أطلق رئيس الجمهورية فؤاد معصوم مبادرة للحوار بين القادة السياسيين لتجاوز الأزمة التي أحدثها استفتاء إقليم كردستان، فيما أبدت المملكة العربية السعودية استعدادها للوساطة بين بغداد وأربيل وتهيئة الأجواء للحوار، وهددت إيران بإلغاء الاتفاقات الموقعة مع الأكراد وإغلاق الحدود مع إقليم كردستان. وقال رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في بيان صدر عنه مساء أول من أمس، إن البلاد «تواجه أزمة سياسية تنذر بتفاقم قد يضع العملية السياسية والمصلحة الوطنية العليا أمام أخطار وتهديدات جسيمة لا تسمح لنا مسؤوليتنا الدستورية تركها على الغارب، وهو ما يستدعي دعوتنا جميع الأطراف المعنية ولا سيما المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية على مستويي إقليم كردستان والسلطة الاتحادية إلى لزوم التصدي الفوري لمعالجتها، كأولوية قصوى، مهما اقتضى ذلك من جهود استثنائية، على أن تصب في ضمان الوصول بنجاح لحلول سلمية ديموقراطية تقوم على مبدأ الشراكة وتفهم طموحات أبناء كردستان وكافة المواطنين الآخرين، ورفض المواقف الاستفزازية والمتطرفة». وأضاف أنه «بناء لمقتضيات المصلحة العامة قررنا إطلاق مبادرة للحوار ونبدأها بدعوة قادة وزعماء القوى السياسية لعقد اجتماعات مكثفة للتوصل إلى حلول ملموسة وعاجلة تكفل تجاوز هذه الأزمة والتوجه للعمل معاً على تحقيق الأهداف المشتركة ومعالجة النواقص والأخطاء مهما كانت شدة الاختلافات في وجهات النظر والمواقف». وتابع: «إننا على ثقة تامة بقدرة شعبنا على تجاوز هذه الأزمة والخروج منها أقوى شكيمة وأعمق وحدة وأشد عزماً على معالجة مشكلاته الحالية وتطوير النظام السياسي الديموقراطي وبناء مستقبله المشرق». وأشار معصوم إلى أنه «لغرض المباشرة الفورية بوضع هذه المبادرة موضع التنفيذ، قررنا إلغاء سفرنا إلى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتكليف رئيس الوزراء (حيدر العبادي) بإلقاء كلمة العراق فيها». وكان نواب في البرلمان أعلنوا وجود توجه نيابي نحو إقالة معصوم على خلفية اتهامهم الرئيس بالتزام الصمت حول الأزمة المتفاقمة ببين بغداد وأربيل بسبب استفتاء استقلال إقليم كردستان. من جهة ثانية، وصل وزير الدولة السعودي لشوؤن الخليج ثامر السبهان إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس، والتقى رئيس الإقليم مسعود بارزاني ضمن مبادرة سعودية للوساطة بين بغداد وأربيل لتهيئة الأجواء لفتح حوار بين الطرفين. وقالت رئاسة إقليم كردستان في بيان أمس، إن «رئيس الإقليم مسعود البارزاني استقبل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان»، لافتة إلى أن الأخير «أشاد بدور الشعب الكردستاني وقوات البيشمركة، كما أكد مواصلة علاقات الصداقة السعودية والكردستانية». وأبدى السهبان وفقاً للبيان «استعداد بلاده للوساطة وتهيئة الأجواء لإجراء حوار بين كردستان وبغداد لحل المشكلات بين الجانبين»، فيما أشاد بارزاني ب «العلاقات المستمرة بين الرياض وكردستان»، مؤكداً أن «الإقليم لم يغلق أبواب الحوار». في المقابل، هددت إيران بإلغاء الاتفاقات الموقعة مع الأكراد وغلق الحدود مع إقليم كردستان في حال انفصاله عن العراق. ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأميرال علي شمخاني قوله إن «الاتفاقيات الأمنية والعسكرية ستُلغى في حال أقدم إقليم كردستان عن الانفصال عن العراق (...) وستعمل إيران ضمن إطار تأمين حدودها المشتركة، على إعادة نظرها في طريقة التعامل مع تواجد وتحركات العناصر الإرهابية في إقليم كردستان العراق المعادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وستقدم على خطوات مغايرة تماماً للخطوات المتخذة سابقاً». وأضاف شمخاني أن «الفرصة لا تزال سانحة أمام مسؤولي كردستان العراق للاستجابة للمبادرات الخيّرة التي تهدف إلى تأمين مصلحة الشعب الكردي ودولة العراق والحؤول دون إنشاء تيارات تهدد الأمن في المنطقة». وأكد أن اتفاقية المعابر مع العراق سوف تبقى قائمة، وأشار إلى إمكان إغلاق المنافذ الحدودية مع إقليم كردستان في حال انفصاله عن العراق. ومن المقرر أن يعقد المجلس الأعلى للاستفتاء برئاسة مسعود بارزاني اجتماعاً لمناقشة مقترح تقدمت به بعض الدول والأمم المتحدة لتأجيل استفتاء الاستقلال، فيما أوضحت تسريبات إعلامية أن مقترح بديل الاستفتاء يقضي بدخول الحكومة العراقية وحكومة الإقليم بمفاوضات منظمة، من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال لمناقشة كافة الخلافات العالقية بين الطرفين. إلى ذلك، أكد قائد قوات ال70 في البيشمركة الشيخ جعفر مصطفى خلال ملتقى أقيم في أربيل أمس، أنه «لا تراجع عن قرار الاستفتاء بأي شكل من الأشكال، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن قواته ستحافظ على المناطق الكردستانية خارج الإقليم». ودعا رئيس البرلمان سليم الجبوري خلال لقائه نواب محافظة كركوك أمس، إلى أهمية الحوار وإيجاد حلول جذرية لكل المشكلات العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل للحفاظ على وحدة العراق، ودعا أيضاً إلى الابتعاد من «المزايدات السياسية». ودعا ائتلاف «الوطنية» بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي وسائل الإعلام إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار الوطني والابتعاد من إبراز أصوات «طبول الحرب» بين بغداد وأربيل، مؤكداً استمراره في محاولة رأب الصدع ونزع فتيل الأزمة.