لفتت جولات يومية يقوم بها قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إلى المناطق العسكرية، انتباه محللين أمنيين، وصفوها بالاستباقية «خشية انتقام إرهابيين في الجوار». ويجول قائد الجيش منذ أشهر على الوحدات العسكرية في المحافظات الجنوبية في شكل يومي ودرج على إطلاق تصريحات تدعو إلى اليقظة المستمرة. ودعا قايد صالح من الناحية العسكرية الخامسة في قسنطينة (شرق) قادة الوحدات العسكرية إلى مضاعفة المراقبة الأمنية في البلاد، تحسباً لأي هجوم إرهابي محتمل من قبل تنظيمات إرهابية بعد الخسائر التي تكبدتها على يد الجيش الجزائري. ورأى مراقبون أن تعليمات قايد صالح قد تكون نابعة من معلومات مؤكدة لدى السلطات بوجود مخطط يستهدف بعض الأهداف الحساسة في البلاد، بخاصة أن أخطر تنظيمين تخشاهما الجزائر، هما «داعش» و «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، اللذين حاولا مراراً إرسال مقاتلين من ليبيا ومالي إلى الجزائر لتنفيذ مهمات لا تُعرف طبيعتها. واجتمع رئيس أركان الجيش، بقائد الناحية العسكرية الخامسة في قسنطينة اللواء عمار عثامنية وقادة القطاعات العسكرية وقادة الوحدات الكبرى وممثلي المصالح الأمنية، حيث تابع عرضاً شاملاً حول الوضع الأمني، قدمه نائب قائد الناحية. ونُقل عن الاجتماع تركيز القادة على المنطقة الحدودية مع تونس، وطبيعة التنسيق مع السلطات العسكرية في ذلك البلد الجار. ونُقل عن أحد القادة قوله إن «الجيش قطع شريان الحياة بين إرهابيي الجزائروتونس». وكثّف الجيش الجزائري خلال الفترة الماضية حملات الدهم التي أدت إلى اعتقال وتصفية عشرات الإرهابيين، إذ قتل الجيش حوالى 64 مسلحاً منذ مطلع العام، لكن هذه الأرقام التي تصفها الحكومة بغير المسبوقة، لا تخفي توجس قادة الجيش من «عمليات استعراضية» قد ترمي بجهود العسكر عرض الحائط. ولم تنفذ الجماعات الإرهابية منذ أشهر طويلة أي عملية ضد عسكريين أو مدنيين، وتوقع أمنيون أن تستأنف تلك الجماعات نشاطها في شهر رمضان الجاري. وهو توقيت تعودت استغلاله لتنفيذ هجمات أو جمع «الزكاة» في مناطق غابية. وبعدما كانت معظم العمليات الأمنية تتم في صمت رسمي تام، أصبح الجيش الجزائري حريصاً على إطلاع مواطنيه على عملياته التي لا يمر يوم خالٍ منها. وينشر الجيش معلوماته على مواقعه الإلكترونية، في خطوة يرى مراقبون أن هدفها بث الطمأنينة في نفوس الجزائريين. على صعيد آخر، أطلقت السلطات الجزائرية، سراح 7 ناشطين من حركة «الماك» الانفصالية (حركة استقلال منطقة القبائل)، بعد اعتقال عشرات منهم إثر اشتباكات شهدتها بلدة في محافظة تيزي وزو (110 كيلومترات شرق العاصمة) مع عناصر قوات حفظ الأمن عقب تدخل هذه الأخيرة لمنع تجمع دعت إليه الحركة. ولا يزال الوضع حذراً في المنطقة بسبب الأحداث التي تشهدها البلدة منذ ليل ال14 من الشهر الجاري، وهو تاريخ يرمز لذكرى «الربيع الأسود» حينما زحف مئات الآلاف من الغاضبين من منطقة القبائل في اتجاه العاصمة، واشتبكوا مع قوات الأمن ما خلف عشرات القتلى والجرحى. وبرمج أنصار حركة «الماك» تجمعاً في وسط مدينة «الأربعاء ناثي إيراثن»، بمناسبة مرور 15 سنة على تلك المسيرة.