دبي، لندن، واشنطن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - كشفت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أمس، أن الولاياتالمتحدة أبرمت اتفاقاً سرياً مع باكستان قبل نحو عقد من الزمن مهد لتنفيذها عملية عسكرية ضد زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن على الأراضي الباكستانية، تشبه الهجوم الذي استهدفه في بلدة أبوت آباد القريبة من إسلام آباد في الثاني من الشهر الجاري، والذي ادى الى مقتله. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين باكستانيين وأميركيين متقاعدين وآخرين قيد الخدمة قولهم إن «الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف والرئيس الأميركي السابق جورج بوش توصلا إلى هذا الاتفاق، بعد نجاة بن لادن من مكمن نصبته قوات التحالف الدولي في جبال تورا بورا شرق أفغانستان نهاية عام 2001، ثم جدده الجيش الباكستاني خلال مرحلة التحول إلى الديموقراطية». وأضافوا أن «الاتفاق سمح للقوات الأميركية بشن غارة داخل باكستان من جانب واحد بحثاً عن زعيم القاعدة ونائبه أيمن الظواهري، كما منح باكستان حق الاحتجاج بقوة في حال تصفيتهما». ويُصر المسؤولون الباكستانيون على أنهم لم يعرفوا شيئاً عن العملية، ووجهوا مع قادة عسكريين توبيخاً شديد اللهجة للولايات المتحدة، فيما أكد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني في خطاب القاه أمام البرلمان اول من امس أن بلاده تحتفظ بحق الرد بكل قوة، واصفاً الاتهامات باحتمال حصول تآمر رسمي مع بن لادن بأنها «سخيفة». الى ذلك، افادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الرئيس الأميركي باراك اوباما امر بإرسال وحدة عسكرية كبيرة لتنفيذ عملية قتل بن لادن كي تستطيع مواجهة القوات الباكستانية في حال تدخلت. وأوضح مسؤولون كبار رفضوا كشف اسمائهم ان الرئيس الأميركي اثار قبل عشرة ايام من تنفيذ العملية احتمال حصول اشتباك مع الجنود الباكستانيين، لذا ارسلت مروحيتين اضافيتين لحماية قوات الكوماندوس التي اقتحمت المنزل. وأشار احدهم الى ان «البعض اعتقد بإمكان تفادي وضع صعب عبر الحوار مع الجنود الباكستانيين، لكن اوباما لم يشأ ان يجازف بأي شيء في ظل العلاقات الصعبة الحالية مع باكستان»، والناتجة من معارضة الهجمات التي تشنها طائرات اميركية بلا طيار ضد مقاتلين في مناطق القبائل الحدودية مع افغانستان، والخلافات في شأن الاولويات والتجسس الأميركي داخل باكستان المسلحة نووياً. على صعيد آخر، اوردت الصحيفة ان «فريقين متخصصين استعدا للتحرك، الأول لدفن زعيم القاعدة في حال مقتله، والثاني ضم متخصصين في عمليات الاستجواب ومترجمين في حال اسره، مرجحة وجود افراد الفريق الاخير على متن حاملة الطائرات كارل فينسون في بحر عمان». وأمس، شمل الجدل الأميركي - الباكستاني، نشر تقارير اميركية معلومات عن احتمال ان تسمح إسلام آباد باستجواب محققين اميركيين للزوجات الثلاث لبن لادن، واللواتي تواجدن معه لدى قتله، اذ نفى وكيل وزارة الخارجية الباكستانية سلمان بشير اتصال واشنطنبباكستان للمطالبة باستجواب أرامل زعيم «القاعدة»، داعياً واشنطن إلى الكف عن توجيه رسائل عبر وسائل الإعلام والاتصال بالحكومة الباكستانية مباشرة. في المقابل، سربت وسائل اعلام باكستانية هوية مسؤول عمليات وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) في إسلام آباد، في ثاني حادث من نوعه خلال ستة شهور، علماً ان الكشف الاول دفع كبير الموظفين السابق الى مغادرة باكستان بعدما اتهمته وسائل اعلام بالتواطؤ في هجمات صاروخية اميركية قتل فيها مدنيون. وأبدى مسؤولون اميركيون اعتقادهم بأن كشف هوية رئيس المحطة يهدف الى انتقام عناصر في جهاز الاستخبارات الباكستانية من اتهامات وجهت الى الجهاز وبعض عملائه في دعوى قضائية رفعتها عائلات اميركيين قتلهم متشددون باكستانيون في هجمات مدينة بومباي الهندية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008. ويتوقع كشف مزاعم عن علاقة جهاز الاستخبارات الباكستانية بجماعة «عسكر طيبة» التي تتخذ من باكستان مقراً لها، والمتهمة بشن هجوم بومباي خلال محاكمة مقررة في شيكاغو هذا الشهر لرجل اعمال تتهمه السلطات الأميركية بالتورط مع هذه الجماعة المتشددة. على صعيد آخر، ندد موقع «شموخ الاسلام» الذي يبث تسجيلات ل «القاعدة» على شبكة الانترنت بشريط الفيديو الذي وافقت واشنطن على عرضه لبن لادن، وظهر فيه عجوزاً بلحية غزاها الشيب وهو يشاهد التلفزيون. ووصف الموقع اللقطات الأميركية بأنها «كاذبة»، عارضاً صوراً اخرى مختلفة لزعيم «القاعدة».