لأن الهندسة المعمارية تنطوي على قسط وافر من الفنّ، تكثر المباني الفريدة والغريبة التي صممها مهندسون مبدعون حول العالم. فأينما ذهبنا، يمكننا رؤية تصاميم معمارية أنجزها مبدع يملك خيالاً واسعاً. ففي فرنسا مثلاً، صمم الفرنسي – السويسري لو كوربوزييه في رونشان كنيسة «نوتر دام دو هو»، وفي إسبانيا، يعتبر «بارك غويل» الذي أنجزه الإسباني أنطون غاودي تحفة دهرية لا مثيل لها، وفي بريطانيا، أبدعت العراقية الأصل زها حديد في المباني والتصاميم وأشهرها «ريفرسايد ميوزيوم». وفي أميركا، برز فرانك لويد رايت الذي صمم خصوصاً «يونيتي تمبل» في ولاية إلينوي... في ميدان «بلاسا دي كولون» في مدريد، مبنيان توأمان معروفان ب «إل إنشوفي» أو «مقابس الكهرباء» لشبههما بالأخيرة، أما اسمهما الرسمي فهو «توريس دي كولون» (برجا كولومبوس). من الناحية الجمالية والفنية، تنقسم الآراء وتختلف حول البرجين اللذين بدأت أعمال بنائهما عام 1968 وانتهت عام 1976. فثمة من يعتبرهما من أقبح الأبنية في العاصمة الإسبانية وأنهما يشوّهان هوية المدينة، وثمة من يعتبرهما تحفة فنية وإنجازاً بنيوياً فريداً، إذ بغضّ النظر عن لون السطح الأخضر والواجهة النحاسية ذات الشبابيك القاتمة، يتميزان بأنهما شيّدا من الأعلى نحو الأسفل بخلاف المباني العادية التي تبنى بعد حفر أساسات أرضية صعوداً. فأول شيء بني كان ركيزتين مدعمتين من الإسمنت طولهما 116 متراً، وعُلّق عليهما سقف مشترك باستخدام كابلات فولاذية، وبعدذاك بدأت الطوابق ال تبنى تباعاً. إلا أن الطوابق الثلاثة الأولى وحدها بنيت من أسفل إلى أعلى لأسباب تتعلّق بالسلامة. عندما قرر المهندس أنطونيو لاميلا وضع خريطة البناء، أراد أن يتميّز بعمله بكلفة أقل من الكلفة العادية. فأتته فكرة «البناء العكسي» التي تتميّز بتوفيرها المال والوقت في آن واحد، إذ تبنى الطوابق كلها في المكان ذاته وتسحب إلى الأعلى واحداً تلو الآخر. وعلى رغم أن «توريس دي كولون» مبني بتقنية غير مألوفة، فإنه ليس البناء الوحيد الذي استخدم فيه ذلك الأسلوب. فمثلاً المصرف المركزي في إرلندا ومصرف «ستاندرد بنك سنتر» في جوهانسبورغ الأفريقية، مبنيان من الأعلى إلى الأسفل. كما توجد 3 أبنية على الأقل في بولندا شيّدت بتلك الطريقة منها ترزونولينوفيتش (1961-1967) أو «الرجل المعلق» في فروكلاف، واثنان موجودان في غدانسك وكاتوفيتش. وفي صوفيا البلغارية، مبنى مشابه شيد في سبعينات القرن العشرين.