس لجنة التحقيق بول بينيرو في بيان أمس، إن الحصار المفروض على منطقة الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في دمشق «ينطوي على جرائم دولية تتمثل في القصف من دون تمييز والتجويع المتعمد للسكان المدنيين». وأشار إلى أن «التقارير عن تدمير ثلاثة مستشفيات عبر القصف الجوي في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة تجعل ما يعرف بمناطق خفض التوتر مثار سخرية». والغوطة الشرقية مشمولة في منطقة خفض التوتر التي تم الاتفاق عليها العام الماضي بين تركيا وايران وروسيا. لكن أعمال العنف تصاعدت في الأسابيع الماضية، ويُشتبه باستخدام الكلور مرتين في ذخائر، اتُهم النظام بإلقائها على الغوطة الشرقية خلال الشهر الجاري. كما وردت تقارير عن استخدام الغاز السام مرة ثالثة في محافظة إدلب المشمولة أيضاً ب «خفض التوتر». في غضون ذلك، دعت ألمانيا إلى إجراء «تحقيق مستفيض» في المعلومات عن استخدام السلاح الكيماوي في إدلب والغوطة. وأفاد في بيان صادر عن وزارة الخارجية الألمانية أمس، بأنه «إذا تأكّد استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية مرة أخرى، فإنه سيكون عملاً شنيعاً وانتهاكاً سافراً للالتزام الأخلاقي والقانوني بعدم القيام بذلك». وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعربت في بيان أصدرته مساء الإثنين، عن قلق واشنطن العميق إزاء التقارير الواردة عن شنّ النظام السوري هجمات كيماوية جديدة. وطالب البيان موسكو ب «ممارسة ضغوط» على الرئيس بشار الأسد و «داعميه» لوقف هذه الهجمات. أتى ذلك بعد خوض مواجهة في مجلس الأمن حول هذه المسألة مع روسيا، أبرز داعمي دمشق. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت في بيان، إن «أميركا قلقة للغاية إزاء الاتهامات المستمرة في شأن استخدام النظام السوري غاز الكلور لترويع أبرياء آمنين وهذه المرّة قرب سراقب في محافظة إدلب». وأضافت أن «هذا سادس هجوم من هذا النوع يُسجّل في سورية في غضون الأيام الثلاثين الأخيرة». وكانت واشنطن اتهمت روسيا بتأخير إصدار إعلان عن مجلس الأمن يندد بهجمات كيماوية يُشتبه بوقوعها في سورية. وقال ديبلوماسيون إن موسكو طالبت ب «بعض الوقت» قبل التصويت عليه، لإبداء الرأي. وشدّدت مسوّدة البيان الأميركي على ضرورة «اغتنام الفرص كافة لممارسة الضغط علناً على نظام الأسد وداعميه، ليكفّ عن استخدام أسلحة كيماوية ولمحاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات». وأعرب البيان عن إدانة مجلس الأمن «بأشدّ العبارات» هجوماً مفترضاً بالكلور في الأول من شباط (فبراير) في دوما (الغوطة الشرقيةلدمشق)، أدّى إلى إصابة أكثر من عشرين مدنياً بينهم أطفال. وأكد البيان أن «المسؤولين عن اللجوء إلى الأسلحة الكيماوية بما فيها الكلور، يجب أن يُحاسبوا». في المقابل، اقترحت روسيا تعديلات على نص البيان، منها أن يشطب منه اسم غوطة دمشقالشرقية، وأن يطالب ب «التحقق» من المعلومات الصحافية التي تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي «بمصداقية ومهنية». وقال ديبلوماسيون إن الولاياتالمتحدة رفضت التعديلات الروسية، ما قضى على الآمال في إصدار إدانة. ومنذ اندلاع النزاع في سورية، اتهم محققو الأممالمتحدة مراراً النظام السوري باستخدام غازي الكلور أو السارين في هجمات على المدنيين. لكن دمشق نفت تكراراً استخدام هذه الأسلحة. وفي عام 2017، أدى استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إلى وقف عمل لجنة تحقيق دولية حول الهجمات الكيماوية في سورية حملت تسمية «آلية التحقيق المشتركة». وكانت آلية التحقيق المذكورة حمّلت نظام الأسد مسؤولية هجومين حصلا في 2014 و2015، كما حمّلت تنظيم «داعش» مسؤولية استخدام «غاز الخردل» في 2015.