ابتهاجاً بذكرى مرور 3 قرون على إقامة الدولة السعودية.. اقتصاديون وخبراء: التأسيس.. صنع أعظم قصة نجاح في العالم    يوم التأسيس.. فخر وإعتزاز عبر التاريخ    مذكرة تعاون عربية برلمانية    السعودية محط أنظار العالم    «فن تكريس السعودية»    رونالدو: تشرفت بلقاء ولي العهد.. وحضور منافسات كأس السعودية    " فوريفر يونق" يظفر بكأس السعودية بعد مواجهة ملحمية مع "رومانتيك واريور"    ريمونتادا «تاريخية»    جدة التاريخية تحتفي بيوم التأسيس وتحتضن فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة    الملك يوجه بإطلاق أسماء الأئمة والملوك على عدد من ميادين الرياض    في ذكرى «يوم بدينا».. الوطن يتوشح بالأخضر    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    جيسوس يُبرر معاناة الهلال في الكلاسيكو    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الفوز على الهلال    الوسيط العالمي الموثوق به    الرافع للرياض : يوم التأسيس تاريخ عريق    نهج راسخ    بدعوة كريمة من ولي العهد.. لقاء أخوي تشاوري في الرياض    "نيوم للهيدروجين الأخضر" تبني إرثاً مستداماً باستغلال موارد المملكة التي لا تنضب    النفط يسجل خسارة أسبوعية مع تلاشي المخاطر في الشرق الأوسط    رقمنة الإعلام    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    في افتتاح كأس قدامى الخليج.. الأخضر يتعادل سلبيًا مع البحرين    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    أمانة تبوك تنفذ فعاليات متنوعة إحتفاء بيوم التأسيس    فجر صناعة السيارات في السعودية    بنزيما: الاتحاد ليس قريبا من لقب الدوري    الأحساء.. الاقتصاد المستدام والفرص الواعدة !    افتح يا سمسم.. أُسطورة الآتي..    «الفترة الانتقالية» في حالات الانقلاب السياسي.. !    لقاء الرياض.. رسالة وحدة في زمن التحديات    محطات الوطن حاضرة في تبوك    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    أهالي القصيم يعبّرون عن فرحتهم بالملابس التراثية    «الداخلية» تطلق مبادرة «مكان التاريخ»    125 متسابقاً يتنافسون على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن.. غداً    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    سفير الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم التأسيس    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينجح في زراعة منظم ضربات القلب اللاسلكي AVEIRTM️ الحديث ل"ثمانيني"    الحياة رحلة ورفقة    رفض تام لتهجير أهل غزة وتحرك برلماني عربي دولي لوأد مقترح ترمب    منيرة آل غالب إلى رحمة الله    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    العز والعزوة.. فخر وانتماء    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    «ذكرى التأسيس» تجسد عمق الهوية الوطنية والتراث العريق    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاشية الإسرائيلية تخلق نقائضها
نشر في الحياة يوم 25 - 06 - 2016

يبدو أن حائط الدعم الذي كان يسند الحكومة الإسرائيلية، آخذ بالانهيار تدريجاً، فمنذ تصريحات نائب رئيس الأركان يائير غولان، في ذكرى الهولوكوست، وتشبيهه ما يجري في إسرائيل اليوم من تصاعد للفاشية والعنصرية، بما جرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية في ألمانيا النازية، من صعود الهتلرية ونزعاتها الفاشية التي لم تكن لتخفى على كل عين بصيرة وعقل نافذ، ومنذ صعود اليمين الليكودي في انتخابات الكنيست التاسعة في أيار (مايو) 1977، والنزعات الفاشية بقيت تعتمل طوال الأربعين عاماً الماضية، وظلت تتمظهر وتطل بين الحين والآخر بأشكال أجادتها مكونات الحركة الصهيونية بكامل اتجاهاتها وتوجهاتها، أيما إجادة، وصولاً إلى النكران وغض النظر عن جرائم كانت حتى وقت قريب يغلفها الصمت والنسيان، من دون أن تجد من يفضحها أو يدينها من بين الإسرائيليين أنفسهم.
ومنذ أن بدأت موجة المؤرخين الجدد تكشف فظائع العصابات الصهيونية ضد أهل البلاد الأصليين، وإلى يومنا هذا، بدأت ترتفع أصوات العديد من المثقفين والسياسيين وأصحاب مهن وأكاديميين، ومؤخراً عسكريين، سئموا حالة الإنكار والصمت وكي الوعي، وآثروا أن ينطقوا، لعل حالة النطق تنقلهم إلى نوع من استعادة توازن إنساني، يستعيدون من خلالها بعض إنسانيتهم التي أهدرتها الأيديولوجية الصهيونية التي لا يمكنها أن تكون ديموقراطية، بقدر ما هي عنصرية بطبيعتها وفاشية بطبعها، وهي لا تألو جهداً للتمييز حتى بين أبناء الديانة اليهودية ذاتها. وإسرائيل الصهيونية اليهودية، هي كل هذا، وحين تكف عن هذا كله، لا تعود هي ذاتها.
وعلى طريقة «يهود ضد يهود» يوم خيضت صراعات عنيفة في سنوات مضت، بين علمانيين ومتدينين يهود، فما نشهده اليوم في إسرائيل «يمين ضد يمين» مع إضافة لمحات فاشية واضحة لدى بعض اليمين العنصري، حيث يرى المعلق الأميركي توماس فريدمان استناداً إلى معلقين إسرائيليين، أن الحكومة التي تضم ليبرمان وحزبه إلى صفوفها، هي الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل. وهناك من يرى أن إسرائيل بدأت تقاتل نفسها. ووفق موشيه هولبرتال، أستاذ فلسفة الأديان في الجامعة العبرية، فإننا نشاهد «تحول الحزب الحاكم في إسرائيل من حزب وطني متشدد (صقوري) كان يحظى بقاعدة إنسانية وديموقراطية (!) إلى حزب في غاية التطرف، همه الأول ملاحقة العدو من الداخل، أي المحاكم والمنظمات غير الحكومية والنظام التعليمي والأقلية العربية والجيش، وأي شخص يقف أمام مشروع الاحتلال الدائم في الضفة الغربية. وبعد أن فشل الليكود بالتوصل الى حل مع أعداء الخارج، فإنه يركز على أعداء الداخل. وهو تحول كبير في إسرائيل يجب التعامل معه بقلق عظيم». ويقول هولبرتال إن «الجيش يحاول التعالي على حرب الجميع ضد الجميع، ويحاول فرض نظام أخلاقي على الفوضى بدلاً من إشعالها خدمة لمكاسب سياسية ضيقة».
في هذا الخضم، بدأت العديد من العناصر النافرة، الخارجة من القمقم الصهيوني، والداعية إلى عدم الثقة بالمؤسسة الرسمية الحاكمة، والتفكير بصوت عال من أجل مستقبل إسرائيل، وتجد الخلاص بالهجرة من أرض السمن والعسل، ومغادرة «أرض الميعاد» التي لم تستطع بلورة شعب موحد أو مجتمع منسجم، وبالتالي لا مجال لبروز دولة/أمة في ثنايا التجمع والتجميع الاستيطاني الكولونيالي ليهود من كل أقطار وبلدان العالم، يحاولون جاهدين التأقلم والاستقرار فوق أرض لا تمنحهم الأمان، ووسط شعب (ولو ما تبقى منه أقلية) لا يستطيع سوى أن يقاوم هجمات الاستيطان الكولونيالي لمصادرة أرضه واحتلال وطنه.
وعلى رغم عدم قلق مؤسسة الجيش من تعيين ليبرمان، وموقف الأخير «المزدري» للمؤسسة العسكرية، إلا أن ما يخيف هو النزعة الفاشية التي جعلت رئيس الوزراء السابق إيهود باراك يقرع جرس التحذير. ووفق عاموس هرئيل، فإن المخاوف، لم تعد منحصرة بالقيادات العسكرية، مثل يعلون وباراك ووزير الدفاع السابق موشيه أرينز، بل في صفوف الرأي العام.
وفي هذا السياق، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة، تواصل ردود فعل واسعة لدى الرأي العام الإسرائيلي، وإضافة إلى مواقف موشيه يعلون التي أحرجته فأخرجته من الحكومة، وتصريحات يائير غولان وغيرها العديد من مواقف العسكريين الإسرائيليين، ومن ذلك أن مجموعة مكونة من حوالى مئتي ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي والاستخبارات، أقدمت على انتقاد حكومة نتنياهو لعدم اتخاذها إجراءات لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وأصدرت المجموعة خطة مفصلة وصفتها بأنها قادرة على وضع حد للأزمة.
تدعو الخطة التي وضعتها هذه المجموعة من الضباط التي تعرف باسم «قادة من أجل أمن إسرائيل»، إلى انسحاب إسرائيلي أوسع من الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب 1967، وإلى السماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم. وانتقد رئيس المجموعة، أمنون ريشيف، «المروجين للخوف» الذين يقولون، إنه لا يوجد شريك فلسطيني للسلام.
تلك بعض ردود فعل على عنصرية وفاشية مجتمع كولونيالي، لا يرى الآخر إلا من منظور العداء له، واستعداء الذات على الذات، عبر الرؤية «المركزية البيضاء» التي لا تنظر إلى اليهودي الشرقي الأسمر أو الملون أو الأسود، إلا نظرة استعلائية، وبتقزز واضح، وبعنصرية لا تقل عن عنصرية الأشكنازي الغربي ضد السفاردي الشرقي، وهي لا تقل عنصرية وعدائية ضد الفلسطيني أو العربي. وقد تخطت عنصرية الإسرائيليين بشموليتها، بل ناقضت كل حدود الاعتراف بالآخر وبغيريته واختلافه، في حين أن الفاشية وقد بلغت ذراها، فصار لزاماً عليها، ومن طبيعتها أن ترى الجميع نسخة طبق الأصل، انعكاساً لمعيارية يجب أن تسود، في مجتمع يتحول إلى أسوأ ما في انحطاط الغرائز لدى البشر.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.