اتهم الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم في الجزائر عمار سعداني (يتزعمه فخرياً الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة)، مسؤول جهاز الاستخبارات السابق الفريق محمد مدين (توفيق) بالوقوف وراء تأجيج الفوضى العرقية في غرداية وأحداث أخرى في محافظات جنوبية (ورقلة وتقرت). واستعمل سعداني خطاباً ظل محظوراً على الموالين للسلطة باتهامه رئيس جهاز الاستخبارات السابق بأنه «رأس حربة ضباط فرنسا في الجزائر». وشن سعداني في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، بعد 4 أشهر من الغياب، هجوماً عنيفاً على الجنرال «توفيق» الذي حمّله رفقة من وصفهم ب «ضباط فرنسا» مسؤولية الأزمة التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي. وقال أن الجنرال «توفيق» قاد حملة في الفترة الأخيرة للإطاحة به من على رأس الحزب الحاكم. واتهم سعداني، رئيس جهاز الاستخبارات السابق، بالوقوف خلف «الانقلاب» على «جبهة التحرير الوطني» في بداية التسعينات «وحبس الكوادر وتخويف الجزائريين»، مضيفاً: «نملك الدليل على ذلك». وتقترب هذه التهمة من حديث ناشطين إسلاميين كانوا يتهمون «جنرالات الجيش» بسجن الآلاف من المتعاطفين مع «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في العام 1992. لكن التهم الكبرى، التي وجهها سعداني للجنرال «توفيق» كانت حول قضايا شهدتها الجزائر في السنوات الخمس الأخيرة، وشكلت أزمات كبيرة للحكومة، وخلقت نقاشات واسعة حول مسألة «الهوية»، فاتهمه بالوقوف وراء أحداث «غرداية» وهي أعمال شغب كبيرة تكررت لسنوات بين عرب وأمازيغ، لكنها هدأت منذ تولي الجيش المراقبة في المنطقة تحت قيادة جنرال مقرب من قائد الأركان الحالي الفريق أحمد قايد صالح. وقال سعداني أن قائد الاستخبارات السابق «أرسل رشيد نكاز للتشويش على الانتخابات الرئاسية الأخيرة». ونكاز ناشط سياسي يعيش في فرنسا ترشح للرئاسة لكنه ادعى اختفاء ملف الترشح عند مدخل المجلس الدستوري. وتابع سعداني أن «الحراز» (مصطلح شعبي يعني العرّاف كاتب التمائم، ويعني به هنا الجنرال توفيق) هو «مَن جلب نكاز وأرسله إلى غرداية وورقلة وتقرت» لإثارة الفتن والفوضى، مضيفاً أن «لا أحد يملك الشجاعة لقول هذا ونحن نقوله». وأضاف سعداني أن الجنرال توفيق «فقد كل شيء وهو يلعب الآن أوراقه الأخيرة». وكان بوتفليقة أقال «توفيق» في أيلول (سبتمبر) 2015. ولم يسلم رئيس الحكومة السابق عبدالعزيز بلخادم من هجوم سعداني، إذ وصفه ب «مناضل فرنسا» في «حزب جبهة التحرير الوطني»، وذهب إلى حد القول أن أسرة بلخادم كانت في صف المحتل أثناء الثورة الجزائرية. كما اتهم بلخادم باستعمال «الزندقة والمال والدروشة» عندما كان على رأس حزب جبهة التحرير. في المقابل، شدد الأمين العام للحزب الحاكم على أن الفضل في عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد يعود للرئيس بوتفليقة، مضيفاً أن «الجزائر بخير ومَن لا يرى ذلك فعليه بالذهاب إلى القرى والمداشر لمعرفة الحقيقة».