وقف مئات الأتراك أمام اللجنة العليا للانتخابات، لتقديم طلبات تحضّ اللجنة على إلغاء قرار بقبول بطاقات اقتراع غير مختومة، كانت أصدرته خلال الاستفتاء الذي نُظم الأحد الماضي على تعديلات دستورية تحوّل النظام رئاسياً، موسّعةً صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان. ورأت نقابة المحامين في قرار اللجنة انتهاكاً واضحاً للقانون، قد يكون أثّر في النتيجة، فيما رجّحت بعثة المراقبة التابعة لمجلس أوروبا حدوث تلاعب بنحو 2.5 مليون صوت، ودعت المفوضية الأوروبية أنقرة إلى التحقيق في «مخالفات مزعومة» في الاستفتاء. لكن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم ندد ب «إشاعات عقيمة» عن مخالفات في الاستفتاء، إذ قال أمام نواب الحزب الحاكم: «عبّرت صناديق الاقتراع عن رغبة الشعب وانتهى الجدال. على الجميع أن يحترم النتيجة، خصوصاً حزب المعارضة الرئيس»، في إشارة إلى «حزب الشعب الجمهوري». واعتبر سكان في أنقرة أن قرار اللجنة العليا للانتخابات في شأن بطاقات الاقتراع غير المختومة، و «مخالفات» أخرى أُبلِغ عنها، شكّلت انتهاكاً صريحاً للقانون. وشوهدت طوابير مشابهة أمام مكتب اللجنة في إسطنبول. وأعلن «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي أنه قدّم شكاوى في شأن بطاقات اقتراع غير مختومة تشمل 3 ملايين ناخب، أي أكثر من ضعف نسبة الأصوات التي أمّنت الفوز لأردوغان. ونبّه نائب رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بولنت تيزجان، إلى أن الأصوات المفقودة في الاستفتاء «تُعتبر سابقة»، لافتاً إلى أن عدد البطاقات غير المختومة ليس معروفاً. وتابع: «القرار الوحيد الذي سينهي الجدل في شأن شرعية (التصويت) وتهدئة المخاوف القانونية للناس، هو أن تبطل لجنة الانتخابات» الاقتراع. واتهم الحزب اللجنة العليا للانتخابات بالتحيز ومحاباة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إذ قال رئيس الحزب كمال كيليجدارأوغلو: «واضح أن اللجنة لا تتلقّى سلطتها من الشعب أو القانون أو الدستور، بل من مركز محدد، هو سلطة سياسية محددة». واتهمها ب «تغيير قواعد اللعبة في منتصف» المباراة. في السياق ذاته، وصفت نقابة المحامين قرار اللجنة ب «غير القانوني»، متحدثة عن «تضليل مجالس صناديق الاقتراع ليعتقد مسؤولوها بأن استخدام بطاقات اقتراع غير مختومة أمر مناسب». وتابعت أن القرار «أدى إلى مخالفات وإلى الحؤول دون وجود سجلات كان يمكن أن تكشف عن مخالفات». وأضافت: «نأسف، لا لنتيجة الاستفتاء، ولكن بسبب رغبة في تجاهل انتهاكات واضحة وقاسية للقانون، يمكن أن تؤثر في النتائج». وبرّرت اللجنة العليا للانتخابات موقفها، فذكّرت بأربعة أمثلة لحالات في عقود سابقة، قُبلت خلالها بطاقات اقتراع غير مختومة في صناديق اقتراع فردية. ولكن تلك الحالات طاولت فقط مئات من الأصوات، واتُخذ القرار في شأنها بعد أيام على التصويت، وبعد استبعاد إمكان حدوث تزوير. كما قررت اللجنة إلغاء انتخابات سابقاً، بسبب بطاقات اقتراع غير مختومة. وكان فرع اللجنة في الخارج رفض، في استفتاء الأخذ، طلباً من الحزب الحاكم لتأكيد صلاحية بطاقات الاقتراع غير المختومة. في المقابل، رجّحت أليف كورون، وهي نمسوية من الأعضاء ال47 في بعثة المراقبة التابعة لمجلس أوروبا، حدوث «تلاعب بنحو 2.5 مليون صوت» في الاستفتاء، مشددة على أن قرار لجنة الانتخابات في شأن بطاقات الاقتراع غير المختومة «يخالف القانون». واعتبرت أن المنافسة في الاستفتاء لم تكن متكافئة، مشيرة إلى تسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهِر كما يبدو أشخاصاً يصوّتون أكثر من مرة. وتحدثت عن «شكاوى» قد «تغيّر نتيجة الاستفتاء». وأسِف رئيس البعثة سيزار فلورين بريدا لأن الاقتراع «لم يرقَ عموماً إلى معايير مجلس أوروبا»، معتبراً أن «الإطار القانوني لم يكن كافياً لتنظيم عملية ديموقراطية حقيقية». في السياق ذاته، دعت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس تركيا إلى إجراء «تحقيق شفاف في هذه المخالفات المزعومة». وتطرّقت إلى تعهد أردوغان إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا، مشددة على أنه سينهي مسعى أنقرة إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. وأضافت: «هذا ليس خطاً أحمر، بل أقوى الخطوط الحمر». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول غربي إن الاتحاد لن يهنّئ أردوغان على فوزه في الاستفتاء، منبّهاً إلى أن «تركيا تنزلق نحو حكم شبه استبدادي تحت قيادة رجل واحد». وأشار إلى أن الاتحاد يركّز الآن على التوصل إلى قرار في شأن مفاوضات عضوية أنقرة، محذراً من أن التطورات الأخيرة ستعزّز موقف دول ترغب في تجميدها رسمياً.