تقتات الإشاعات والأنباء المتضاربة والمعلومات المتناقضة، منذ 28 يوماً، على تفاصيل الأزمة الصحية التي أصابت فنان العرب محمد عبده بثلاث جلطات في الرأس، فتناقضت الأخبار بين ما هو حقيقي وما هو مفبرك. وعجزت الصحف السعودية عن الاتفاق على خبر واحد، يشرح الوضع الصحي للفنان المخضرم، وغابت المعلومات الدقيقة على رغم تعدد المصادر. فما يقوله طبيب المطرب السعودي، لا يتفق تماماً مع ما يقوله أولاده، وما يقوله هولاء لا يتطابق مع ما يقوله مدير أعماله، وكأن هناك من يريد أن يخفي أمراً، ما فتح الطريق واسعاً للإشاعات لتتحرك بحرية. حتى إن الموقع الرسمي لعبده على شبكة الإنترنت، فشل في تقديم متابعة إخبارية موثوق بها عن حال مطربه، فهو متورط في دائرة الجدال ذاتها التي لا يعلم أصحابها أين الصحة فيها وأين الخطأ. وبسبب غياب ناطق رسمي باسم عبده، يظهر في وسائل الإعلام، أو يرسل لها بياناً «رسمياً»، تتضارب المعلومات حول مغادرة عبده باريس أو بقائه فيها للنقاهة، أو إن ثمة طائرة خاصة ستنقله من العاصمة الفرنسية إلى واشنطن لمتابعة العلاج؟ أسئلة، لم يكن أحد قادراً على تقديم إجابة قاطعة عنها سوى ذويه، ولا أحد يمكن أن يصدقه الإعلام - رسمياً على الأقل - سوى مدير أعماله، فلماذا تبدّت هذه المراوغة المريبة، في حق فنان للناس، كلهم فيه حق؟ واستشاطت ابنته نوره غضباً، وانزعجت من صحافيين «فبركوا» القصة، وقطعوا لسان الحقيقة، حين روجوا لإصابة أبيها بثلاث جلطات في الرأس (تبين في ما بعد أنها رواية صحيحة)، لكن كان عليها في المقابل، أن تقدم بديلاً مناسباً، وأن تخبر الإعلام بما تعرفه، بدلاً من التكتم على المعلومات الصحيحة. محبط حقاً أن تقصر المعلومة عن بلوغ صحتها، ويصبح الوضع أثقل وأكثر إحباطاً حين يكون رجلها المُراد هو محمد عبده، الذي بنوا «بيننا» و «بينه» سداً، ويصير الأمر «أعوج قليلاً» حين تقتفي الصحافة العربية أثره بين يدينا «نحن أهله» فلا تجد سوى «متاهة» من الظنون والتخمينات والتأويلات المرتجلة، فتدخلها معنا من باب «الموت مع الجماعة رحمة». وإن كانت «روتانا» استيقظت قبل يومين من غفوتها الطويلة، وانتبهت إلى أن أهم مطربيها ينازع الوجع، وقررت أن «تتكرم» على مشاهديها بتقرير «قصير جداً» عنه، فإنها فعلت حسناً، حتى وهي تتأخر كالعادة عن تلبية النداء الإنساني والمهني والإداري. فعلت حسناً لأنها قدمت جزءاً من الحقيقة «يشوبه تناقض مخجل»، فعرفنا أن المطرب الكبير «ما زال حياً يرزق، وأنه مريض حقاً، وهو الآن في كنف النقاهة»، لكن لماذا احتجنا إلى 28 يوماً لنعرف بعض الحقيقة، وكم يلزمنا من الوقت لنعرف الحقيقة كاملة؟! بقي أن نفسر لماذا اعتبرنا إن الجزء الذي قدمته «روتانا» من الحقيقة كان «يشوبه تناقض مخجل». فطبيب «فنان العرب» ذكر «صراحة»، في التقرير التلفزيوني الذي عرضته القناة قبل أيام قليلة، أن محمد عبده أصيب بثلاث جلطات في الدماغ، أما البيان الصادر عن «روتانا»، وبعد ساعات من بث التقرير التلفزيوني، فذكر أنه أصيب بجلطتين «فقط» في الدماغ! هل عرفتم الآن ما هي «المتاهة» والمراوغة المريبة التي تحدثت عنها؟! وكأن «المرض» خزي!