جاءت خمس دول عربية ضمن الدول العشر الأولى التي حققت أسرع تقدم على مدى العقود الأربعة الأخيرة في مقياس التنمية البشرية. والغريب أن هذا التقدم مرجعه إنجازات في مجالي الصحة والتعليم وهما مجالان غير مرتبطين بالدخل، لا إيرادات النفط والغاز كما قد يفترض كثيرون. والدول الخمس بحسب تقرير التنمية البشرية 2010 الذي أطلق أمس هي: عُمان التي احتلت المرتبة الأولى من بين 135 دولة، تليها السعودية وتونس والجزائر والمغرب في المراتب الخامسة والسابعة والتاسعة والعاشرة بالترتيب. وقال اختصاصي السياسات في مكتب تقرير التنمية البشرية في نيويورك خوزيه بينيدا في تصريح الى «الحياة» أثناء زيارته القاهرة، إن الدول العربية أبلت بلاء حسناً فيما يختص بارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة، من 51 سنةً في عام 1970 إلى 70 سنةً في عام 2010. وهذا الإنجاز هو أفضل ما شهدته مناطق العالم المختلفة. كما انخفض معدل وفيات الرضع من 98 وفاة لكل ألف رضيع في 1970 إلى 38 في 2010. كما تضاعف معدل الالتحاق بالمدارس، إذ ارتفع من 34 في المئة عام 1970 إلى 64 في المئة. يذكر أن لبنان وجيبوتي هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان سجلتا أداءً دون المتوقع لهما. وبالنسبة إلى لبنان، يعود ذلك إلى الحرب الطويلة وعدم الاستقرار السياسي، وهما السببان الرئيسان اللذان أثرا سلباً في التنمية البشرية في دول عربية عدة من العراق إلى الأراضي الفلسطينية إلى الصومال والسودان واليمن. وقالت الأمينة العامة المساعدة مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي أمة العليم سوسة: «حصة المنطقة العربية من سنوات الصراع تجاوزت في المتوسط ثلاثة أضعاف ما شهدته سائر مناطق العالم من عام 1990 إلى عام 2008». ويعتمد التقرير الذي صدر تحت عنوان «الثروة الحقيقية للأمم: مسارات إلى التنمية البشرية» ثلاثة أدلة جديدة لقياس التنمية البشرية هي: عدم المساواة، والفروق بين الجنسين، والفقر المتعدد الأبعاد. والمثير هو أن الوضع الإنمائي في المنطقة العربية يتسم بفوارق شاسعة، ففي وقت حلت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً وال32 عالمياً في ترتيب دليل التنمية البشرية، أي أنها مصنفة ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، حل السودان في المرتبة ال154 عالمياً مصنفاً تحت بند الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة. وعلى رغم الإنجاز الجيد للدول العربية الخمس في مجالي الصحة والتعليم، فإن عدم المساواة والفروق الشاسعة في التعليم والصحة والدخل أديا إلى خسارة الدول العربية 28 في المئة من دليل التنمية، هي الأكبر على مستوى العالم بعد جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وجنوب آسيا. والخسارة الأكبر عربياً هي التعليم. وكما هو متوقع، رصد دليل الفوارق بين الجنسين خسارة كبيرة عربياً، فهناك فروق شاسعة بين المرأة والرجل في الصحة الإنجابية والمشاركة في القوى العاملة والتمكين. ويشير الدليل إلى أن متوسط حجم الخسائر في هذا المجال بلغ 70 في المئة. (المتوسط العالمي في الفروق بين الجنسين بلغ 56 في المئة). وتشمل الأرقام المفزعة الذي ينقلها التقرير في هذا الصدد، نسبة النساء العربيات اللاتي أنهين تعليمهن الثانوي وهي لا تزيد على 32 في المئة في الفئة العمرية 25 سنةً وما فوق، في حين بلغت النسبة بين الرجال 45 في المئة. والغريب أنهن تفوقن على الرجال في الالتحاق بالتعليم الجامعي، إذ بلغ معدل الالتحاق 132 امرأة في مقابل مئة رجل.