شنت قوات النظام السوري أمس هجوماً كبيراً على مقاتلي المعارضة من جهات حمص الاربع للسيطرة الكاملة على «عاصمة الثورة» وتعزيز تأمين محور يربط العاصمة دمشق بالساحل السوري وفصلها عن ريف مدينة حماة الفاصل مع المنطقة الشمالية. وفي المقابل، قصف النظام بالصواريخ حياً في مدينة حلب وقال شهود عيان ان الصاروخ أُطلق من حي مساكن السبيل و»تسبب بدمار كبير»، مشيرين الى انها المرة الاولى التي «تستخدم فيها الصواريخ في قلب المدينة أي من حي لتضرب حياً آخر. واستمرت المواجهات في الطرف الشمالي لدمشق لعزلها عن خطوط الامداد وسط حديث عن تحقيق المعارضة مكاسب عسكرية في الجنوب. ويأتي هذا الهجوم لقوات النظام بعدما حققت بدعم من مقاتلي «حزب الله» سيطرة كاملة على مدينتي القصير وتلكلخ قرب حدود لبنان واقتحمت قبل يومين مدينة القريتين المجاورة. وقالت وكالة «رويترز» ان «هذه المكاسب العسكرية عززت سيطرة نظام (الرئيس بشار) الأسد على ممر يمتد من العاصمة دمشق عبر حمص إلى معقل الطائفة العلوية في الجبال المطلة على البحر المتوسط». واستخدمت قوات النظام كل الأسلحة من الطائرات الحربية والدبابات وراجمات الصواريخ لتوفير غطاء ناري لدى اقتحامها الأحياء المحاصرة في حمص مع قطعها الاتصالات عن المدينة وعزلها عن العالم. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» بأن طائرات حربية شنت غارتين متتاليتين بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي «غير مسبوق تركز على أحياء الخالدية وباب هود والحميدية وبستان الديوان أدى إلى دمار مبانٍ عدة». ووردت أنباء عن استقدام القوات النظامية تعزيزات عسكرية إلى محور المناطق المحاصرة الأسبوع الماضي. وقطعت الاتصالات عن غالبية المدينة. واندلعت النيران في أجزاء من مسجد خالد بن الوليد في حي الخالدية جراء القصف حيث دارت اشتباكات عنيفة. وخلال عملية الاقتحام، اندلعت مواجهات في محور أحياء الخالدية والصفصافة ووادي السايح وباب هود وجورة الشياح، ودمر المقاتلون دبابة تابعة للقوات النظامية في حي باب الدريب من جهة جامع جعفر الطيار، إثر محاولة القوات النظامية التسلل إلى الحي. وقال مصدر امني ل «فرانس برس» ان قوات النظام شنت حملة لمحاولة السيطرة على أحياء محاصرة في وسط مدينة حمص التي تعتبرها المعارضة «عاصمة الثورة». وأضاف ان «العمليات العسكرية لم تتوقف في أحياء حمص، وتزداد وتيرتها وفق الاولوية والأهمية لتنظيف أحياء في المدينة كأجزاء من الخالدية والحميدية وحمص القديمة»، مشيراً الى ان الجيش السوري «يحرز تقدماً على كل الجبهات وفق وتيرات مختلفة ضمن المدينة والأزقة الضيقة». وأضاف «قد يكون التقدم بطيئاً، لكنه موجود»، مذكراً بأن القوات النظامية سيطرت قبل ايام على منطقة القريتين الواقعة جنوب شرقي مدينة حمص. وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبدالرحمن ل «فرانس برس» ان قوات النظام «تحاول فصل ريف محافظة حماة الجنوبي عن الريف الشمالي لمحافظة حمص، تمهيداً لقطع الامدادات بين المحافظتين، والسيطرة على شمال محافظة حمص». وقال ناشط يستخدم اسم ابو محمد «القوات الحكومية تحاول اقتحام حمص من كل الجبهات». وكان نشطاء بعثوا رسالة الى «الائتلاف الوطني» المعارض و»الجيش الحر» محذرين من «تمهيد الطريق لسقوط سريع ومدو لحمص في شكل كامل» في ايدي القوات النظامية اتي تسعى «منذ اللحظة الأولى إلى تنفيذ مخططها التقسيمي الطائفي». وتزامن ذلك مع مواصلة القوات النظامية عملياتها الجوية والبرية لمحاولة السيطرة على حيي القابون وبرزة البلد في الطرف الشمالي لدمشق بهدف فصل العاصمة عن خطوط الامداد في الغوطة الشرقية وباقي المناطق السورية. واندلعت مواجهات في حي برزة إثر محاولة للقوات النظامية اقتحام الحي من جهة «مستشفى تشرين العسكري»، فيما قصفت قوات النظام حي القابون المجاور في الطرف الشمالي للعاصمة وسقطت قذائف على «معمل الصابون» في الحي. وسُجل امس تجدد الاشتباكات في اطراف مدينة معضمية الشام بين دمشق والجولان رافقها سقوط قذائف من جانب القوات النظامية على المدينة. وفي جنوب البلاد، قال نشطاء ان المعارضة سيطرت على نقاط عسكرية اضافية قرب حدود الاردن بعد اقتحامها اول امس حاجز البنايات في درعا وقتُل مقاتل من الكتائب المقاتلة في اشتباكات مع القوات النظامية في المدينة. وتعرضت المناطق المحيطة بحاجز الفرقة الحزبية في وسط مدينة غباغب، لإطلاق نار من جانب عناصر القوات النظامية المتمركزة على الحاجز. واستمرت امس جهود التهدئة في المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي البلاد. وقال رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم ل»الحياة» ان قوات الحماية الشعبية التابعة ل «مجلس غرب كردستان» فرضت حظراً للتجول على مدينة عامودا في ريف الحسكة في شمال شرقي البلاد ووضعتها تحت الحماية العسكرية لمنع مقاتلي «اللواء 313» من السيطرة عليها، متهما بعض الاكراد بتضخيم الموضوع ل «التحريض» ضد «الاتحاد الديموقراطي». وزاد ان اتصالات تجرى على المستويين المحلي والسياسي ل «حل الاشكالات» وإعادة الهدوء. وفي بغداد، علمت «الحياة» أن كتائب «حزب الله - تنظيم العراق» تواصل إرسال متطوعين إلى سورية للقتال إلى جانب قوات النظام، فيما توقفت تنظيمات أخرى عن ذلك، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن عدداً منهم يخضع لتدريب في إيران قبل سفره إلى سورية. وأكدت مصادر أخرى ل «الحياة» عدم تدفق مقاتلين عراقيين سنة إلى الأراضي السورية بسبب إجراءات الجيش المشددة المفروضة في محافظتي الأنبار ونينوى المجاورتين لحدود سورية. في وقت أكد عضو سابق في ميليشيا شيعية في محافظة البصرة أن عملية إرسال المقاتلين تجري من خلال ميليشيات «وليس بتنسيق وتعاون مع الحكومة» العراقية.