فيما تم تبادل الاتهامات بين كل من الاتحاد العام التونسي للشغل -أكبر نقابة تشغيلية في البلاد- وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية "منظمة الأعراف"، على خلفية تأخر موافقة الحكومة على اقتراح اتحاد الشغل بالزيادة في أجور الموظفين لسنة 2016-2017، يرى مراقبون أن الأزمة السياسية عادت في البلاد لتلقي بظلالها على الأوضاع التي تعيشها البلاد، في وقت تتزايد فيه المخاطر الأمنية على الحدود الجنوبية الليبية، وانعدام خطط التنمية في المناطق الداخلية. وأكد الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي في الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في تصريح إلى "الوطن"، أن الاتفاق الموقع مفتوح على جولة مفاوضات ما زالت متعثرة، مبينا أن وزارة الشؤون الاجتماعية والحكومة، تبحثان عن العراقيل لتذليلها نحو تحقيق التقدم في المشاورات. ولفت الطبوبي إلى أن المشكلة تتجاوز الاتحاد إلى الطرف المقابل المتمثل في الحكومة ومنظمة الأعراف، معتبرا أن تأخر الموافقة على اتفاقيات الزيادة في الأجور يهدد الوضع المعيشي للموظفين، ولا يخدم الصالح العام. تعثر المفاوضات كان من المفترض أن تنطلق مفاوضات حول الزيادة في أجور القطاع الخاص، بالنسبة لسنتي 2016 و2017، في مارس الماضي، لكنها تعثرت بسبب خلافات بين "اتحاد الشغل" ومنظمة "الأعراف" التي ترى أن الظرف الذي تمر به البلاد يعرقل إقرار الزيادات. وأعلن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل في بلاغ له أخيرا، رفضه المطلق لأي تأخير أو إلغاء للزيادات المتفق عليها، مطالبا الحكومة بتنزيلها وفق الأقساط المرسومة، واعتبار التنصل من ذلك ضربا لمصداقية التفاوض وتهديدا للاستقرار الاجتماعي، وعدم الالتزام بوثيقة قرطاج التي تعهدت الحكومة الحالية بتطبيقها، داعيا الحكومة إلى الإسراع في حل ملف التهرب الجبائي ومحاربة التهريب واستخلاص ديون الدولة ومؤسساتها. خيار لا مفر منه أوضحت لجنة الشؤون الاجتماعية في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن الحوار الاجتماعي لا يكون بعزلة على الواقع، الذي يشهد أزمة حقيقة، في الوقت الذي أعلنت منظمة الأعراف استعدادها لتدارس مقترح رئيس الحكومة بإقرار مساهمة استثنائية من المؤسسات لسنة 2017، مشددة على ضرورة أن تستخدم هذه المساهمة في التنمية الجهوية ودفع الاستثمار، وخلق مواطن التشغيل التي يعاني منها أصحاب الشهادات العليا. وأمام التردي الاقتصادي والاجتماعي، والتراجع الحاد في نسبة التنمية بالبلاد، تجد الحكومة نفسها أمام خيار لا مفر منه، بضرورة إيجاد حل توافقي مع أكبر منظمة نقابية للتشغيل، وذلك لتجنب صدامات أخرى ربما تعطل عمل الحكومة الجديدة.