طالب مؤتمر دولي عقد في نيويورك أمس بتسريع وتيرة خطوات اجراء استفتاء يحظى ب «نزاهة وصدقية» لتقرير مصير جنوب السودان بداية العام المقبل، وتعهد شريكا الحكم - حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» - قبول نتائجه وحدة أو انفصالاً واستمرار «التعاون والشراكة» بين شطري البلاد في الحالتين. وشهدت نيويورك أمس مؤتمراً دولياً دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في حضور الرئيس الأميركي باراك أوباما، وزعماء رواندا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والغابون ورئيس الوزراء الهولندي ونائب رئيس الوزراء البريطاني ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا والنروج والهند ومصر والبرازيل واليابان وكندا، ونائبي الرئيس السوداني سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه. وأكدت الأطراف بحسب مشروع البيان الختامي للمؤتمر الذي حصلت عليه «الحياة» في الخرطوم قبيل الجلسة المفتوحة للمشاركين، التزامها القوي ببذل كل الجهود لضمان إجراء استفتاء سلمي وموثوق وحر في جنوب السودان ومنطقة أبيي الغنية بالنفط «بما يعكس إرادة الشعب السوداني»، كما التزمت الأطراف بالتغلب على التحديات السياسية والفنية المتبقية لضمان إجراء الاستفتاءين المتزامنين في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل. وتعهد المشاركون بدعم قوي لطرفي اتفاق السلام والتزامهم احترام نتيجة الاستفتاءين من أجل تحقيق سلام مستدام على نطاق السودان في فترة ما بعد الاستفتاءين، وأشار المشاركون إلى المماطلات في التجهيزات المتعلقة بالاستفتاءين ودعوا إلى تشكيل عاجل لمفوضية استفتاء أبيي وتسريع عمل مفوضية استفتاء جنوب السودان. ورحَّب المشاركون بالتزام طرفي اتفاق السلام حسم ترتيبات ما بعد الاستفتاء الضرورية على أساس أن ذلك يُعتبر أمراً ملِّحاً، ويشمل ذلك ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها والأمن والمواطنة وقضايا الهجرة والديون والأصول والموارد الطبيعية مع وضع إطار لحسم كل قضايا اتفاق السلام البارزة بأسلوب سلمي يحقق المنفعة المشتركة. وسلّط المشاركون الضوء على الحاجة الملحة لمساعدة جنوب السودان على تطوير قدرات الحكم وذلك لضمان مؤسسات فاعلة ومسؤولة بغض النظر عن نتيجة استفتاء الجنوب. وشدد المشاركون أيضاً على أهمية إجراء مشورات شعبية شاملة وموثوقة وفي الوقت المناسب وذلك في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وفقاً لاتفاق السلام، وتعهدوا دعم هذه العمليات. ورحبوا بالجهود المبذولة للوصول إلى حلٍّ شامل للصراع في دارفور وإعلان التوصل الى مسودة وثيقة سلام مبدئية كي تتم مناقشتها بواسطة الأطراف في الدوحة. وحضوا الحركات المسلحة التي ما زالت تمتنع عن المشاركة في عملية السلام على الانضمام الى العملية من دون شروطٍ مسبقة أو مماطلاتٍ أكثر. لكن المشاركين اعربوا عن القلق حيال الوضع الأمني في دارفور الذي يشمل الصدامات بين القوات المسلحة والمجموعات المسلحة والهجمات على موظفي عمليات حفظ السلام والعمليات الإنسانية وعلى المدنيين، وناشدوا الأطراف إيقاف العدائيات فوراً والسماح للمجموعة الإنسانية والبعثة الأممية - الأفريقية في دارفور «يوناميد» بحرية الحركة والدخول في كل أنحاء دارفور. ورحبوا بالتعهدات التي قطعتها حكومة السودان لوضع حدٍّ للحصانة والإفلات من العقاب وتقديم كل مرتكبي الجرائم إلى العدالة وحماية المدنيين في الإقليم، وأكدوا استعداد المجتمع الدولي للعمل مع الحكومة لتنفيذ هذه التعهدات في شكل فاعل. وفي تطور لافت، قال مساعد الرئيس السوداني نائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع «إن وضع السودان بعد انفصال الجنوب الحر والنزيه إذا قُدّر له، إن لم يكن أفضل مما هو عليه الآن فلن يكون أسوأ منه»، مؤكداً أن الانفصال لن يكون سلبياً على الشمال ولن يزيد السودان إلا قوة ووضوحاً. بيد أن نافع عاد واستدرك قائلاً وهو يخاطب أفراد الجالية السودانية في ماليزيا أخيراً، إن الانفصال سيكون كارثة ليس على السودان فحسب وإنما على الإقليم والعلاقات الدولية «لأنه سيكون مدعاة لمزيد من التدخل الخارجي في شؤون السودان». ورأى ايضاً انه سيكون هناك أثر سلبي على الموازنة العامة للدولة «ولكنه أثر غير معقد يمكن أن يتجاوزه السودان في مدى قريب جداً». وشدد نافع، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، على استعداد الحكومة لإجراء الاستفتاء في موعده، معرباً عن أمله بإتاحة الفرصة للوحدويين والانفصاليين لإبداء وجهتي نظرهم، ورأى أنه إذا اتيحت الفرصة المتكافئة لاستفتاء حر ونزيه فإن فرصة الوحدة ستكون أكبر بكثير من فرصة الانفصال. وأضاف انه «إذا اختار الجنوبيون الانفصال بعد ذلك فهذا أفضل بكثير من استمرار الحالة التي فيها السودان اليوم». وتابع انه لا يرى حرجاً « اذا اختار الجنوبيون الانفصال بكامل ارادتهم بعد شرح كاف لمحاسن الوحدة ومساوئ الانفصال».