وصْف مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ «بعض» ما ينشره الإعلاميون «بمختلف درجاتهم» بالكذب، والسيئ والمخالف للواقع، جاء ذلك في ثنايا خطبة الجمعة الماضية، لأن هؤلاء البعض يكذبون في بعض ما ينشرونه من دون تحري الصدق والأمانة، وهو من الكذب المحرَّم، وأن رسالة الإعلام هي خدمة قضايا الأمة بصدق. دعا فضيلته إلى تقوى الله، وتحرِّي الصدق والبُعد عن الكذب والتدليس، وحذر أطياف المجتمع كافة، بدءاً بالتجار ورجال الأعمال والصناعيين، من الاتجار بالممنوعات، مهما عظمت مكاسبها، والتدليس بالمواصفات، والغش في تشييد البناء، والترويج في وسائل الإعلام للسلع بأوصاف خالية منها، أو التوقيع على تسلم المشاريع وهي ناقصة بالأساس. عدَّ حياة الكذابين ب «غير المطمئنة»، والعيش بشقاء والخشية من تكشف أمره وبيان كذبه، وفقدان ثقته من الناس، وانتزاع البركة، ووصف الكذابين ب «أراذل الخلق»، ومنهم الذين يكذبون على الله ورسوله بدعوى تحريم ما لم يحرمه الله، أو الإفتاء بما ليس له علمٌ به. هؤلاء يعتقدون بأنهم حققوا لأنفسهم نفعاً، بينما هم لم يحققوا إلا الخسران المبين (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب عظيم بما كانوا يكذبون) البقرة. «الآيتان 8 و9». وفي الحديث «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا إئتُمن خان»، سلوك المنافق لا يخدع به إلا نفسه، وهو الخاسر في الدنيا والآخرة، وعندما يتظاهر بما ليس فيه، يعلم الله أنه نفاق، وعندما يحاول أن يخدع الناس ينكشف، والنتيجة خسارة الدنيا والآخرة (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)، الآية. ومفردات الكذب كثيرة: التسويف، التعطيل، الالتفاف، القفز على المراحل، التزوير بأنواعه، كتزوير الشهادات أو الوثائق وغيرها، الإهمال، التقصير في إنجاز المهام، تأخير معاملات الناس، إضاعة الوقت، بعدم الالتزام بالسقف الزمني، مع أن المسلم يتعلم يومياً كيفية الالتزام بالأسقف الزمنية من التزامه بأوقات الصلوات الخمس، وكذلك يتعلم في رمضان الالتزام بوقت الامتناع عن الطعام، ووقت الإفطار، وفي الحج مواقيت شعائر الحج، فالمفترض في المسلم أنه تعلَّم معنى الالتزام بالأسقف الزمنية. جزى الله الشيخ عبدالعزيز خيراً، فقد بيَّن الحق وأظهره، وأبطل الباطل، (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليمٌ بذات الصدور) الشورى، «الآية 24». ولنا فيه أسوة حسنة، وقد جاء نظام المطبوعات والنشر محققاً لهذه الغايات العالية، وسيحسب كل إنسان ألف حساب قبل أن يتفوه بكلمة، فقد قال «صلى الله عليه وسلم» لمعاذ: «أمسك عليك هذا، وأشار إلى لسانه، فقال معاذ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم». رواه الطبري. ومع التزام الجميع بالكلمة الصادقة وقول الحق، فسيكونون بمنأى عن أية مساءلة، وما نظام المطبوعات والنشر إلا تتويج للسياسة الإعلامية بالمملكة العربية السعودية النابعة من التعاليم الإسلامية، وهذا ما يشجع الإعلاميين والكتّاب على تناول الحقائق بكل ثقة وثبات، ماداموا تثبتوا منها، وتلك هي الغاية. [email protected]