شهدت الأسابيع الماضية أخباراً متفرقة على صفحات الصحف المحلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يخص حقوق المرأة أمام أي اعتبارات أخرى، بعضها حسم بقرارات واضحة، وبعضها لا يزال معلقاً. مشاركة أو عدم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، كان من أهم الأخبار المتداولة التي حسمت أخيراً بقرار اللجنة العامة للانتخابات لمصلحة الاعتبارات الاجتماعية وعدم الجاهزية. أيضاً تداولت بعض المواقع الإلكترونية خبراً، زُعِمَ أنه رسمي، يفيد بصدور قرار يمنع عمل المرأة على نقاط البيع في الأسواق، إستناداً لمطالبات بعض الدعاة والأكاديميين بضرورة منع المرأة من العمل في هذه الأماكن المختلطة لدرء الفتنة، ولأنها ستجعل منها سلعة قابلة للبيع والشراء، بحسب مفهوم المطالبين بذلك، الذين سبق وحاولوا الضغط على وزارة العمل بالعدول عن إصدار تراخيص لعمل النساء «كاشيرات». بعدها أكدت مصادر في وزارة العمل ل «الحياة»، التي طبعاً لم تذكر اسمها، أنه لا صحة لما تردد عن إيقاف قرار الوزارة توظيف السعوديات في مهنة «كاشيرات» في الأسواق والمجمعات التجارية الكبرى ولم يصدر قرار بذلك. وللتذكير فإن وزارة العمل كانت قد عزمت على تعميم تجربة عمل السعوديات محاسبات على نقاط البيع في جدة والرياض والمنطقة الشرقية كخطوة لتوسيع مجالات عمل المرأة، وللحد من أرقام البطالة العالية والمحزنة بين النساء، كما وصفتها الوزارة في نهاية العام الماضي، التي وصلت إلى 28,4 في المئة، وبلغ عدد العاطلات الحاملات لشهادة جامعية 78 في المئة. قبل أشهر عدة كتبت عن قرار مجلس الوزراء رقم (120) بتاريخ 12-4-1425ه، بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية، وبنده الثامن الذي ينص على قصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، وكيف أثار هذا القرار جدلاً اجتماعياً وصل لحد التهديد لوزارة العمل، وحد من قدراتها في عملية توظيف المرأة وتفعيل القرار، («الحياة»: 6تشرين الأول/ أكتوبر 2010). لا أريد أن أكرر ما كتبت، ولكن هنا لابد أن يتجدد السؤال عن هذا القرار ومدى تنفيذه على أرض الواقع خلال السنوات السبع الماضية، خصوصاً أن وظيفة «الكاشيرة» تدخل النفق المجهول والمظلم نفسه الذي دخله قرار قصر العمل في بيع المستلزمات النسائية على المرأة، فوظيفة «كاشيرة» يفترض أن تندرج تحت القرار (120)، ووزارة العمل هي الجهة المختصة لإيجاد فرص العمل وتطبيق ضوابط تشغيل النساء بموجب قرار رقم (187) بتاريخ 17-7-1426ه. وهذا لم يتحقق بشكل كامل ورسمي. أين الفرص الجديدة وأعداد البطالة تتزايد بين صفوف النساء، على حسب تصريحات الوزارة نفسها؟ وهل فعلاً تم إسقاط شرط عدم الاختلاط من ضوابط عمل المرأة، الذي سيفتح لها مجالات أوسع وفرص عمل أكثر تنافسية؟ وإن تم ذلك، لماذا لا يزال بند عدم الاختلاط ضمن لائحة القواعد المنظمة لعمل المرأة لعام 1426ه على موقع الوزارة الرسمي على «الانترنت»؟ هنا أيضاً لابد أن نتساءل عن «ضوابط تنظيم عمل المرأة» التي وعد بها وزير العمل في بداية العام بعد الجدل على موضوع «الكاشيرة»، وأكد مرات عدة في تصريحاته الصحافية أنها ستكون جاهزة خلال أربعة أو ستة أسابيع، وسيتم التعامل معها بكل بوضوح وشفافية، أين هي؟ ولماذا لم تصدر حتى الآن بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على موعدها المحدد؟! كل هذه التساؤلات التي لا توجد لها إجابة محددة تزيد من حال القلق العامة على حق المرأة في العمل، ومشاركتها الكاملة في الحياة العامة، وفي عملية التنمية التي تتعطل بشكل مستمر بسبب العوائق، والضوابط، والعادات، والاعتبارات، وكل ما هو اجتماعي. ففي ظل الغموض والجدل المحيط بالقضية وتزامناً مع تجاهل وزارة الشؤون البلدية لمشاركة المرأة من أجل أسباب اجتماعية مشابهة لمعارضة عمل «الكاشيرة»، هل يمكن أن تتجاهل وزارة العمل القرارات الرسمية أيضاً وتلغي هذه الوظيفة أو تتغاضى عنها؟ إن فرض قيود وشروط على عمل المرأة وإقرار أو إلغاء وظائف بعينها يعني استمراراً للتميز ولتجاهل القوانين الرسمية والاتفاقات الدولية، وحرمانها من حقها في العمل الحر والشريف الذي ترتضيه لنفسها، لأن فئات تهدد، وتضغط، وتحارب، لتحيل بينها وبين هذا الحق؟ نتمنى ألا تكرر وزارة العمل خطأ اللجنة العامة للانتخابات وتخرج سريعاً بنظام مُلزم ترجح فيها كفة الحقوق الإنسانية، والمصلحة الوطنية التي لا يمكن أن تتحقق بتهميش وإبعاد المرأة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية. [email protected]