مع اقتراب موعد فتح صناديق الاقتراع على الاستفتاء في أقليم كردستان غداً، أغلقت فرص مفاوضات اللحظات الأخيرة مع بغداد، بعدما فشل وفد كردي رفيع في تحقيق نتائج في العاصمة العراقية. وشهدت الساحة الكردية تداعيات جديدة بعد إعلان حزب «الاتحاد الوطني» على لسان عدد من قيادييه قبول «البديل الدولي»، ورفضه الاستفتاء عموماً، وفي كركوك خصوصاً، ما يجعل موقف رئيس الإقليم مسعود بارزاني في قيادة عملية تفاوض مع بغداد بعد الاقتراع صعباً. وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن سكان كركوك سارعوا الى خزن مواد غذائية تحسباً من تهور الأوضاع الأمنية في المدينة. وبدت الأنباء من الأوساط والأحزاب الكردية طوال يوم أمس، متضاربة حول الموقف النهائي من الاستفتاء، وظهرت متغيرات سريعة في مواقف قيادات «الاتحاد الوطني» الكردستاني، وأعلن مركز الاتحاد في كركوك صباح أمس، رفضه إجراء الاستفتاء في كركوك، مؤكداً أن «الوقت غير مناسب»، وهو الموقف الذي رفضه محافظ المدينة نجم الدين كريم، قبل أن ينشر بافيل طالباني نجل زعيم الحزب جلال طالباني، بياناً يعلن فيه قبول الحزبين الكرديين الرئيسيين بتأجيل الاستفتاء وقبول المبادرة الدولية. وعلى رغم تراجع بافيل طالباني عن البيان وسحبه في وقت لاحق، إلا أن موقف قيادات حزب طالباني، توالت أمس في رفض الاستفتاء وأعلن ذلك ملا بختيار القيادي البارز في الحزب، قائلاً إن حزبه قدم الى بارزاني موقفاً نهائياً بقبول مبادرة المجتمع الدولي، وتأجيل الاستفتاء. وأمام هذه المواقف أصدر بارزاني واللجنة العليا للاستفتاء سلسلة من التعليقات والبيانات تؤكد نفي وجود اتفاق مع حزب طالباني على التأجيل، والتمسك بالموعد المحدد، وانعكس ذلك مساء أمس في إنهاء مبكر لمحادثات أجراها وفد كردي رفيع مع قيادات «التحالف الوطني» الشيعي الذي أعلن رفضه إجراء أي مفاوضات جديدة قبل صدور إعلان كردي بتأجيل الاستفتاء. ووسط الجدل الكردي الداخلي أشارت التسريبات الى إجراءات اتخذها حزب طالباني، الذي يملك اليد الطولى أمنياً في كركوك، لمنع إجراء الاستفتاء في المدينة، وسط حالة من الترقب من احتمال حدوث احتكاكات بين القوى التابعة للحزبين في المدينة. وفيما تشهد مدينتا أربيل ودهوك استعدادات مكثفة لإجراء الاستفتاء، لا تشهد مدينة السليمانية اية استعدادات مماثلة. وفي حال استمرار الانقسام بين الحزبين الكرديين حول الاستفتاء وعدم حصول تغيير خلال الساعات المقبلة، فإن حزب بارزاني قد يجد نفسه غداً وحيداً في إجراء الاستفتاء في المناطق التي يسيطر عليها فقط والتي قد لا تشمل كركوك. ويشكل هذا السيناريو نكسة كبيرة لجهود بارزاني حول الاستفتاء التي امتدت لشهور ماضية، وسط تكهنات بأن أحزاب السليمانية مجتمعة (الاتحاد الوطني والتغيير والقوى الإسلامية) قد تقرر عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء لو حدث، وتختار التفاوض المباشر مع بغداد والولايات المتحدة. يذكر أن معلومات أشارت الى جولات مكوكية أجراها زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني طوال اليومين الماضيين بين السليمانية وأربيل، لمحاولة تغيير موقف بارزاني من الاستفتاء، بالتزامن مع ضغوط أميركية وتركية. وكان رئيس أركان الجيش العراقي زار تركيا أمس، وأجرى محادثات حول الاستفتاء انتهت باتفاق على التنسيق العراقي- التركي حول طريقة التحرك ما بعد الاستفتاء. وفي أنقرة مدد البرلمان التركي أمس لعام واحد تفويضاً يجيز للجيش التدخل في العراق وسورية. وجاء القرار خلال جلسة طارئة عقدها البرلمان ونقلت وقائعها تلفزيونياً.