افتتح الاتحاد العام التونسي للشغل أعمال مؤتمره ال23 بالعاصمة أمس، وسط تنافس شديد بين قادته لخلافة الأمين العام حسين العباسي الذي سيغادر المنظمة النقابية الأكبر في البلاد. ويتابع الرأي العام المحلي بانتباه المؤتمر نظراً الى الدور البارز الذي يلعبه في الحياة السياسية التونسية. وحذر العباسي من «وجود محاولات تهدد التوافق العام في البلاد وتسعى الى ضرب اتحاد الشغل وإضعافه»، وقال: «رغم كل النجاحات والتقدم في بناء المؤسسات لا يزال المشهد العام مهدداً بتوترات اجتماعية وسياسية». وزاد: «تثير بعض محاور الاختلاف أحياناً أخطار الاستقطاب والتناحر الأيديولوجي، ما يهدد التوافق الوطني الذي نجحنا في تركيزه في البلاد حتى الآن»، علماً أن محافظات في البلاد تشهد احتجاجات للمطالبة بالتنمية وفرص العمل. وسيشهد المؤتمر تنافساً شديداً بين لائحتين مرشحتين لعضوية المكتب التنفيذي، الأولى تضم تسعة أعضاء من المكتب التنفيذي المنتهية ولايته وتحظى بدعم العباسي، والثانية تضمّ عضواً في المكتب التنفيذي ذاته ونقابيين بارزين في قطاعات مؤثرة كالتعليم والصحة. وتحظى اللائحة الأولى التي يرأسها عضو المكتب التنفيذي والمكلف شؤون النظام الداخلي نور الدين الطبوبي، وهو نقابي براغماتي واسع النفوذ داخل المنظمة العمالية، بحظوظ وافرة للفوز في الانتخابات، رغم وجود مساعٍ لتشكيل لائحة توافقية تضم كل الأطراف. وصرح الطبوبي ل «الحياة»: «هناك مساعٍ متواصلة لإيجاد توافق مع اللائحة المنافسة والترشح ضمن لائحة توافقية. وهي ستتواصل حتى فتح صناديق الاقتراع في آخر أيام المؤتمر». وزاد: «ستواصل القيادة المقبلة انتهاج سياسة الاتحاد الحالية التي تدعم الحوار الوطني والمشاركة في الشأن العام»، علماً أن المكتب التنفيذي للحزب شارك بقوة في الشأن الوطني والسياسي عبر قيادته الرباعي الذي رعى الحوار الوطني الذي أنقذ البلاد من حرب أهلية بعد اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي صيف 2013. الى ذلك، حذر النقابي المرشح لرئاسة المنظمة قاسم عيفة من «محاولة حركة النهضة الإسلامية خرق الاتحاد العام التونسي للشغل من الداخل بعدما فشلت في تفكيكه سابقاً»، مشيراً الى أن أطرافاً سياسية تحاول فرض أسماء موالية لها في المكتب التنفيذي المقبل للاتحاد. واستغرب «عدم محاسبة نقابيين تابعين لحركة النهضة الإسلامية ثبت تورطهم في الاعتداء على المبنى التاريخي للاتحاد العام التونسي للشغل في 5 كانون الأول (ديسمبر) 2012»، ما اعتبره مراقبون اتهاماً مبطناً لقيادة المركزية النقابية بالتستر عليهم. ويسعى القائمون على الاتحاد العام التونسي للشغل الى مراعاة التوازنات السياسية والقطاعية في اللوائح المرشحة لعضوية المكتب التنفيذي، إذ يتوزع المرشحون على قطاعات بارزة كالصحة والتعليم والبريد والمعادن والقطاع الخاص، إضافة الى تيارات سياسية ابرزها القوميون وأقصى اليسار، مع الحفاظ على تقاليد الاتحاد في أن يكون الأمين العام من المستقلين.