تمرّ الأسواق العقارية في المنطقة في ظروف وتقلبات، وباتت أكثر حاجة إلى آليات وخطط داعمة لتنظيم عمل الشركات العقارية لضمان تماسك الأسواق والاستعداد لفترة ما بعد الركود، من خلال اتخاذ تدابير ذات مراكز مالية قوية قادرة على المنافسة، والدخول في مشاريع كبيرة. إذ لاحظت شركة «المزايا القابضة» في تقريرها الأسبوعي، أن شركات عقارية وغيرها من كل القطاعات الاقتصادية «تتجه إلى الاندماج كي تتمكن من مواجهة التحديات». واعتبرت أن عمليات الاندماج والاستحواذ خلال هذه الفترة، «تمثل الاتجاهات الصحيحة والسليمة في ظل الظروف التي تواجهها القطاعات الاقتصادية، والتي من شأنها فرز فرص الاستثمار القائمة الناتجة من هذه العمليات». فيما تعكس هذه الإجراءات «ما تتمتع به الأسواق من مرونة وقدرة على التأقلم مع الظروف المحيطة بها، سواء في الانتعاش عبر توسيع قاعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة». كما تساهم ظروف التراجع والركود «في الاتجاه إلى الاندماج، للحؤول دون تسجيل خسائر إضافية والحفاظ على الأصول القائمة، لتفادي مزيد من التقلب والضعف في الأسواق والاقتصادات، التي تستمد قوتها من الشركات المكونة لها». ورأى التقرير أن إنتاج كيانات مالية واقتصادية جديدة «يساعد اقتصادات دول المنطقة على مقاومة التحديات المحلية والخارجية، وتحقيق نمو مرتفع يمكّنها من الاستمرار في تنفيذ خطط التنمية، واستقطاب مزيد من المشاريع والاستثمارات الخارجية». وأشار إلى البيانات المتداولة في أسواق الاندماج والاستحواذ التي تظهر «انتعاشاً في النصف الأول من هذه السنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليصل عدد الصفقات الإجمالي إلى 192 تبلغ قيمتها 32 بليون دولار». ولفت إلى أن «الصفقات المنفذة كانت تركزت على قطاعات النفط والغاز في الدرجة الأولى، إضافة إلى نشاط قطاعَي الطيران والطاقة والمرافق»، متوقعاً أن يكون قطاع الخدمات المصرفية وأسواق رأس المال «على موعد مع مزيد من عمليات الاندماج». في المقابل، رصدت «المزايا» اتجاه قطاعات التجزئة والمنتجات الاستهلاكية «نحو الاندماج في ظل ظروف التحول، إذ سيُخصّص رأس المال لقطاعي التجارة الإلكترونية والتكنولوجية، كما يحمل هذا النشاط في طياته إيجابيات كثيرة على الأداء الاقتصادي، لأن تسجيل مزيد من عمليات الاندماج يعني استمرار تشكيل اقتصادات دول المنطقة مصدراً لرأس المال، كون المستثمرين لا يزالون يرون أن القيمة الاقتصادية الإضافية أكبر من الأخطار المصاحبة لهذه التوجهات». وعرض التقرير التحديات والعقبات، التي «كانت لها تأثيرات سلبية في أداء الشركات العقارية ومراكزها المالية في السنوات الأخيرة، وشهدت تقلبات وضغوطاً كثيرة كان مصدرها التراجع الحاد في أسعار النفط، وما رافقه من هبوط في مستوى الإنفاق الاستثماري والتنموي». إذ «عدّلت الشركات العقارية في خططها القصيرة والمتوسطة للتأقلم مع الظروف المستجدة، واتجهت إلى الاستثمار والتطوير العقاري في الخارج، سواء من خلال تطوير مشاريع سكنية وتجارية أو من طريق شراء محافظ عقارية أو مجموعة من المباني والوحدات السكنية في تركيا والدول الأوروبية والسوق الأميركية». وأكد أن تحقيق مزيد من العائدات الاستثمارية واستغلال المناخات الاقتصادية المستقرة «كانت ولا تزال تشكل الهدف الأساس لتوجهات الشركات العقارية، للتغلب على مسارات التراجع من خلال قيم المشاريع المطروحة وعددها»، موضحاً أن النشاط المسجل في القطاع السياحي وارتفاع أعداد السكان والسياح في كل من تركيا ومصر تحديداً، أفضى إلى «اتجاه الشركات الخليجية نحو الاستثمار العقاري الكثيف، في ضوء التوقعات التي تشهد طلباً مرتفعاً على المنتجات العقارية». في حين ووفقاً للتقرير، «كان لعوامل انخفاض تكاليف الاستثمار دور في زيادة قيم الاستثمارات في الخارج، لما حملته الاستثمارات في السوقين البريطانية والأميركية من عائدات استثمارية وإيجارية عالية». ولم تغفل «المزايا» التحديات التي واجهتها الشركات العقارية والمقاولات في السوق السعودية في السنوات الأخيرة، والتي «تعكس احتمالات خروج شركات كثيرة من السوق، بينما ترجّح المؤشرات القائمة عدم قدرة عدد آخر من الصمود أمام التحديات، وصولاً إلى عجز الشركات الكبيرة عن دفع مستحقات العاملين لديها». ولفتت إلى أن هذه التوجهات «تشير إلى حجم التحديات التي تواجه القطاع والشركات العاملة فيه، والتبعات والتأثيرات السلبية في الأداء الاقتصادي عموماً، وذلك إذا ما ارتفعت المشاريع المتعثرة وتعثرت الشركات». أما الاقتصاد الإماراتي الذي «يُعتبر ثاني أكبر اقتصادات المنطقة بعد المملكة العربية السعودية، نظراً إلى مرونة الاقتصاد وانفتاحه على العالم، وانتهاجه قوانين وتشريعات وأنظمة ذات قدرة كبيرة على الانسجام مع التطورات المستجدة، ما يؤكد أهمية الاندماج والاستحواذ بين شركات القطاع العقاري حالياً، بسبب ارتفاع عدد الشركات العاملة في السوق وتراجع عدد المشاريع المطروحة في شكل نسبي». وشدد التقرير على «وجود ضرورة كبيرة للدخول في عمليات اندماج في القطاعات غير العقارية في الإمارات، لأن السوق تحتاج إلى كيانات تتمتع بقوة وتنافسية أعلى، كما تتطلب المرحلة المقبلة من الشركات العاملة استعدادات أفضل، وخطط التنويع والتطوير في الشركات وتطبيق مقاييس ومعايير عالمية المستوى لضمان استمرارها ونجاحها». ولفت إلى أن الاقتصاد الإماراتي «استحوذ على 46 في المئة من صفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط عام 2016، والتي بلغت 56 بليون دولار». وتوقع أن تسجل السوق الإماراتية «صفقات اندماج واستحواذ بقيمة تتجاوز 18 بليون دولار حتى نهاية هذه السنة وفي كل القطاعات». وذكّرت «المزايا» بمعرض «سيتي سكيب غلوبال 2017» الذي سيعقد في إمارة دبي، وهو «يمثل فرصة لتحديد مسارات الأسواق العقارية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وأيضاً تحديد الحاجة إلى الدخول في عمليات اندماج واستحواذ، إذ يأتي تنظيم هذا المعرض في الوقت المناسب لتعيين مصادر الطلب وطبيعتها وقوتها، ومقارنة ذلك بالعروض المقدمة من شركات التطوير العقاري». ولم تستبعد أن «تشهد النسخة ال 16 من «سيتي سكيب غلوبل»، تطورات كبيرة في صناعة التطوير العقاري، وسط تداول معلومات بالسماح للشركات العقارية بالبيع المباشر للمرة الأولى منذ 15 عاماً».