اعتبر البنك الدولي أن المغرب، الذي يملك أكبر اقتصاد تنافسي في منطقة شمال أفريقيا، يتحمّل خسائر سنوية تقدر بنحو 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب التغير المناخي والاحتباس الحراري وتدهور المصادر الطبيعية للمياه، التي يعتمد عليها الإنتاج الزراعي. وتقدر كلفة التدهور البيئي على المستوى العالمي بنحو 1.62 في المئة، في حين كانت النسبة تقدر في المغرب ب3.7 من الناتج المحلي عام 2000. وأظهرت دراسة أصدرتها الوزارة المكلفة بالتنمية المستدامة أن كلفة التدهور البيئي تراجعت نحو 20 في المئة خلال السنوات الأخيرة، إذ انخفضت من 590 درهماً (61 دولاراً) إلى 450 درهماً للفرد سنوياً، بفضل البرامج التي اعتمدت لمواجهة تداعيات التغير المناخي، وتقلص المصادر الطبيعية للمياه، والتصحر ودرجة الحرارة والنفايات الصلبة. ويكلف تلوث مصادر المياه العذبة نحو 11.2 بليون درهم سنوياً وتصل القيمة إلى بين 8 و10 بلايين درهم سنوياً بسبب تلوث الهواء و6 بلايين بسبب التصحر وانجراف التربة وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة. وأشارت الدراسة إلى أن كلفة تدهور مصادر المياه تراجعت 60 في المئة منذ العام 2000 بفضل «البرنامج الوطني للتطهير السائل» الذي بلغت استثماراته نحو 50 بليون درهم، وشمل حماية الشواطئ والسواحل البحرية من التلوث، وحدّ من تسرب مياه الصرف نحو البحر، ليتم تجميعها في محطات للمعالجة وإعادة الاستعمال والري. ونصحت الدراسة بالحفاظ على الموارد المائية عبر الحدّ من استغلال المياه الجوفية، ووقف تصريف المياه العادمة قبل معالجتها، ومنع الصرف الصناعي غير المعالج عبر الأودية والأنهر، والحدّ من انبعاث الغازات التي تسببها الصناعة، خصوصاً في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وطنجة ومراكش، وإدارة النفايات المنزلية الصلبة وحماية الغابات، ومعالجة النفايات الصناعية الخطيرة على الصحة. وعلى رغم تشابه التدهور البيئي في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فإن المغرب من الدول الأكثر انخراطاً في برامج الحدّ من التغير المناخي، وفق البنك الدولي، الذي اعتبر أن رهان المغرب على الزراعة التي تشكل 16 في المئة من الناتج المحلي ويعمل فيها 33 في المئة من قوى الإنتاج المعتمدة على مصادر المياه العذبة، جعلته أكثر عناية بالمصادر الطبيعية والتنمية المستدامة، وأقل تعرضاً من جيرانه لشحّ المصادر العذبة، خصوصاً في فصل الصيف. ورصدت الرباط استثمارات ب220 بليون درهم (22 بليون دولار) لضمان الأمن المائي ومواجهة احتمال تراجع حصة الفرد من المياه العذبة بحلول عام 2030. ويُتوقع أن يرتفع العجز في المصادر من 3 إلى 5 بلايين متر مكعب، وينخفض المخزون السنوي في السدود من 16.7 بليون متر مكعب إلى أقل من 14 بليوناً خلال السنوات ال10 المقبلة. وتقضي الخطة بتجميع مصادر المياه الوفيرة في الشمال وتحويلها إلى الجنوب الذي يعاني نقصاً في منسوب الأودية وحجم المتساقطات، من خلال تعبئة 16.6 بليون متر مكعب عبر الأنهار الكبيرة مثل «اللكوس» و «أم الربيع» و «سبو» و «أبو رقرار» و «تنسيفت». ويصادف التحدي المائي في السنوات المقبلة ارتفاعاً في عدد السكان فوق 40 مليون شخص، وتمركز 73 في المئة منهم في المدن الكبرى على طول الساحل الأطلسي. وكان نصيب الفرد من المياه العذبة تراجع من 3 آلاف متر مكعب عام 1960 إلى أقل من 800 متر عام 2014، وهو مرشح للتراجع دون 500 متر في السنوات المقبلة. واحتضنت مراكش العام الماضي القمة 22 للمؤتمر العالمي حول التغير المناخي، الذي أقرّ خطة لدعم دول الجنوب باستثمارات سنوية تقدر ب100 بليون دولار لمواجهة الاحتباس الحراري ومعالجة أخطار النقص الغذائي، خصوصاً في أفريقيا التي تتحمل 75 في المئة من تداعيات ارتفاع الحرارة وشح مصادر المياه، على رغم أن مسؤوليتها في التغير المناخي خلال 100 سنة لم تتجاوز 4 في المئة.