أكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني استعداده للتفاوض مع بغداد بجدول أعمال «مفتوح» ومن «دون شروط مسبقة» من الجانبين، فيما تقدم نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي بمبادرة للحل، بالتزامن مع مبادرة مماثلة سيطلقها الرئيس فؤاد معصوم قريباً. وأجرى رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس محادثات مع بارزاني في أربيل بعد يوم على لقائه نائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي وأسامة النجيفي في السليمانية، في إطار جهود للتقريب بين أربيل وبغداد في ما يتعلق بالأزمة الناجمة عن الاستفتاء على انفصال كردستان. وقال رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين في أعقاب الاجتماع أن الطرفين «اتفقا على البدء بالحوار بين القوى السياسية لتهدئة الأوضاع، بجدول أعمال مفتوح بعد رفع العقوبات التي تفرضها بغداد على الإقليم، على أن تبدأ المحادثات في أقرب فرصة»، لكن الحكومة المركزية رفضت هذه الدعوة واعتبرت مطلب رفع العقوبات شرطاً تعجيزياً. وقال المستشار السياسي لبارزاني هيمن هورامي إن رئيس الإقليم «أكد خلال اجتماعه مع الجبوري امس استعداده للحوار، على أن يكون جدول الأعمال مفتوحاً من دون شروط مسبقة من الطرفين، وخلال فترة زمنية محددة»، وذكرت رئاسة الإقليم أن بارزاني والجبوري أكدا «أهمية الالتزام بمعايير الحوار وتهدئة الأوضاع». إلى ذلك، قال الجبوري في بيان إن اللقاء «يأتي لوقف تدهور العلاقات بين المركز والإقليم، بعد التداعيات الخطيرة التي خلفها الاستفتاء ودخول دول إقليمية طرفاً، ما يهدد أمن العراق واستقراره وللحيلولة دون تفاقم الأمور والوصول الى طريق مغلقة». وأكد «ضرورة التمسك بوحدة العراق والاحتكام الى الدستور فهو الفيصل في كل الأزمات، ومعالجة الأمور التي أدت الى تفاقم الأوضاع على هذا النحو المخيف»، مشيراً إلى أن «اللقاء ركز على السبل التي يمكن اعتمادها لتجاوز ما حصل، وتحديداً في المناطق المتنازع عليها، ومواقف الأطراف المحلية والدولية والإجراءات التي تمّ اتخاذها، بما يجسّد مبدأ وحدة العراق الاتحادي والانطلاق من الدستور». وكانت وكالة «سبوتنيك» الروسية نقلت عن الجبوري قوله قبل الاجتماع: «نرفض اي عقوبة جماعية أو أي ممارسة تنال من شعب الإقليم فهو من أهلنا، وما زلنا نشعر مع الجميع بالانتماء إلى الدولة». وأعلن القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» سعدي بيره أن «زيارة الجبوري أربيل خطوة نحو الحل، خصوصاً بعد اجتماع بارزاني ونائب رئيس الجمهورية إياد علاوي»، لافتاً إلى «ضرورة إلغاء العقوبات التعسفية بحق الإقليم، كبادرة لإنجاح الحوار». وبعد ساعات على لقائه بارزاني، أطلق نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي «مبادرة لتفكيك الأزمات عبر حلول وطنية جامعة، عمادها الحوار ووحدة العراق بعيداً من لغة التهديد والتخوين والتلويح باستخدام القوة العسكرية». وأضاف أنه «شدّد خلال لقائه بارزاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ثبات موقفه الداعي إلى ضرورة احترام الدستور، ووحدة البلاد، وأهمية الحوار بغية تفتيت الأزمات للمصلحة الوطنية، فالأزمات لا تحل بالتهديد والوعيد والحصار، ولنا تجارب في التاريخ الحديث، وأزمة الاستفتاء هي نتاج سياسات خطأ». وأكد أن «هذه المبادرة لم تأت بتكليف من جهة رسمية، وسنعرض نتائجها على رئيس الوزراء حيدر العبادي وكل المعنيين في الدولة والكتل السياسية». في المقابل، قال الناطق باسم الحكومة سعد الحديثي في ردّ على إعلان الإقليم الاتفاق مع النجيفي وعلاوي أن «لا حوار من دون الإقرار بوحدة البلاد والتزام الدستور، والعقوبات جاءت وفقاً لمواد دستورية لصون البلاد ولا تستهدف المواطنين الأكراد، وستستمر إلى حين موافقة الإقليم على القبول بدور رقابي وإشرافي للحكومة الاتحادية على المنافذ الحدودية والبرية والجوية». وفرضت بغداد حظراً على الرحلات الجوية الدولية من وإلى كردستان وأبقت الرحلات الداخلية وأكدت أنها تعمل بالتنسيق مع أنقرةوطهران لفرض «السيادة العراقية» على معابر الإقليم الحدودية مع الدولتين الجارتين، فضلاً عن صادراته النفطية. في غضون ذلك، عقد رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني أمس اجتماعاً مع زعيم حركة «التغيير» عمر سيد علي، بمبادرة من زعيم «لاتحاد الإسلامي» صلاح الدين بهاء الدين للبحث في حلول للأزمة و «تصعيد بغداد ضد الإقليم في أعقاب الاستفتاء». ودعا «العبادي إلى أن يتفهم استفتاء كردستان فهو شأن داخلي لا خارجي، واللجوء إلى الدول الأخرى ليس من مصلحة العراق ولا تلك الدول»، في إشارة إلى التنسيق بين بغدادوأنقرةوطهران. وأضاف أن «موقفنا واضح وهو الدخول في حوار غير مشروط»، لافتاً إلى أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم «سيطلق الأسبوع المقبل مبادرة لبدء المفاوضات بين كل الأطراف». وشهدت مدينة السليمانية لقاءات سياسية مكثفة للقادة في بغداد مع نظرائهم الأكراد خلال حضورهم مراسم دفن الرئيس الراحل جلال طالباني، وشدّد فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب «الديموقراطي»، بزعامة بارزاني، على أن «حكام بغداد يقولون نقبل الكونفيدرالية لكن يجب تعديل الدستور، طبعاً وفق رغبتهم، ثم نرفعه إلى البرلمان للمصادقة عليه بغالبيته هو، ثم نعرضه على الاستفتاء بغالبيته هو أيضاً»، وأوضح أن «هذا مرفوض. عليهم الاعتراف بدولة كردستان قبل المضيّ في التفاوض على الكونفيديرالية». في كركوك التي تعد مركز التوتر في المناطق المتنازع عليها طالب «المجلس العربي» الحكومة الاتحادية بإبقاء قواتها في قضاء الحويجة، بعد ان تم تحريره، وأضاف أن «من يطالب بغير ذلك يمثل أجندة معينة ولا يمثل رأي عرب كركوك، لأن المكون العربي لن تنطلي عليه بعد الآن الألاعيب والكذب المنمق». في تركيا، أعلن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده «ستتعامل بجدية مع أي طلب تتقدم به الحكومة العراقية لإغلاق أنبوب النفط مع إقليم كردستان»، وقال لقناة «فرانس 24» إن أنقرة «أغلقت مجالها الجوّي أمام الطائرات المتوجهة إلى الإقليم، بناء على طلب بغداد، وتنتظر طلبها لغلق أنبوب النفط»، وشدّد على أن «المعابر الحدودية ليست مع إدارة الإقليم، بل بين تركياوالعراق، وسنخاطب الحكومة في ما يتعلق بالسيطرة عليها». وكشف النائب عن «ائتلاف دولة القانون» جاسم محمد جعفر في مقابلة تلفزيونية أمس أن «العبادي تلقى دعوة إلى حضور القمة التي عقدت بين الرئيسين الإيراني والتركي في طهران أخيراً، لكنه أصرّ على عقدها في بغداد بدل طهران لأن العراق هو صاحب الشأن».