ذكرت مسودة تقرير لباحثين أميركيين في شأن الأخطار الصحية المحتملة للهواتف المحمولة، أن ذكور الفئران التي تعرضت إلى مستويات عالية جداً من نوع الإشعاع نفسه الذي تصدره الهواتف المحمولة أصيبت بسرطان في الأنسجة المحيطة بقلوبها. وقال التقرير المبدئي ل«البرنامج الوطني الأميركي لطب السموم»، وهو جزء من المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية، أن إناث الفئران التي تعرضت بالطريقة نفسها لم تصب بالسرطان. وتضاف هذه النتائج إلى سنوات من الأبحاث التي استهدفت المساعدة في تسوية النقاش في شأن ما إذا كان الإشعاع الصادر عن الهاتف المحمول ضاراً. وقال علماء «البرنامج الوطني الأميركي لطب السموم»، و«إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية» أمس (الجمعة) إنه على رغم أن هذه النتائج مثيرة للاهتمام لا يمكن استقراؤها على البشر . وأشاروا إلى أن المقصود من الدراسات على الحيوانات اختبار أقصى درجات التعرض إلى أشعة الهاتف المحمول وأن الحدود الحالية للسلامة في شأن إشعاع التليفون المحمول توفر الحماية. ولكن هاتين الدراستين اللتين استغرقتا عشرة أعوام بكلفة 25 مليون دولار تثير تساؤلات جديدة في شأن التعرض لهذه الأجهزة الواسعة الانتشار. وفي هاتين الدراستين أصيب حوالى 6 في المئة من ذكور الفئران التي تعرض كل جسمها لأعلى مستوى من إشعاع الهاتف المحمول لنوع نادر من السرطان في الأنسجة العصبية الموجودة قرب القلب، في حين لم تصب الحيوانات التي لم تتعرض للإشعاع بهذا السرطان. وقال جون بوتشر، وهو عالم كبير في «البرنامج الوطني الأميركي لطب السموم»، إن «الجزء المثير للاهتمام في ذلك هو أن نوع السرطان الذي رأيناه مماثل للسرطان الذي لوحظ منذ بعض الوقت في بعض دراسات علم الأمراض في مستخدمي الهواتف المحمولة بكثرة». وأضاف: «بالطبع كان هذا السرطان في الأعصاب الموجودة في الأذن وبجوار المخ، ولكن أنواع السرطان كانت مماثلة لما رأيناه في القلب». وأوضح كبير المسؤولين الطبيين في «جمعية السرطان الأميركية» الدكتور أوتيس براويلي إن الدراسات كانت سلبية بالنسبة إلى أنواع السرطان الشائعة. وأضاف: «من المتوقع أن تثير مسودات هذه التقارير قلقاً كبيراً، ولكن في حقيقة الأمر فهي لن تغير ما أقوله للناس وهو أن الدليل إلى وجود صلة بين الهواتف المحمولة والسرطان ضعيف وحتى الآن لم نر خطراً كبيراً للإصابة بالسرطان في البشر». وأشار براويلي إلى أنه إذا كان مستخدمو الهواتف المحمولة يشعرون بقلق بسبب هذه النتائج التي ظهرت على الحيوانات عليهم أن يستخدموا سماعات. وعلى عكس الإشعاع المؤين مثل الذي يصدر من أشعة «غاما» والأشعة السينية والذي يمكن أن يتلف الروابط الكيمياوية في الجسم ويعرف أنه يسبب السرطان، فإن الأجهزة التي تصدر ترددات لاسلكية مثل الهواتف المحملة وأجهزة الميكرويف تبث طاقة ترددات لاسلكية وهي نوع من الإشعاع غير المؤين. والتخوف من مثل هذا النوع من الإشعاع هو أنه ينتج طاقة في شكل حرارة وأن تعرض الجلد بشكل متكرر لذلك قد يغير نشاط خلايا المخ مثلما تشير بعض الدراسات. وقالت مسودة التقرير إنه تم تعريض الفئران في الدراسة إلى مستويات أعلى من الإشعاع ولفترة أطول مما يتعرض له البشر حتى مع أعلى مستوى من استخدام الهاتف المحمول كما أن كل أجسامها عُرضت للإشعاع في الوقت نفسه. وذكر بوتشر أنه من المرجح أن التأثير لم يظهر إلا في ذكور الفئران لأنها أكبر حجماً، ومن المحتمل أنها امتصت قدراً من الإشعاع أكبر من إناث الفئران. ولفتت مسودة التقرير إلى أن الهواتف المحمولة تُخرج عادة مستويات من الإشعاع أدنى من الحد الأقصى المسموح به. وأشار بوتشر إلى أن إشعاع الهاتف المحمول يتفرق بسرعة ومن ثم فإن الخطر -لو كان هناك أي خطر- سيتركز في أجزاء الجسم القريبة جداً من الجهاز الذي يبث الإشعاع. وأضاف أن هذه النتائج تهدف إلى المساعدة في تحديد تصميم تكنولوجيا الهواتف المحمولة في المستقبل. وقال إن الدراسة لم تبحث إلا في ترددات الجيلين الثاني والثالث فقط التي ما زال يشيع استخدامها في الاتصالات الهاتفية. ولا تنطبق الدراسة على الجيلين الرابع والخامس اللذين يستخدمان ترددات مختلفة.