لآلة العود وقع خاص في كل حالاتها وتناقضاتها، ففي أمسية بعنوان «يوم العود» في عمّان، عاشت هذه الآلة غالبية تقلباتها المزاجية، من فرح وحزن وحنين وعتاب، مع تفاعل لافت من الجمهور. أنغام حاكت أيضاً الهوية العربية، وامتدت أوتارها من عمّان إلى بغداد مروراً ببيروت، رحلة فيها من المقامات الموسيقية أنواع وأشكال اقترنت بالثقافة الشرقية والعربية من دون منافس عبر موسيقيين عرب اجتمعوا للعزف. طغى الحنين إلى بغداد في بداية الأمسية على مقطوعات العازف العراقي خالد علي الذي لم يستطع زيارة بلده منذ 14 سنة، معبراً عن حنينه وحزنه في مقطوعة بعنوان «بغداد» التي عُزفت بمقام «البيات» المعروف في العراق. وخفف العازف خالد علي من حالة الحزن والحنين تدريجياً في مقطوعة «الوجه الآخر» من مقام «السماعي» في التراث العراقي، فيما بدد حالة الحزن نهائياً في معزوفة «النزهة» التي عمد بها إلى تغيير مزاج الجمهور إلى حالة فرح وحماسة. وما أن انتهى من فقرته الموسيقية، حتى بدأ العازف الأردني عمر عيّاد فقرة أخرى عادت بالجمهور إلى مزاج الحنين إلى العراق، علماً أنه ألَّف مقطوعته في فترة سقوط بغداد عام 2003، معبراً فيها عن حبه لأرض العراق والعروبة. وانتقل بعدها إلى مقام «الدشت» بتقاسيم موسيقية للفنان العراقي نصير شمّة، محافظاً بذلك على المزاج ذاته. وما هي إلا لحظات حتى انتقل إلى التراث الفلسطيني مع دمج موسيقى من أغنية «تمر حنّة» للفنانة المصرية الراحلة فايزة أحمد. وقدّم عازف العود اللبناني عفيف مرهج مقطوعات موسيقية مأخوذة من أغاني الفنانة الراحلة أم كلثوم ومنها «هذه ليلتي» و «أنت عمري» و «بعيد عنك»، في توليفة أضفت على الأمسية حالة طربية عميقة. غير أن مرهج تميّز بأدائه للمقطوعات التراثية والمقامات العربية بطريقة عصرية، إذ عزف تقاسيم موسيقية من مقامات «البيات» و «النهوند» و «السماعي» في قالب عصري مع الحفاظ على قواعد العزف على آلة العود. وقال مرهج ل «الحياة»، إنه حرص على تقديم العود في أمسية «يوم العود» بالقالب الطربي القريب إلى قلب الجمهور، مؤكداً أن أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب من المدارس الطربية التي لا غنى عنها. ورأى أن تخصيص أمسيات موسيقية لآلة العود أمر في غاية الأهمية، خصوصاً أن هذه الآلة خرجت من دائرة الضوء لمصلحة البيانو والغيتار والموسيقى الغربية عموماً. وقال عازف العود الأردني علي عياد إن الأمسية في دورتها الرابعة امتازت بالتنوّع الموسيقي التراثي والطربي من خلال التقاء مجموعة من الموسيقيين من دول عربية ومدارس موسيقية مختلفة.