بدأت تركيا نشاطات إحياء الذكرى الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة، بقرار حكومي جديد تحت سلطة الطوارئ لطرد مزيد من موظفي الدولة، للاشتباه في تعاونهم مع جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة. وفصلت السلطات 7348 موظفاً في مؤسسات الدولة، وطردت 9 آلاف طالب من جامعاتهم، وسحبت أوسمة وميداليات كانت مُنحت لرموز تلك الجماعة، بينهم أشهر لاعب كرة قدم في تركيا هاكان شوكر. في المقابل، أُعيد 300 موظف إلى اعمالهم. وشهد البرلمان جلسة استثنائية في ذكرى المحاولة الانقلابية، شاركت فيها الأحزاب الأربعة الممثلة في المجلس، والرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار وسفراء أجانب وإعلاميون. ولم تخلُ الجلسة التي أراد رئيس البرلمان إسماعيل حقي كهرمان أن «تجسّد صورة الشعب التركي على شكل قبضة يد واحدة قوية»، من سجالات وتبادل اتهامات. وشدد كهرمان على «دور بطولي للشعب والبرلمان في تركيا، إذ بقيا صامدين على رغم القصف، في التصدي للانقلابيين وأسلحتهم». واستدرك أن «الفضل الأول والأكبر في إفشال تلك المحاولة يعود إلى الرئيس أردوغان الذي رفض الانصياع لقوة السلاح، وقرر التصدي داعياً الشعب إلى النزول إلى الشارع ليل 15 - 16 تموز (يوليو) 2016. وحضّ رئيس الوزراء بن علي يلدريم المعارضة على دعم قرارات الحكومة، معتبراً أن «أي اعتراض على هذه القرارات في حال الطوارئ، والتي تستهدف خدمة الأمن والاستقرار، يصبّ في مصلحة جماعة غولن والانقلابيين». في المقابل، خصّص زعيم المعارضة كمال كيليجدارأوغلو كلمته لتوجيه اتهامات إلى أردوغان وأكار ورئيس أجهزة الاستخبارات هاكان فيدان، بالتقصير في تلك الليلة، قائلاً: «امتلكت الحكومة أدلة قوية على وجود مخطط انقلابي، منذ أيار (مايو)، لكنها لم تحرك ساكناً حتى ليلة الانقلاب، إذ سمحت بتنفيذ جزء منه، ثم استخدمته من أجل نسف الديموقراطية وإقامة حكم سلطوي أقرب إلى الديكتاتورية». وحمّل الحكومة «مسؤولية دماء 249 شخصاً سقطوا تلك الليلة». كما اتهم الحكومة بالتستر على خفايا ليلة المحاولة الفاشلة، وطرد جميع المحققين والقضاة الذين تولوا التحقيق فيها، بعد توصلهم إلى «حقائق غريبة، وإبدالهم بقضاة ومحققين موالين» لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم. وشدد على أن «مَن أفشل الانقلاب كان قيادات الجيش التي لم تطاولها يد التسييس والجماعات الدينية». أما رئيس الكتلة البرلمانية ل «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي أحمد يلدريم فاتّهم الحكومة بتوجيه القضاء لزجّ قياديّي حزبه ونوابه في السجن. وشكا من أن الحكومة «تستغل سياسياً» إحياء الذكرى ل «تجسيد صورة أردوغان المخلّص»، في محاولة للتهرب من مسؤوليتها عن «إهمالٍ» وعلاقات قوية جمعتها بجماعة غولن. واعترض حزبا «الشعب الجمهوري» و «الشعوب الديموقراطية» على كتيّب صور وزّعته رئاسة البرلمان، يوثّق تلك الليلة داخل البرلمان، الذي سهر فيه نواب الأحزاب الأربعة، وأصدروا بياناً رافضاً المحاولة الانقلابية. ولم يتضمّن الكتيّب سوى صور نواب الحزب الحاكم وحليفه حزب «الحركة القومية»، وخلا من أي صورة لنواب معارضين، كأنهم لم يحضروا تلك الليلة. وأشادت الخارجية الأميركية بشجاعة الشعب التركي في تصديه للمحاولة الفاشلة، مستدركة أن تقليص الحريات الأساسية يقوّض «أسس مجتمع ديموقراطي». أما الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ فاعتبر أن محاولات تقويض الديموقراطية في أيّ من دول الحلف «ليست مقبولة».