تداخلت معطيات المصادر الروسية عن ترتيبات عقد مؤتمر «شعوب سورية» في قاعدة «حميميم» الروسية الشهر المقبل، مع إشارات إلى مؤتمر آخر يتم التحضير له تحت عنوان مماثل في منتجع سوتشي على البحر الأسود، وسط أنباء عن «شروط» وضعها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا لحضور الثاني بصفة مشارك. واتخذت التحضيرات الجارية لتنفيذ فكرة الرئيس فلاديمير بوتين حول عقد مؤتمر شامل لكل مكونات الشعب السوري أبعاداً جديدة أمس، مع إعلان مصادر روسية بدء التحضير لتوجيه دعوات إلى عدد يراوح بين 1000 و1300 شخص إلى مؤتمر جامع يُتوقع أن يُعقد في سوتشي الشهر المقبل. ونقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية الروسية عن مصدر مطلع أن الدعوات ستوجه إلى ممثلين عن الحكومة السورية والقوى الموالية لها، وإلى الفصائل المعارضة، إضافة إلى ممثلين عن مكونات قومية ودينية سورية. وزاد أن موضوع المصالحات ومناقشة مسودة دستور جديد لسورية سيكونان على رأس جدول أعمال اللقاء. وأفاد مصدر روسي تحدثت إليه «الحياة» بأن «الحديث لا يُجرى عن تنظيم مؤتمرين، بل عن بحث أفضل الخيارات لإنجاح فكرة جمع مكونات الشعب السوري في مؤتمر شامل»، لافتاً إلى أن «الفكرة لا تزال تختمر ولم يتم وضع ملامحها النهائية». وزاد أن المطلوب «أوسع تحضير ممكن لتوفير مجالات للحوار وتقريب وجهات النظر بين المكونات السورية»، ما يعزز فرص نقل المؤتمر إلى سوتشي لضمان حضور أطراف في المعارضة السورية «الخارجية» كانت أعلنت رفضها التوجه إلى «حميميم»، إضافة إلى أن الأممالمتحدة تحفظت عن فكرة عقد المؤتمر «كيلا يتحول بديلاً من مسار جنيف». ونقلت قناة «أر تي» الروسية عن مصدر أن موسكو كانت عرضت على دي ميستورا تولّي عملية التنظيم والإدارة لمؤتمر «شعوب سورية»، لكنه اعتذر عن عدم القيام بدور تنظيمي، وطرح عدة شروط للحضور بصفة «مراقب»، بينها الحصول على ضمانات روسية «تؤكد أن الرئيس السوري بشار الأسد ملتزم البحث عن سبل للمصالحة الوطنية». في هذه الأثناء، تُجرى التحضيرات لمؤتمر جديد للمعارضة السورية في الرياض، يهدف إلى توحيد وفد المعارضة في مفاوضات جنيف. وأبلغ «الحياة» رئيس منصة موسكو قدري جميل أن الأطراف السورية «لم تتلق حتى الآن دعوات للمؤتمر الذي يُنتظر أن يعقد بين ال10 وال15 من الشهر المقبل»، لكنه أكد استعداده للمشاركة فور تلقي الدعوة. وقال جميل إن التصريحات التي أطلقها رئيس هيئة التنسيق الوطني حسن عبدالعظيم حول مآلات لقاء الرياض «يجب أن تؤخذ على محمل الجد لأنه مطّلع»، مضيفاً أن ما طرحه من أفكار سيتم درسه خلال اللقاء. وزاد أنه يتوقع في حال نجحت جهود توحيد وفد المعارضة في الرياض، أن تسفر جولة جنيف عن إطلاق مفاوضات مباشرة بين وفدي الحكومة والمعارضة. وكان عبدالعظيم أشار إلى أن لقاء الرياض سيسفر عن تغيير في تركيبة وفد المعارضة وآلية التعامل مع المفاوضات، لافتاً إلى ضرورة الاكتفاء بتشكيل وفد موحد بدلاً من اعتماد مستويين للتمثيل يقومان على الوفد والهيئة العليا للمفاوضات. القوات الروسية على صعيد آخر، أفادت صحيفة «كوميرسانت» الروسية نقلاً عن مصدر ديبلوماسي- عسكري روسي، بأن موسكو تتجه لتقليص عديد قواتها العاملة في سورية بعد إنجاز المهمات المطلوبة على صعيد دحر الإرهاب. وأضافت أنه في ظل تحرير أكثر من 90 في المئة من الأراضي السورية من قبضة الإرهابيين، لم تعد دمشق بحاجة إلى الدعم الروسي بهذا الحجم الكبير. ورجح المصدر أن يطاول التقليص مجموعة الطيران التابعة للقوات الجوية الروسية، إضافة إلى سحب بعض الوحدات العسكرية، بينها الفنية والهندسية، لكن قرار التقليص لن يشمل قوات حراسة المنشآت في حميميم وطرطوس، ووحدات الشرطة العسكرية والمستشارين العسكريين. وستبقى في سورية منظومتا الصواريخ من نوع «إس-400 تريومف»، اللتان تتمركزان في حميميم ومصياف، ومنظومة الصواريخ «إس-300 بي5» التي تغطي طرطوس، إضافة إلى عدد من أنظمة «بانسير» للدفاع الجوي القصير والمتوسط المدى. كما أن من المرجح الإبقاء أيضاً على الطائرات الروسية من دون طيار، التي تستخدم لمراقبة مناطق خفض التوتر في إدلب وحمص ودرعا والغوطة الشرقية، والتي بلغت مدة تحليقاتها الإجمالية 96 ألف ساعة حتى الآن. لكن الصحيفة نقلت في الوقت ذاته عن وزارة الدفاع الروسية، نفيها وجود أي خطط لتقليص قواتها في سورية حالياً، وقال مصدر عسكري أن «الأمر ليس مطروحاً حالياً للنقاش». تزامنت هذه الإشارات مع إعلان رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما فلاديمير شامانوف، توقعات بإحكام الجيش السوري سيطرته على كل المناطق الشرقية في البلاد قبل حلول نهاية العام الحالي»، وزاد أنه سيكون بالإمكان «الإعلان في نهاية العام عن إنجاز مهمة القضاء على التشكيلات الإرهابية الأساسية في سورية واختفاء تنظيم «داعش» كهيكل عسكري منظم». وأشار الجنرال السابق إلى أنه «تم حتى الآن تنفيذ المهمات الرئيسة للعملية العسكرية في سورية». مفاوضات آستانة إلى ذلك، انطلقت أمس في آستانة جولة مفاوضات جديدة بحضور طرفي الحكومة والمعارضة والدول الضامنة وقف النار (روسياوتركيا وإيران). وأكدت وزارة خارجية كازاخستان، أن الوفود المشاركة أجرت لقاءت ثنائية وجماعية لمناقشة أجندة الاجتماع، وأن الجلسة العامة ستعقد بعد ظهر اليوم (الثلثاء). وأشار البيان، إلى أن المشاركين في المباحثات، يخططون لإنشاء مجموعة عمل خاصة بإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وتسليم جثامين القتلى والبحث عن المفقودين. كما تعتزم الأطراف النظر في قضايا مكافحة الإرهاب، وتبنّي البيان المشترك بشأن عملية نزع الألغام في سورية. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن مصدر مطلع مقرب من اجتماع «آستانة 7» أن كلاً من روسياوتركيا وإيران، اعتبرت أن «مناطق خفض التوتر أظهرت فاعليتها المميزة خلال الفترة الماضية». وأشاد المبعوث الروسي إلى المحادثات ألكسندر لافرينتيف بعمل المراقبين الروس في مناطق خفض التوتر. وأكد أن الوضع في غوطة دمشق «جيد»، وأن السلطات السورية «لم تضع عراقيل أمام وصول مساعدات إنسانية». وزاد أن الأطراف الضامنة تواصل نقاشاتها في هذه الجولة حول نشر مراقبين من تركيا وإيران في منطقة خفض التصعيد في إدلب. وتطرق إلى جهود عقد مؤتمر جامع للسوريين، مشيراً إلى أنه «يُجرى العمل لتحديد المكان والآليات»، ولفت إلى أن عنوان المؤتمر سيكون «مؤتمر الحوار الوطني» كصياغة بديلة من تسمية «شعوب سورية» التي أثارت تساؤلات كثيرة. وكان لافرينتييف قال في حديث إلى «روسيا اليوم»، إن موسكو تدعو «المعارضة السورية إلى التخلي عن الشروط المسبقة للمشاركة في الحوار». وأشار الديبلوماسي الروسي إلى أنه ناقش مع الرئيس السوري بشار الأسد مسألة المرحلة الانتقالية، وأن «الأسد يدرك أهمية إطلاق حوار وطني لحل الأزمة السورية». وأعرب عن أمل بالقضاء على «داعش والمجاميع الإرهابية في سورية خلال أسابيع»، مشيراً إلى أن مستوى التوتر في إدلب لا يزال عالياً، وإلى أن تركيا لم تُنشئ بعد حواجز التفتيش وفق اتفاق آستانة، داعياً الجانب التركي إلى الوفاء بالتزاماته.