أكد الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف عزمه على العودة إلى ممارسة العمل السياسي في بلاده، بعدما امضى أكثر من سنتين في منفاه الاختياري في لندن، معلناً تشكيل حزب سياسي تمهيداً لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام 2013. وفي مؤتمر صحافي عقده في هونغ كونغ على هامش مشاركته في منتدى المستثمرين السنوي، قال مشرف انه سيعلن في 1 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، تشكيل حزبه «الرابطة الإسلامية لكل باكستان»، محدداً هدفه بضرورة «ادخال ثقافة سياسية جديدة على باكستان». ويتوقع ان يعلن تشكيل الحزب في لندن، ليشكل بديلاً عن حزب «الرابطة - جناح قائد أعظم» الذي ساند مشرف خلال حكمه لكن اركانه رفضوا الانضمام إلى الرئيس السابق وتسليمه رئاسة الحزب بعد خروجه من السلطة في آب (اغسطس) 2008. وبررت مصادر في إسلام آباد ابتعاد اركان الحزب الحاكم سابقاً عن مشرف، بمخاوفهم من احتمال محاكمة الرئيس السابق، بعد عودة رموز السلطة القضائية الى مواقعهم التي عزلهم منها مشرف. واستبعد مشرف (67 سنة) احتمال ملاحقته قضائياً، وقال في مؤتمره الصحافي امس: «هناك عناصر معارضة لي، ودبرت قضايا ضدي». وتعهد مواجهة تلك العناصر، مبدياً ثقته بانه لن يلاحق لدى عودته الى البلاد. ورأى مراقبون في باكستان ان مشرف الذي كان حليفاً رئيسياً في «الحرب على الارهاب» ربما حصل على ضمانات اميركية بالضغط على السلطات الباكستانية لعدم ملاحقته، في وقت كثرت التكهنات عن تحرك محتمل للجيش للامساك بالسلطة، في ظل استياء شعبي من عجز حكومة الرئيس آصف علي زرداري عن معالجة الملفات الامنية والمعيشية. ويبدو ان مشرف يراهن على الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، باعتبار ان كثيرين في باكستان يرون ان سنوات حكمه كانت أقل ضرراً وسوءاً من إدارة الحكومة الحالية لحزب الشعب. وفي هذا الاطار، رأى مشرف ان على باكستان ان تطوي «صفحة السلالة السياسية» في اشارة الى زرداري وباقي ورثة رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو. وقال: «أنا اعارض تماماً هذا النظام حيث يتداخل الشأن العائلي بالاحزاب السياسية. ان جوهر الديموقراطية غير موجود في باكستان». وحرصت السلطة الباكستانية على اخفاء انزعاجها من خطط مشرف للعودة. وقال رئيس الحكومة يوسف رضا جيلاني أن حكومته «لا تمانع عودة مشرف فهو مواطن باكستاني له الحق في العودة إلى بلده في أي وقت يشاء». لكن جيلاني لم يتردد في الاشارة الى ان «رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري الذي حاول مشرف عزله مرتين، سيكون في انتظاره لدى عودته»، الامر الذي اعتبر تهديداً مبطناً بتعرضه لملاحقة قانونية. ورأى أحسن إقبال مسؤول الإعلام في «حزب الرابطة الاسلامية» بزعامة شريف أن «من حق الشعب الباكستاني محاسبة مشرف على تصرفاته وما قام به خلال فترة تسع سنوات من حكمه الديكتاتوري». وأضاف إقبال في حديث الى «الحياة» أن مشرف «لا يستطيع مواجهة الشعب في أي حملة انتخابية، ففي عهده وقعت أكبر مجزرة ضد أبناء المدارس خاصة الفتيات في المسجد الأحمر وجامعة حفصة في إسلام آباد وقتل فيها حسب اعتراف مشرف أكتر من أربعة آلاف طالب وطالبة، وهو ما قاد إلى مسلسل اعمال العنف الدموية والعمليات الانتحارية التي ما زالت البلاد تعاني منها». وتخوفت مصادر الجماعات المتشددة من حال من الفوضى تعم البلاد، تمهيداً لعودة مشرف، خصوصاً مع «ادعائه بوجود أعداد كبيرة من مؤيديه في كراتشي» حيث سجلت اضطرابات وتفجيرات في الاسابيع الاخيرة. ورأت المصادر ذاتها في حديث الى «الحياة» ان «واشنطن قد تشترط للموافقة على تدخل الجيش وفرض الطوارئ في باكستان، ان يعود مشرف الى القيادة، لاعتقاد الاميركيين بقدرته على تدجين الاستخبارات وتقليص تدخلها في ملفات اقليمية» مثل افغانستان.