كشف نشطاء من حمص ل «الحياة» وجود مفاوضات بين ممثلي النظام السوري وعدد من مجموعات المعارضة المسلحة في حمص وسط البلاد، تتضمن توفير «ممر آمن» لمقاتلين من المعارضة للخروج من الأحياء المحاصرة باتجاه الريف الشمالي. وكانت قوات النظام فرضت في حزيران (يونيو) 2012 حصاراً شديداً على عدد من أحياء في حمص تضم نحو 2500 مدني ما دفع السكان إلى الاقتتات من الأعشاب وأوراق الأشجار. وأدى اتفاق رعته الأممالمتحدة في بداية العام الحالي، إلى خروج عدد من المدنيين وتسليم مقاتلين أنفسهم إلى السلطات الرسمية. ويُطلق نشطاء معارضون «عاصمة الثورة» على مدينة حمص، التي تحركت بتظاهرات سلمية بعد أيام على شرارة الثورة السورية في درعا جنوب البلاد في آذار (مارس) 2011. ويقولون إن «صمودها أبقى شعلة الثورة». وتحدث نشطاء عن أوضاع معيشية صعبة يعاني منها مقاتلو المعارضة في حمص بسبب شدة الحصار، دفعتهم إلى التفكير بوسائل عدة لكسره. وقال الناشط حسام في اتصال هاتفي أمس، إن النظام استخدم طائرات الاستطلاع والقنابل الفراغية لتدمير الأنفاق التي كانت تشكل معبراً لإدخال المواد الغذائية، لافتاً إلى أن حصول «حالات ابتزاز من قبل قوات النظام، حيث يلوحون بالطعام إلى مقاتلي المعارضة لتسليم أنفسهم. الجوع كافر وقد قام بعض المقاتلين بتسليم أنفسهم». وتابع إن «آخر محاولة لفك الحصار» جرت قبل أيام، عندما قتل نحو عشرين مقاتلاً معارضاً من الكتائب المقاتلة، بينهم اثنان من قادة الكتائب، اثر انفجار عربة في أحياء حمص المحاصرة في سوق الجاج (الدجاج)، الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. وكان «مكتب حمص الإعلامي» المعارض أفاد بأن «عشرين من أبطال حمص المحاصرة قتلوا مع (حصول) عدد من الإصابات نتيجة سقوط صاروخ غراد على مستودع الذخيرة الاحتياطي الذي تم تجهيزه للقيام بعملية عسكرية ضد قوات الجيش والشبيحة من أجل فك الحصار عن المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام وعشرة أشهر». وتابع الناشط حسام أن «مفاوضات تجري بين ممثلي النظام وقادة بعض المجموعات بحيث يتم فتح طريق لخروج هذه المجموعات بسلاح عناصره الفردي إلى الريف الشمالي باتجاه الرستين وتلبيسة». وأضاف: «أمام قسوة الحصار وضيق الخيارات، يبدو أن البعض لا يجد خياراً آخر ما يعني قرب سقوط حمص بأيدي النظام. للأسف، حتى الآن لم تصدر أوامر فعلية للمجموعات في الريف الشمالي لحمص للتحرك نحو حمص المدينة أو القيام بعمل فعال على الحواجز شمال المدينة. حتى الآن لم يقدم دعم فعلي للمقاتلين الصادقين للتحرك نحو فتح طريق لحمص المحاصرة أو حتى التخفيف عنها». وأشار موقع «كلنا شركاء» إلى أن الشهرين الأخيرين شهدا قيام نحو 500 مقاتل معارض بتسليم أنفسهم في حمص كان آخرهم مجموعة تضم 38 مقاتلاً تجمعوا في مدرسة الأندلس في حي الدبلان، بسبب فشل مفاوضات «جنيف2» في تقديم أي مساعدة للمدنيين والمقاتلين في حمص. وتوقع الموقع المعارض «تسليم حمص بعد أيام قليلة بتوقيع معاهدة مثل الريف الدمشقي يتم الآن دراستها والتعديل والاتفاق على البنود الرئيسيّة فيها بحيث نضمن سلامة الشباب المقاتلين»، بحيث يخرج من يريد الخروج إلى الريف الشمالي في حمص أو الوعر. في موازاة ذلك، أفاد نشطاء بقيام النظام بتعزيز قواته في حي الغوطة بين جورة الشياح والوعر بأكثر من ألف مقاتل للضغط على مقاتلي المعارضة لتوقيع اتفاق المصالحة أو اقتحام الأحياء المحاصرة. وأشار حسام إلى أن «نقص الذخيرة وقساوة الحصار يعنيان أنه لو سلم عدد قليل من المقاتلين أنفسهم أو خرجوا من حمص لسقطت المدينة بأيدي النظام». وزاد: «إذا سقطت حمص لن تستطيع المعارضة استعادتها لأن طبيعتها الديموغرافية مختلفة عن باقي المناطق». وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قال قبل يومين إن «14 شخصاً بينهم أطفال ونساء قتلوا في حي كرم الزيتون المجاور بعد إطلاق نار عليهم من مسلحين يعتقد أنهم من عناصر اللجان الشعبية الموالية للنظام، حيث أن جميع الضحايا هم من المسلمين السنة»، ذلك بعد مقتل نحو 25 شخصاً بتفجير سيارتين في حي كرم اللوز ذي الغالبية العلوية. وقال «المرصد» إن قذيفة صاروخية سقطت أمس على مبنى العيادات الشاملة في حي كرم اللوز وأخرى قرب دير المخلص في حي العدوية ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن ثمانية جرحى بينهم 5 أطفال، في وقت قتل رجل من حي باباعمرو داخل سجون القوات النظامية. وقتل رجل من مدينة تلبيسة متأثراً بجروح أصيب بها جراء قصف القوات النظامية على المدينة في وقت سابق. وقصفت القوات النظامية أمس مناطق في مدينة تلبيسة والغنطو حيث يفترض أن تكون ممرات خروج مقاتلي المعارضة. وكتبت شبكة إخبارية موالية أن القوات النظامية «استهدفت بصاروخين أرض - أرض المستشفى الوطني في حمص، الذي يشكل مركزاً لمقاتلي المعارضة»، لافتاً إلى مواجهات في «جبهة» حي باب هود.