بلغ عدد المشتركين في شبكة «فايسبوك» الاجتماعية 500 مليون مشترك. وعلى هذا، يلاحظ اختصاصيو التكنولوجيا الحديثة، يحل «سكان» الشبكة المرتبة الثالثة من ترتيب أعداد السكان في بلدان العالم، بعد الصين (1340 مليون) والهند (1200 مليون) ولا تخلو المقارنة من مبالغة، و «فايسبوك» منصة افتراضية يسع أهل الإنترنت من طريقها التعريف بأنفسهم تعريفاً جانبياً (بروفيل)، وعقد روابط بين التعريفات هذه. وحمل فشو الظاهرة هوليوود على تناولها بفيلم «الشبكة الاجتماعية». وأنشأ المنصة أو الإطار مارك زوكيربي، في 2004، وكان يومها لا يزال طالباً بهارفرد ولما يبلغ عامه العشرين. وسبقت «ماي سبايس» و «لاست أف أم» أو «اوركوث»، وقبلها «فراندستير» المنصة الجديدة بعام أو عامين. الوحيد الباقي، «ماي سبايس»، يتخلف في السباق، وخسر نصف جمهوره في الأشهر الستة الأخيرة. والسبب في تقدم «فايسبوك» على المنافسين، على ما يرى فينشينزو كوسينزا مدير الوكالة الإيطالية «ديجيتل PR»، قصره بلوغ المستعمل العادي خدمات كانت وقفاً على الاختصاصيين، مثل الألعاب والبريد الإلكتروني والمحادثة، على عدد قليل من النقرات، واختصار النقرات. والخدمات هذه مجانية. وهي شاعت اولاً في أوساط الطلاب، وأتاحت لهم مراسلة بعضهم بعضاً، قبل ان تشيع في أوساط غير الطلاب من المكتهلين، ثم في البلدان غير الغربية. واقترحت المنصة برامج تصل الأطر المعلوماتية بشبكتها. ووسع المستعملين المشتركين، من هذه الطريق، تخصيص التعريفات أو تقوية روابطهم بعضهم ببعض. فطبعت على سبيل المثل، لوائح تفضيل، ونظمت ألعاباً شبكية. ونزحت «فايسبوك» الى الهواتف النقالة (الخلوية) الذكية. وهي أول ما يحمّله اصحاب هذه الهواتف. ويتوقع ان يفوق استعمال الهواتف («سمارتفون») باباً على الإنترنت استعمال الحواسيب، في غضون أعوام قليلة. والحق ان تعاظم عدد المشتركين تلقائي وآلي وطردي: فالزيادة في عدد هؤلاء تجر الى الاستزادة، وإلى الانخراط في جماعة المشتركين. وعلى هذا، قد يبلغ عدد هؤلاء البليون. وليس الأمر يسيراً، فعدد المشتركين في البلدان المتقدمة يشهد تباطؤاً ملموساً. والبلدان التي لم «تستعمرها» المنصة، مثل روسيا أو البرازيل أو الشرق الأوسط، تؤدي شبكات محلية، «سي في كونتاكت» و «أودنو كلاسنيكي» الروسيتان و «اوركوت» البرازيلية و «مكتوب» الشرق أوسطية، الخدمات التي تتولاها «فايسبوك». وبعض البلدان تتعمد حماية شبكاتها الوطنية، شأن كوريا حيث تغلب «سايورلد» واليابان مع «ميكسي». وتحول الرقابة في فيتنام والصين دون استتباب الأمر ل «فايسبوك». وحماية الخصوصية الحميمة ضعيفة على المنصة. فهي تدعو أهل الإنترنت الى إعلان سنهم وجنسهم وإقامتهم حين تدوين اشتراكهم. وفي المراسلات مع «الأصدقاء» تعمم المنصة ما كشفه المشتركون على الشبكة الاجتماعية. ويجتمع من هذا كنز من المعطيات الشخصية والخاصة تبيعه الشبكة من المعلنين الحريصين على تصويب إعلانهم نحو دوائر دقيقة التعريف. ويبدو ان النموذج الإعلاني بدأ يثمر عوائد ترفض الشركة الكشف عنها. وقد تتخطى الأرباح عتبة البليون دولار في السنة، هذه السنة (2010). وحاجز الحياة الشخصية لا يعوق انتشار الشبكة. فالمشتركون يميلون الى الخوض فيها حين تواصلهم، على خلاف ما يعلنون حين يسألون. وبعض المشتركين يقطع اشتراكه. ولكن كثافة الروابط وتشعبها يحولان دون انفراطها. فهل «غوغل» مصدر خطر يتهدد «فايسبوك»؟ هذا ما يسعى فيه محرك البحث ويريده. * صحافيتان، عن «لوموند» الفرنسية، 24/7/2010، إعداد وضاح شرارة