{ الكاتب عندما يعزف قلمه سنفطر على خيرات حسان. المبدعة والروائية أميمة الخميس وأنت تقرأ لها ترحل بك لفضاءات متنوعة ومدارات لغوية تجعلك تصوم عن غيرها من ألوان الكتابة. هاجس الثقافة والمثقفين تملك رؤية له، تتمنى لو انتبه لها من بيده الحال لينتشي الوسط عندنا، وينال المكان الذي يليق به، ونبتعد في حواراتنا عن التجريم والنبذ وإصدار الأحكام بلا ضابط، وتفضل ألا يدير المثقف شأنه الثقافي بشكل يقصيه عن مشروعه الخاص، وترى أنه لا بد أن يترك المنصب للإداري المثقف صاحب الذائقة الفنية والشفافية. في حوارنا معها نصوم ونفطر معا. ونرتل ونقوم مع المعاني كلها. نعيش الرؤية، ونتلمس الهدف ونحن مع فكر مؤتمن وذي عقل رشيد. ارتباط رمضان بالفتوحات الإسلامية.. هل رزقك الله فيه بفتوحات ونجاحات خاصة؟ - رمضان يقف هناك نائياً في خاصرة العام، ما إن نغادره حتى نجد أننا استدرنا وعاد بنا الدرب لنقف بأبوابه وقناديله وأهلته نحن وقلوبنا الثقيلة وحقائبنا المكتنزة، فيعلمنا عندها أدب التخلي والتسامي، ماذا قطفنا ماذا اكتسبنا، وماذا نستبقي وماذا يجب أن ندفعه بعيداً عن مداراتنا، وما الذي بات عبئاً وعبثاً ولابد من الخلاص منه. المعراج الروحي المتصعد في رمضان هو ترميز لنزال البشر الأبدي أمام ضعفهم وصغائرهم. هل يتعبك الصيام عن شيء معين؟ - الصيام والنبذ والتخلي تحقق لروحي بهجة فائقة لأزرع رايات انتصاري فوق أرض الشهوات وأرمق بزهو أرضي المحررة منها عن كثب حيث هناك تتحقق إنسانيتي وارتقائي من الدرك الغرائزي المكفن بقدر الطين صعوداً إلى منزلة المُكلف المكلل بالإرادة الإنسانية. ما المرحلة في حياتك التي تمنيت لو طال صيامك فيها عن تفاعلات معينة؟ - هناك مراحل في الحياة نتمنى أننا صمنا فيها عن القرار، عندما اتخذنا قرارات يغلب عليها نزق الشباب أو رعونة الصبا، أو مراحل نشعر بأننا أطلنا استراحة المحارب من دون أن نحسم الأمر فتركناه لصروف الدهر، أو مواقف أهدرنا فيها الكثير من الوقت والجهد مع أمور أو أفراد اختلسوا جزءاً من نضارة الأيام. حقوق المثقفين عندنا هل لا تزال بحاجة لقنوت وبكائيات ودعوات متصلة لننالها؟ - قائمة حقوق المثقفين هي أكثر خطراً عليهم من عدم تحققها فالقائمة المنجزة المثالية هي قوالب وصناديق على حين أن للزمن صيرورته المتغيرة، لذا تتبدل الأحكام بتبدل الأحوال، فعلى سبيل المثال من نقص القادرين على الكمال أن تظل قائمة مطالب المثقف زمن مؤتمر الأدباء طيب الذكر هي نفسها الآن في زمن رؤية 2030 فالثقافة الآن قفزت من فتات الهامش المؤجل لتحتل حيزاً جزلاً في الرؤية. مشهدنا الثقافي.. يصوم الدهر كله.. ما رأيك؟ -البصلة كانت دائماً حاضرة على مائدة إفطاره، والآن الجميع يتوقع عذوق الخلاص والسكري. «الضلع حين استوى».. من أفطر عليه؟ - الضلع لم يعد يعارك الكون كثيراً ليستوي قائماً بل أصبح متصالحاً مع انحناءات القباب والأقواس واستداراته الأنثوية. «البحريات» من يعد لهن وجبة الإفطار؟ - لسن بحاجة إلى من يعد لهن الإفطار، فالبحريات ولائم دائمة بطبعات متعددة وعشرات الدراسات العربية والأجنبية حولهن. «الوارفة» متى ستغادرها معتكفها؟ -عندما تمنحها أوراقها الرسمية سن الرشد، كمواطنة مكتملة الحقوق والواجبات. «الماضي المفرد» هل قال ما تقدم وتأخر عن تعليمنا؟ - هو فقط قرأ سطراً في سفر الجلجلة. «مسرى الغرانيق».. كيف لنا أن نرى هلاله؟ - قريباً.. فبعض الكتب يستعصي حبلها السري على القطع! قصص الأطفال عندنا.. لماذا الجوع والعطش يحيطان بها؟ - لأن الطفولة لدينا لم تُسكن في مواضعها الملائمة كثروة وطنية بل نتعامل معهم مع الأسف ضمن النظرة التقليدية التي تزيحهم إلى هوامش المجتمع حيث تقبع الفئات الهشة. ما أكثر شيء يسرق منك في رمضان؟ - انضباط معسكر الكتابة. لمن تقولين: صيامك لن يقبل وأنت تفعل هذا؟ - لا أقولها ولا أجرؤ وجلّ نكباتنا الفكرية أتت مع التوقيع عن الله والوصاية والتسلط وتجريم المخالف. المناصب الثقافية عندنا هل تنصحين بالصيام عنها أم...؟ - كل مُسخر لما خلق له ويفضل ألا يدير المثقف شأنه الثقافي بشكل يقصيه عن مشروعه الخاص، لا بد أن يترك المنصب للإداري المثقف صاحب الذائقة الفنية والشفافية. روحانية المثقف أين تكمن؟ - يحلق المثقف خارج سربه برحلة طير أبدية تقوده عنقاء القيم الإنسانية الكبرى والخالدة التي لا تفنى. ما الشيء الذي يتنزل عليك فقط في رمضان؟ - شجن المواسم. شاشات التلفاز الرمضانية متى يجب الصيام عنها؟ - شاشات التلفاز اندرجت ضمن نطاق الجماهيري الاستهلاكي، لذا من الصعب حجبها عن المشهد، لكن من الممكن مقاربتها عبر خطاب يفكك الغرائزي السطحي وثقافة الركاكة. قضايا المرأة في مجتمعنا. لماذا صيامها يطول ولا تفطر إلا على خبز وماء؟ -هذا العام حظيت بمائدة إفطار شهية مع القرار السامي باكتمال مواطنتها في النطاق الإداري. التحولات الاجتماعية عندنا.. هل تجيد تلاوة المشهد أم تنصت له فقط؟ - ما زالت في مقاعد المستمعين! المتحدث الإعلامي متى تقولين له: يا زينك صايم؟ المتحدث الإعلامي يجب أن يقدر ويوقر لأنه يوسع دائرة القرار عبر إطلاع الجماهير على ما يحدث خلف الغرف المغلقة، لذا لابد أن نكون أكثر رأفة به. برامج الفتوى في رمضان.. أما نزال بحاجة لها؟ - وفق المنطق الاستهلاكي طالما هناك جماهير حاشدة فستظل البضاعة رائجة. ما الذي تخافين أن تصوم عنه رؤية 2030؟ - رؤية 2030. في رأيك هل يمكن ل «نزاهة» أن يكون فطرها أكثر من صيامها؟ - نزاهة تحتاج إلى نظام تغذية مسمن يطيل أطرافها ويقوي عضلاتها. حوار التيارات في مجتمعنا هل يصوم الدهر أم...؟ - بل يكتفي بصوم داود عليه السلام! ذكريات رمضانية لا تغادر ذاكرتك أبداً؟ - ذلك الصمت الجليل المهيب الملتف برائحة القهوة المبهرة والذي يسبق أذان المغرب في بيت الملز. جدلية الرؤية ودخول رمضان وخروجه.. أما من رأي يحسمها؟ - لن تحسم إلا بحسم جدلية النقل والعقل وقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. لو بيدك القرار.. ماذا سيخرج من برامج على الشاشة؟ - المزيد من المسلسلات التاريخية ذات الإنتاجيات الضخمة والقائمة على الإبهار والتقنية وأيضاً المتعوب على مضمونها الفكري والفني. دعوة إفطار لأربعة أشخاص.. من كل العصور لمن توجهينها؟ - أوجهها لأبطال روايتي «مسرى الغرانيق في مدن العقيق» والتي تدور أحداثها في القرن الرابع الهجري، مزيد الحنفي، أناهيد الفارسية، عمرو القيسي، وحمدونة المرية.