دعا مشاركون في ورشة عمل «الحوار بين الثقافات والإعلام» إلى التعايش الدائم بين الثقافات وتفعيل البرامج الثقافية، التي من شأنها أن تزيد من أواصر العمل الثقافي والإعلاء من قيم المشتركات الإنسانية، وذلك بمشاركة أكثر من 60 خبيراً إعلامياً وصحافياً. وأكد المشاركون أهمية التركيز على تحديث القيم الأساسية لغرف الأخبار من أجل إيجاد وسائل تواصل إعلامي وتربوي تهدف إلى بناء الإنسان، ولعب دور في تحفيز الناس إلى أن يكونوا فاعلين أكثر وملتزمين بالتعايش ومواجهة الكراهية وتقبّل المشترك، لأن الإعلام هو قوة مهمة للتخفيف من أسباب النزاع. جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أمس (الأربعاء) بالتعاون بين أكاديمية الحوار للتدريب التابعة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومكتب «يونيسكو» الإقليمي في بيروت، حول «الحوار بين الثقافات والإعلام» بعنوان: «تطوير الأدلة الإجرائية لحقيبة الحوار الإعلامي»، وذلك بمقر المركز في مدينة الرياض. وحوت الجلسة الافتتاحية كلمة الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر، ركز فيها على الدور الحواري الذي يقوم به مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ودور الحوار بين الثقافات في تأكيد مبادئ التعايش والتواصل الفكري والمعرفي الإنساني، ودوره الأهم في الحد من التنافر والصراعات، مشيراً إلى تجربة المركز الحوارية واستلهامه قيم الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، وتأكيده في مختلف لقاءاته على تعزيز التلاحم الوطني، وكذلك الوعي المجتمعي من خلال العمل على حماية النسيج المجتمعي، وترسيخ قيم التنوع والتعايش والتلاحم الوطني. في حين نوه مدير مكتب «يونيسكو» الإقليمي للتربية في الدول العربية الدكتور حمد الهمامي بدور منظمة «يونيسكو» في التأكيد على قيم الثقافة في العالم واحترامها للتنوع والتعدد الثقافي، مؤكداً على دور الإعلام في بناء القيم والتنمية بصورتها الشاملة، فضلاً على محاربة التعصب والتطرف والحد من الصراعات. وأوضح أن «يونيسكو» تعول على الإعلام في إبراز التنوع الثقافي والعرقي والمذهبي من دون انحياز أو تقليل من حرية الصحافة في التعبير عن هذا التنوع وتعزيز قيم السلام والتسامح. وأشار الهمامي إلى قيام «يونيسكو» بتنفيذ برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لثقافة السلام والحوار «حاور»، من خلال عقد ورش عمل لبناء القدرات وندوات حوارية، والتعاون مع الجامعات ومنظمات المجتمع المدني في إقامة برامج تدريبية متخصصة في الحوار، وتدارك النزاعات والاستثمار في التعليم، ومواجهة التطرف وتوعية الشباب ووقايتهم منه، إضافة إلى الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة من كل بلد عربي، ومحاولة الاستفادة منها وإتاحة فرص جديدة للحوار والفهم المتبادل، وذلك لأجل تحقيق أهداف البرنامج الثقافي. وتضمنت الجلسة الافتتاحية كذلك عرضاً مختصراً عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ودوره الرئيس في تعزيز ثقافة وقيم الحوار، وعن توجهاته المستقبلية في البرامج المجتمعية والإعلام، قدمه نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور فهد السلطان. كما قدم الأخصائي الإقليمي للتربية الأساسية في الدول العربية الدكتور حجازي إدريس عرضاً مختصراً عن منظمة «يونيسكو» ودورها في الدول العربية، وتحدث عن رسالة المنظمة في الإسهام في بناء السلام والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، وإقامة حوار بين الثقافات من خلال التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات، مشيراً إلى أن «يونيسكو» تعمل على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الثقافات والإسهام في بلوغ أهداف التنمية المستدامة، كما قدم فكرة واضحة عن عمل مكتب «يونيسكو» في الدول العربية، وعن القضايا والمواضيع الرئيسة التي يعمل من أجلها في الدول العربية، وأهمها دعم التربية والمعلمين وتطوير قدرات الدول العربية في التعليم والثقافة وبناء الأفكار والتعاون البيني في مجال السياسات والتخطيط التربوي، وبناء شبكات ومنتديات للحوار بين الشباب والإعلام، وتعزيز السلام والمحافظة على التراث الثقافي ورصد ومحاربة انتهاك حرية الصحافة. وأعقبت الجلسة الافتتاحية ثلاث جلسات دارت حول نحو مبادئ توجيهية للحوار بين الثقافات والإعلام، والحوار بين الثقافات في غرفة الأخبار، والحوار بين الثقافات في إعداد التقارير الصحافية، وتحدثت ميسون شهاب من مكتب «يونيسكو» في بيروت خلال الجلسة الأولى للملتقى عن أهداف الورشة المتمثلة في إطلاق حوار ونقاش حول موضوع المبادئ التوجيهية للإعلام حول الحوار بين الثقافات، ومناقشة الإمكانات المهمة للإعلام، باعتبارها منصة للحوار ووسيلة للتفاهم، وتعزيز بنية إقليمية لدعم الإعلام لتعزيز ثقافة الحوار في الدول العربية، بجانب مشاركة الخبرات والمبادرات الناجحة والموجودة التي أسهمت في تعزيز ثقافة الحوار من خلال وسائل الإعلام، وبشكل خاص في الأوساط الشبابية، إضافة إلى اقتراح مبادرات وتوصيات ل«يونيسكو» لتعزيز المبادئ التوجيهية المقترحة وتعميمها. ومن أبرز المشاركين في الورشة مندوب المملكة الدائم في «يونيسكو» الدكتور زياد الدريس، ومستشار «يونيسكو» لبرنامج الحوار بين الثقافات الدكتور سليم الصايغ، وأستاذ الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الأسبق عبدالرحمن الهزاع، ووكيل أول نقابة الصحافيين المصريين والأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب خالد عبدالرحمن، إضافة إلى عدد من الكتاب والإعلاميين والصحافيين ورؤساء التحرير وخبراء الإعلام ممن يعملون في مجال الإعلام بالمنطقة العربية ويسعون لاقتراح مبادرات وتوصيات لتعزيز ثقافة الحوار في وسائل الإعلام بالمجتمعات العربية. وتحدث المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة «يونيسكو» زياد الدريس، مؤكداً أن الإعلام اليوم هو الأكثر تأثيراً في موضوع التطرف، لافتاً إلى أن الإعلام قادر على أن يؤجج خطاب العنف، وهذه اللغة الحادة والعنيفة تبيع أكثر، وبالتالي يصبح الإعلام شريكاً في تصعيد خطاب الكراهية. وتناول الصايغ حرية التعبير، باعتباره مبدأ مطلقاً، تؤكد عليه «يونيسكو» والأممالمتحدة، وتمكين المواطن للمشاركة في القرارات الوطنية، وصولاً إلى «الحوكمة الرشيدة» وإيجاد وسائل تواصل إعلامي وتربوي تهدف إلى بناء الإنسان، مشيراً إلى العلاقة بين التعبير وحقوق الإنسان، وإلى أن هناك تحديات في وقت السلم ووقت الأزمات تواجه الإنسان، وعندما يريد الإعلام أن يتدخل في بناء المجتمع ولعب دور في تحفيز الناس إلى أن يكونوا فاعلين أكثر فإن هذا الدور يتمثل في «الخبر»، وما هو الخبر؟ وماذا يشكل؟ هل هو نشاط عالمي؟ ومن يصنع الخبر؟ ودعا المستشار الصايغ إلى تمكين الإعلاميين للحوار بين الثقافات وتطوير الكفاءات، للتأقلم والالتزام بالتعايش ومواجهة الكراهية وتقبل المشترك، والتركيز على تحديث القيم الأساسية للأخبار، لأن الإعلام هو قوة مهمة للتخفيف من أسباب النزاع. وتدور جلسات اليوم (الخميس) حول الحوار بين الثقافات في البرامج، ودور الإعلام الديني في نشر ثقافة الحوار بين الثقافات، ومناقشة مفتوحة حول المبادئ التوجيهية للحوار بين الثقافات والإعلام في الدول العربية.