فاز المرشح الموالي لروسيا إيغور دودون بالانتخابات الرئاسية في مولدوفا، الجمهورية السوفياتية السابقة التي تشهد منذ أشهر أزمة سياسية عميقة، ملحقاً هزيمة بالمرشحة الموالية لأوروبا مايا ساندو، بينما دعا الكرملين إلى «تطبيع» للعلاقات مع كيتشيناو، بعد سنتين من التوتر الناجم عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي في العام 2014. وبعد فرز 99.9 في المئة من الأصوات، حصل دودون على 52.29 في المئة بينما حصلت ساندو على 47.71 في المئة، بحسب ما أعلنت اللجنة الانتخابية. وبلغت نسبة المشاركة 53.4 في المئة بارتفاع 4 نقاط مقارنة مع الدورة الأولى. وستعلن اللجنة الانتخابية النتائج النهائية في غضون أيام. وشكر دودون منافسته على «الحملة الانتخابية الجيدة» وهنأها على «النتيجة الرائعة» التي حصلت عليها، واعداً بأن يأخذ في الاعتبار «موقف» ناخبيها. وقال في مؤتمر صحافي مساء أمس: «فزنا، وأدرك الجميع ذلك». من جهته، أعلن الكرملين بلسان الناطق باسمه دميتري بيسكوف، أنه «يحترم خيار شعب مولدوفا ويهنئ الفائز». وقال إن «بلدينا أقاما علاقات وثيقة جداً قبل تراجعها»، مضيفاً أن «روسيا ما زالت تؤيد تطبيع العلاقات وتطويرها مع مولدوفا». وللمرة الأولى منذ العام 1996، ينتخب في مولدوفا البلد الفقير البالغ عدد سكانه 3.5 ملايين نسمة والواقع بين رومانيا وأوكرانيا، رئيس الدولة بالاقتراع المباشر وتحت إشراف أكثر من 4000 مراقب محلي وأجنبي. وفي الدورة الأولى في 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حصل دودون، رئيس حزب «الاشتراكيين» ووزير الاقتصاد السابق في حكومة كان يقودها شيوعيون، على أكثر من 47 في المئة من الأصوات، فتوصل تقريباً إلى الأكثرية المطلقة الضرورية للفوز. أما مايا ساندو، وزيرة التربية السابقة التي عملت في البنك الدولي، فحصلت على 38 في المئة. وفي الدورة الثانية، يكفي المرشح الحصول على الأكثرية البسيطة من الأصوات للفوز. ووضعت الانتخابات الرئاسية أنصار التقارب مع روسيا والمدافعين عن الالتحاق بالاتحاد الأوروبي وجهاً لوجه. وتعهد دودون السعي إلى تعديل الجانب الاقتصادي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي وقعته السلطات المؤيدة لأوروبا في العام 2014، على رغم معارضة موسكو، والقيام بكل ما يمكن حتى تتمكن البلاد من «التعامل مع روسيا ومع الاتحاد الأوروبي». وأتاح هذا الاتفاق الانفتاح التدريجي للسوق الأوروبية أمام منتجات مولدوفا. وحالياً، يستوعب الاتحاد الأوروبي نصف صادرات هذا البلد. لكن المسعى أثار غضب موسكو التي سارعت إلى فرض حظر على فواكه ولحوم مولدوفا، فواجه السكان الذين تشكل الزراعة أبرز مقوماتهم صعوبات عدة. من جهتها، وصفت ساندو الاتفاق بأنه «أساس لتطوير البلاد»، خصوصاً لإجراء إصلاحات ومكافحة الفساد. وتعد مولدوفا التي تضم رومانيين (78 في المئة من السكان) وروساً وأوكرانيين (14 في المئة)، أحد أفقر دول أوروبا. ويعيش 41 في المئة من سكانها بخمسة دولارات يومياً، بحسب أرقام البنك الدولي. من جهة أخرى، تواجه البلاد أزمة سياسية عميقة منذ اكتشاف اختفاء بليون دولار من صناديق ثلاثة مصارف في البلاد، أي ما يوازي 15 في المئة من إجمال الناتج المحلي. وأدى الكشف عن اختفاء هذا المبلغ إلى تظاهرات صاخبة شارك فيها المؤيدون لروسيا والمؤيدون لأوروبا، من اليمين واليسار. ومنذ ذلك الحين، تعاقبت ثلاث حكومات موالية لأوروبا، لكنها لم تتمكن من تهدئة غضب الشعب، والذي يقول إن القسم الأكبر من الطبقة السياسية ملوث بالفساد.