أعلن محافظ كركوك نجم الدين كريم، أن الأكراد مستعدون للحوار مع بغداد، وأضاف ان نتائج الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، ليست الأساس في مصير المحافظة أو رسم الحدود، فيما اشترطت الحكومة الاتحادية إلغاء هذه النتائج قبل المفاوضات. وكان مجلس «القيادة السياسية لكردستان العراق»، الذي أُُعلن أول من أمس، بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني بدلاً من «المجلس الأعلى للاستفتاء»، طالب بغداد بالدخول في مفاوضات، ورحب بمبادرة المرجع الديني علي السيستاني، من دون الإشارة صراحة إلى التمسك بنتائج الاستفتاء الذي أجري في 25 الشهر الماضي، في محاولة لامتصاص غضب بغداد، وتفادياً للضغوط الإقليمية والدولية الرامية إلى دفع الأكراد للتراجع عن نزعتهم الانفصالية. وقال كريم الذي أقاله من البرلمان الاتحادي إن، «أبوابنا مفتوحة للحوار ونعتبره السبيل الوحيد لحل الأزمة، فسكان كركوك أثبتوا في يوم الاستفتاء أنهم متحابون ومتآلفون». وأضاف خلال اجتماع لرؤساء الدوائر الخدمية أمس، أن «مصير المحافظة أو رسم حدود إقليم كردستان لا تحدده نتائج الاستفتاء». وجاءت تصريحات كريم، في وقت أفادت وسائل إعلام محلية بأن بارزاني وصل أمس إلى المحافظة على رأس وفد في زيارة مفاجئة، وعقد اجتماعاً في مقر المكتب السياسي لحزبه «الديموقراطي الكردستاني». وتعد كركوك الغنية بالنفط أهم نقاط الخلاف بين أربيل وبغداد، وأثار إشراكها في الاستفتاء مخاوف من نشوب صدام بين الأكراد من جهة، والعرب والتركمان مدعومين من الحكومة العراقية من جهة ثانية. إلى ذلك، دعت كتلة «التغيير» الكردية السلطات والمؤسسات والقوى السياسية في بغداد، إلى «عدم التعامل مع مجلس قيادة كردستان لعدم دستوريته»، وأضافت أن «تشكيله بعد حل مجلس الاستفتاء، تحدٍ صارخ للمؤسسات الشرعية، ومحاولة لإلغاء كل أشكال الديموقراطية في الإقليم، ويضم الوجوه الحزبية نفسها التي تعمل وفقاً لتوجيهات رئيس الحزب الديموقراطي (بارزاني)، الذي يسعى إلى ضمان بقائه مرجعاً أعلى بعد أن فقد شرعيته كرئيس للإقليم، من خلال نسخه تجربة مجلس قيادة الثورة لحزب البعث المنحل»، كما أصدرت «الجماعة الإسلامية»، بياناً مماثلاً واعتبرت الخطوة، «غير شرعية ومن شأنها أن تعمّق الأزمات». وقال نائب رئيس الكتلة أمين بكر أنهاه، «سنبادر لإنهاء الأزمة بين بغداد وأربيل وإعادة مد جسور الحوار، تلبية لدعوة المرجعية الرشيدة». ويقول مسؤولون أكراد، إن القيادة الكردية بدأت بالتهدئة وتدرس مبادرات محلية ودولية مطروحة لحل الأزمة الناجمة عن الاستفتاء، ومنها مبادرة السيستاني ونائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، والوساطة الأميركية، في انتظار صدور موقف من الحكومة الاتحادية. وانتقدت رئاسة الإقليم مواقف واشنطن وإعلان وزير خارجيتها ريكس تيلرسون عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء، وقالت في بيان «نعبّر عن امتعاضنا الشديد حيال موقف تيرلسون، ونؤكد إن الإجراء ينسجم مع حقّ تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأممالمتحدة، وعلى واشنطن مراجعة موقفها، والمشاركة في المفاوضات السلمية بين أربيل وبغداد». في المقابل، واصلت بغداد ضغوطها على كردستان، وقال الناطق باسم الحكومة سعد الحديثي إن، «على السلطات في الإقليم تأكيد التزامها الدستور وقرارات المحكمة الإتحادية وإلغاء نتائج الاستفتاء المخالف للدستور، ومن ثم الدخول في حوار جاد لتعزيز وحدة العراق»، داعياً أربيل إلى «إيقاف التصعيد والاستفزاز في المناطق المتجاوز عليها». وأفاد نواب، بأن جلسة البرلمان المقررة اليوم «ستناقش الإجراءات والقرارات المتخذة ضد الإقليم، ومنها فرض عقوبات على الموظفين وأصحاب المناصب الأكراد الذين صوتوا في الاستفتاء». وأعلن وزير الداخلية قاسم الأعرجي، أمس «السماح للأجانب العالقين في إقليم كردستان الذين دخلوا البلاد عبر الإقليم من دون الحصول على تأشيرة الحكومة الاتحادية، بالسفر من مطار بغداد من دون مساءلة قانونية». وجاء في بيان حكومي إن «رئيس الوزراء حيدر العبادي تلقى اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي جدد رفض الجامعة الاستفتاء، وتمسكها بوحدة العراق»، وأكد العبادي أن «ما قمنا به مع الإقليم إجراءات دستورية وقانونية للحفاظ على وحدة البلاد ولا نريد معاقبة مواطنينا في الإقليم». في المواقف الإقليمية والدولية، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال افتتاح العام التشريعي في أنقرة، أن بلاده «عارضت الاستفتاء الباطل في شمال العراق، ومن الطبيعي أن تعارض استفتاء إقليم كاتالونيا». ودعا أكراد العراق إلى «الحوار مع بغداد لضمان حقوق إدارة الإقليم في إطار دستور البلاد، ونحن مستعدون لتقديم الدعم في هذا الإطار». في وقت كشف الرئيس رجب طيب أرودغان خلال اجتماع مع قادة الجيش، أنه سيزور طهران «للبحث في ملفات عدة منها الاستفتاء في شمال العراق». وفي تطور لافت، أغلقت إيران أمس معبرَي باشماخ وبرويزخان الحدوديين مع الإقليم، أمام عبور السيارات والحركة التجارية، في إطار المرحلة الثالثة من المناورات المشتركة مع العراق أطلق عليها اسم «حيدر الكرّار». وأظهرت مقاطع تلفزيونية، تحرّك عربات ومدرّعات عسكرية قرب معبر برويزخان. ويأتي ذلك على غرار مناورات مشابهة جرت قبل أيام بين العراق وتركيا قرب معبر إبراهيم الخليل، في إطار ضغوط تمارسها الدول الثلاث على الإقليم الكردي. وأكد رئيسا هيئة أرکان الجيش الإيراني اللواء محمد حسين باقري، والجيش الترکي أكار خلوصي، خلال اجتماع في طهران تمهيداً لزيارة أردوغان المرتقبة، رفضهما «الاستفتاء الانفصالي في الإقليم وأهمية الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية»، وشددا على أن «يكون الدستور محور المفاوضات بين أربيل وبغداد». ونقلت وكالة «إرنا»، عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في اختتام مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قوله: «نأمل بألّا تترك نتائج الاستفتاء أي تأثير في مسار الحوار بين أربيل وبغداد، أو مستقبل المنطقة، ونؤكد وحدة التراب العراقي، وهو مبدأ لا يقبل التغيير، لأن هذا الاستفتاء لا يساعد كردستان كما ليس له أي مبرر منطقي». وللمرة الأولى تعلن الخارجية الباكستانية في بيان، دعمها «سلامة الأراضي العراقية ورفض الخطوة الكردية الانفصالية المخالفة للدستور، التي تشكل تهديداً للسلام والأمن في هذه البلاد والمنطقة بأسرها».