استمر الجدل داخل الإدارة الأميركية حول فرض حظر جوي على ليبيا، مع استبعاد الناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جيف موريل حسم واشنطن خيارها بتأييد الحظر، وإشارة مراقبين إلى أن الجانب الأميركي ينتظر استشارات مجلس الأمن ومناقشة خيارات أخرى بينها تسليح الثوار قبل حسم قراره. وأكد موريل في مقابلة مع شبكة «أم أس أن بي سي» أن لديه «الكثير من الشكوك حول حسم واشنطن خيارها ودعم الحظر»، مشيراً إلى أن الأمر «ما زال قيد الدرس» ووزارة الدفاع «ستنفذه» في حال إقراره من البيت الأبيض. غير أن ادارة أوباما، بحسب مراقبين ومسؤولين سابقين، لديها أسئلة حول مدى فعالية هذا الخيار، خصوصاً أن نظام العقيد معمر القذافي لا يعتمد كثيراً على سلاح الجو في ضرب الثوار، ولأن مثل هذه الخطوة (الحظر الجوي) قد يجر إلى تصعيد عسكري أكبر بين المجتمع الدولي وليبيا. ويأخذ خيار تسليح الثوار، على ما يبدو، أفضلية أكبر لدى بعض أركان الإدارة الأميركية التي تنتظر مشاورات مجلس الأمن ونتائج زيارة الوزيرة هيلاري كلينتون للمنطقة لحسم خياراتها. وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إن بريطانيا لا تعتزم المشاركة في حرب في ليبيا. وطلب من كاميرون في البرلمان تقديم تطمينات بأن بريطانيا لن تنجر إلى حرب في إطار مساعيها لتكثيف الضغط على الزعيم الليبي، فقال: «لا توجد نية للضلوع في حرب أخرى أو الإشراف على غزو أو إرسال قوات برية كبيرة. ليس هذا بين الأمور المطروحة». وأضاف: «الأمور المطروحة هي كيفية إحكام الضغط على نظام غير مقبول وغير شرعي في محاولة إعطاء تلك البلاد بعض فرص الانتقال السلمي (للسلطة)». وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قال أمس إن على القوى الدولية التفكير في تسليح المعارضة الليبية والقيام بتحرك سريع لمنع قوات معمر القذافي من القضاء على المعارضة المسلحة. وصرّح هيغ بأن نجاح القذافي في سحق المعارضة والاستمرار في السلطة سيكون كابوساً للشعب الليبي وبأنه تلوح في الأفق «لحظة اتخاذ قرار» في شأن تدخل دولي ذي مغزى. وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظراً على تصدير الأسلحة إلى ليبيا وغيره من العقوبات يوم 26 شباط (فبراير). ولا بد من رفع هذا الحظر قبل تقديم الأسلحة إلى القوات المعارضة للقذافي. وتضغط بريطانيا وفرنسا من أجل فرض منطقة حظر جوي لحماية الليبيين من الضربات الجوية التي تشنها القوات التابعة للقذافي. ونقلت وكالة «رويترز» عن هيغ قوله في حديث مع «راديو 4» في هيئة الاذاعة البريطانية: «إذا تمكن القذافي من الهيمنة على أجزاء كبيرة من البلاد فسيكون هذا كابوساً طويلاً للشعب الليبي وستكون دولة منبوذة لبعض الوقت». ويحضر وزير الخارجية البريطاني اجتماعاً لوزراء خارجية دول مجموعة الثماني يعقد في العاصمة الفرنسية باريس لبحث الخيارات المتاحة في ما يتعلق بليبيا بعدما تراجعت في ما يبدو جهود المعارضة المسلحة للإطاحة بحكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود من الزمن. وكتب مالكولم ريفكيند وهو من حزب هيغ المحافظ وشغل من قبل منصب وزير الخارجية والدفاع في صحيفة «التايمز» البريطانية، أمس، أن الوقت قد حان لأن يسلّح الغرب المعارضة في ليبيا. وذكر هيغ أن رفع الحظر الدولي على الأسلحة المفروض على ليبيا من الممكن أن يكون في مصلحة القذافي وكذلك قوات المعارضة، لكنه أضاف أن ريفكيند طرح قضية جيدة تستوجب البحث. وتابع هيغ يقول «هذه هي نوعية الموضوعات التي لا بد من بحثها مع شركائنا الدوليين وهذه المحادثات تتم الآن». وقال الناطق باسم ديفيد كامرون رئيس الوزراء إن بريطانيا لا تضغط لانهاء حظر الاسلحة. وتابع الناطق: «محادثاتنا على المستوى الدولي تتركز بصورة كبيرة على الخيارات التي تعلمونها... وهي عبارة عن المزيد من الاجراءات لعزل النظام... والمحادثات حول خيار فرض منطقة حظر طيران». وأردف: «كما قال وزير الخارجية هناك حظر مفروض على الأسلحة... رفع هذا سيكون له تداعيات على كلا الجانبين وعلى رغم أننا لن نستبعد شيئاً فإننا نسعى بهمة لهذا الأمر في الوقت الراهن». ووصلت (أ ف ب) وزيرة الخارجية الأميركية صباح أمس إلى باريس لإجراء محادثات مع القادة الأوروبيين والروس حول الأوضاع في ليبيا. ومن المقرر أن تشارك كلينتون في اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة الثماني مساء الاثنين واليوم الثلثاء في العاصمة الفرنسية. كما التقت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد ظهر الاثنين في قصر الاليزيه، قبل أن يلتقي ساركوزي وزراء خارجية دول الثماني. والأحد، دعا وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه إلى تعزيز الجهود الدولية للاستجابة لطلب جامعة الدول العربية بفرض حظر جوي فوق ليبيا لمنع القذافي من قصف معارضيه بالطائرات.